منارات على الدرب



تسعد الارواح دائما وخاصة في رمضان بذكر الله تعالى و قراءة القرآن و النظر في سيرة المصطفى صلى الله عليه و سلم و احاديثه الشريفة و سيرة أصحابه الكرام
و صنائع المعروف كدفع الظلم و أغاثة الملهوف .. فبها تحيا القلوب و تزدهر الحياة .
لكن احتلال" يهود " لحيفا و يافا و عكا ومن بعدها المسجد الاقصى و خطرهم الدائم على كل العرب
و المسلمين .. و هذه الاعتداءات و الاعتقالات
و الاهانات التي يتعرض لها المتظاهرون السلميون المطالبون بالاصلاح في الاردن .. وهذه الطائرات التي تقصف أحياء دمشق و كل مدن الشام فشردت أهلها ..والمذابح التي يتعرض لها ابناء الشعب المصري
و أخرها مقتل 4 نساء في مظاهرة سلمية في المنصورة يوم الجمعة الماضي .
ان كل هذه الجرائم و الاخطار المحدقة بنا لا تسمح للارواح بالانطلاق وانما تثير فيها الغيظ و الانقباض
و الانفعال .. ولا استبعد ان يكون هذا حقا جزاءً مستحقا لنا لاننا صمتنا طويلا _ صمت العبيد _ على الاعداء
و الظلمة و عصاباتهم الفاسدة .
و يذكرني هذا بيوم من أيام الحجاج بعد عودته من حملة مطارة شنتها عصابته على عناصر من المعارضة أهل الرأي ..و حضر الى مجلسه المنافقون المنتفعون
_ مسامير الصحن _ الندماء و السمار لمؤانسته .. و بعد تقديم عبارات الولاء و الانتماء و التهاني و التمجيد و التعظيم للطاغية ..قال أحدهم يريد ان يسرّي عن الحجاج : في الحيّ يا مولاي غلام يحفظ القرآن وله صوت حسن ان شئت أحضرناه ليسمعك .. فأومأ موافقا .. فلما جاء الغلام سأله الحجاج ما أسمك يا غلام ؟ قال : حُطيط الزيات .. و تحفظ القران ؟! قال الغلام : الله تعالى هو حافظ القرآن اما انا فأستظهره غيبا .. قال الحجاج : حسن اقرا ما شئت .. فقرأ الغلام : ( اذا جاء نصر الله و الفتح و رأيت الناس يخرجون من دين الله افواجا ) فصرخ الحجاج : قف قف ما هذا ؟! تقول يخرجون .. بل يدخلون يا غلام يدخلون .. فرد عليه الغلام بهدوء و ثبات : كانوا يدخلون على زمن رسول الله صلى الله عليه و سلم و صحابته الكرام اما في زمانك يا حجاج فأنهم يخرجون .. فهاج الحجاج و ماج .. أغرب عن وجهي .. أغرب عن وجهي .. و الله لولا سنك لقتلتك .. فأخرج الجلساء الغلام دفعا و عادوا ليهدأوا من روع الحجاج بعد ان أفسد عليه الغلام سمرته .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر " .
كما يحضرني يوم من أيام الامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه اذ همّ بالخروج من البيت مبكرا لصلاة الظهر فنادته زوجه فاطمة الزهراء على ابيها و عليها السلام .. ان لا طعام اليوم للحسن و الحسين .. فعرّج ابو الحسن نحو السوق و استدان من أحد أصحابه دينارين ليشتري بها طعاما .. و في الطريق لقيه أعرابي ملهوف يا ابا الحسن يا ابا الحسن .. أولادي تركتهم بلا طعام و انتم أهل البيت .. فقاطعه ابو الحسن قائلا : معي ديناران هل تنفعك ؟ قال : نعم و جزاك الله خيرا .. فدفعها اليه و انقلب الى المسجد فصلى الظهر خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم .. وعند خروجهم من المسجد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أتغدينا ام نغديك يا ابا الحسن ؟ قال : بل نغديك يا رسول الله .. وهو يعلم ان البيت لا طعام فيه .. لكن لعلي بن ابي طالب الذي تربى في بيت النبوة فلسفته .. فلما دخلوا " الحويش " واذا بالزهراء مشغولة توقد النار تحت القدر و الدخان منبعث يملأ المكان فمال اليها عليّ يسألها بصوت خافت : من أين لكