ليس عميلا بل مستعمل


يحامي البعض عن قناعاته ويحشد ما يجوز وما لايجوز في معركة قد تبدو واقعية لكنها لا وجود لها الا في إفتراض نشأ مع نشوء الشخصيات الثقافية والعلمية القائمة على غذاء المسموح القسري والممنوع الجبري فترى أحدهم سائرا ًبين خطين صُنعت بينهما شخصيته ولم يصنعها هو نفسه حيث رُسمت له معالم وحدود وملامح لو قارنها مع البداية الجامحة أيام تشبثه بأفكاره وتعلقه بها كطفل للتو أمسك بجديد نعم لو قارن حالته اليوم مع ماكان يصبوا اليه ويطمح عندما تعرف على فكره لعرف كم هي المسافة التي قطعها مبتعدا عن مبدأه ،كل ذلك تحت تأثير المسموح والممنوع .

وصور ذلك مختلفة فقد تكون شخصيه(اسلامية!!)وقعت بين كماشة التقليد وضغط اتباع فقه الدليل ،وقد يكون سياسيا خالف قناعاته وما يجب وينبغي لصالح رغائب جماهيرية وغيره الكثير الكثير .

وكل هذه الصور تًشخص لجهة مرض واحد هو عدم القدرة على تحمل أعباء النقد والانصياع لنتائجه المقنعة والمرَََة ،كَل ذلك لصالح تبريرات غير مقنعة .

والذي يعنيني هنا قبول الكاتب والسياسي والمفكر والداعية والعالم أيا كان مشربه بمسموحات وممنوعات السلطات ،حيث يكون الصوت السائد الذي يعلوويُتبع أثره هو صوت الإنكسار والرضوخ والذي دائما لا يُصرح به صاحبه ولا يسمح له أن ينفلت من دواخل النفس المهزومة ،كل ذلك لغياب الصدق مع النفس والصراحة مع الذات وغياب النقد الحقيقي فيبقى صدى في نفسه البشرية المتهالكة على هيئة منتحلةٍ لحكمةٍ تقول :الكف ما يناطح المخراز،تبريراً للعجز وتعايشاً مع ما كان يعُدَه منكراً في بواكير حياته النضالية والنتيجة السير المريح على طريق (رافقتك السلامة) .

على هذاالطريق يستخدم المثقف والمفكر والعالم والداعية وربما المجاهد إن رضي أن يسير كالأعمى بين خطي الإكراه :مسموح وممنوع .هذان الخطان اللذان تتبدل احداثياتهما وتتغير اتجاهاتهما على نحو ما يحقق للطاغية أهدافه ويلبي رغائبه فما كان بالأمس مسموحا قد يغشاه خط الممنوعات وما كان ممنوعا فيما مضى قد يفسح له اليوم قليلا ليأخذ مكانا بجوار خط المسموحات .

وأوكد أن هذا الحديث لا تنجو منه مدرسة دون مدرسة فبين منحنى الرغائب وتبريرات (يد واحد ما تصفق )وما يلوح في سماء السلطات من جذر مختلف أحجامه وبين انكسار الذات وتعبها أول الطريق أو منتصفه واستعجالها قطف الثماروما يشاع عن سلطان (ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك )ينشأ مسار يستوعب جميع التوجهات لا فرق فيه بين ديني ولا ديني الا بسرعة خلع الماضي,وظاهرالأمر(لا يكلف الله نفساً الا وسعها ) وباطنه استضبعت فيه الرجال .

البدايات أعلى المطالب وأسمى المراتب ولا بديل عن الجبال الشامخات حتى (لا يعش أبدا الدهر بين الحفر )ثم انحرف وجهل أنه انحرف واستُخدم وما زال يظن أنه يستثمر مجالات القوم ووسائلهم المختلفة لصالح فكره.

الكتًاب متنوعون، مشارب شتى وألوان مختلفة ولكل قاعدته المعرفية وخلفيته الفكرية ,وهذا يحتم الصدام والخصومة والتدافع فبقدر النقد وتفنيد المبادئ الأخرى يقاس وفاء المفكروالمبدع لمبدأه.وفي هذا السياق يتدخل الطاغوت فيحرك ويوجه فالنشاط الفكري النقدي الموجه للأخرين ضد عقائدهم يستغله الطاغوت بل قد يكون على أنواع هذا النشاط منتظما في سلكه ما دام يدور في فلكه ولا يخرج عن طاعته وتوقيعه الدائم :عدو يضرب عدواً ولا أبالي أيهماقضى على الأخر,بل في أحايين يكون من مصلحة الطاغوت زيادة جرعة فكرٍ ما لمواجهة فكر أخر راج عند العامة ووجد قبولاً بحيث أخذ يستهدف الطاغوت شرعية ًأو وجوداً أولعله يهدد بعض مصالحه فيكون التلاعب بخطيَ الإكراه :مسموح وممنوع مما يرفع السقف لأقوام حتى ينتقدوا أخرين فيكون في هذا شفاء لصدور قوم متحفزين ينتظرون هذه الساعة فتلتقي سهامهم مع سهام الطاغوت ويُبرر هذا بأنه التقاء مصالح لا أكثر ,والسفينة إذا دخل بعضها البحر دخلت كلها فيه .

ينفث سماً في وجه خصمه - عدو الطاغوت طبعا - ظانا أنه يمارس نوعا من الوعي والتنوير لمستقبل أفضل للأمة وأجيالها والنتيجة :أشغل الطاغوت عدواً بعدو,لأن المبدأ اذا فقد القوة المادية والإنتشارالفكري والحضور الجماهيري لا ضير عند السلطان أن يوسع له قليلا ليضيق على فكر أخرمرشح للانتشار ويمتلك عوامل التوسع والقبول ,فيصبح المقال الممنوع في السبعينات في الصفحات الأولى اليوم ورجال الخمسينات المطاردون يومذاك تكتب سيرهم اليوم في الملحقات الثقافية لجرائد الطاغوت ,ذلك لأنهم أصبحوا تاريخا لا حضور حيوي له بين الناس .

إن المثقف الممارس لهذا النوع من النشاط أشبه ما يكون بعجوز مزواج كانت له صبوات في شبابه فاكتفى اليوم بالذكريات والسماع دون الفعل لأنه فقد أسباب مباشرته .

إنها مطحنة الطاغوت توجيه واعادة توجيه يضرب القيسية باليمانية ليستمر ملكه .

كان (اسلاميون!)في حضرة الطاغوت وخاصرة اليسارأما اليوم فتحالف (مستقلون)مع أثار اليساروبقايا القوميين نكاية ب(اسلاميين).

هل نسي القوم أن من كان على دين عبد الناصر ويسمع ل(صوت عربة )يعاقب بالسجن وان الحفوة كل الحفوة لناقدية .أما اليوم فلا مانع في زمن مرسي أن تمدح جمال عبد الناصر كما تشاء .

ألم يأتكم نبأ اللحى التي سكتت عن الشيعة لمَا تحالفت ايران وحزب الدعوة مع الأمريكان لاسقاط بغداد ثم لمّا ضغطت الشيعة على ذنب أمريكا تحركت هذه اللحى من الرياض وعمان والإسكندرية تردد فتاوى ابن تيمية وتتاجر بها وتتقرب بها الى طواغيت (السنة !)الذين هم بدورهم عبيد لأمريكا .

لمّا كانت الشيوعية تهدد نفوذ أمريكا في الجزيرة العربيةوغيرها جُندت العمائم وسهل الجهاد وبعد انتهاء المهمة غيبت سجون هذه الدول المجاهدين الذين حاربوا لأجل الله وأرادوا الاستدارة نحو الغرب بعد التخلص من عدو الشرق .

فيما مضى من يتحدث عن الطاغوت مبارك يعتبر ماسا وطاعنا بطواغيت كثر في المنطقة أما اليوم فمبارك في السجن ولا مانع من نقده.

يسمح لبقايا اليساروأثار القوميين بنقد المجاهدين وفتح النار عليهم والتربص لأخطائهم (وكل ابن أدم خطاء)لأن في هذا مصلحة للطاغوت ومركز تحريكه العالمي (واشنطن),وإنه من السخافة أن يشعرالكاتب و(الحال كذلك ) أنه يمارس دورا تثقيفيا وهويتعامى عن مهامه التي نذروه لأجلها ,فلا يذكر للمجاهدين حسنة واحدة بل يكذب عليهم ويتغافل عن الطائرات بدون طيار وكم أكلت من لحومهم وسرقت من أرواحهم ولا يتحدث عن بساط الريح وساحات التعذيب والفلقات والمداهمات الليلية والتعرية وشتم الذات الالهية .لم نسمع رجل واحد منهم يتحدث عن السجون السرية ولا عن محاكم أمن الدولة ولا عن إحضار الأخت والزوجة في حال هروب الرجل المطلوب ولا يتحدث عن سياسة تفتيش الدواليب(الخزائن) والرجل المطلوب مقيد وكلاب المباحث - أعني ذكورهم من بني آدم – يعبثون بالملابس الداخلية للنساء وهذا الرجل مقيد لا حول له ولا قوة فيصاب بالجلطة وتصلب الشرايين والسكري والضغط.

أنا لا أتحدث عن خيال بل واقع سمعته بأذني مباشرة من ضحايا الطواغيت الذين لليوم يعالجون من هذه الانتهاكات .عيب وألف عيب أن يُستخدم قلمك متى شاء الطاغوت .إن من يقبل لقلمه أن يُستخدم هو كمن يقبل لأي عضو من أعضاء جسده أن يستخدم .والله المستعان .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات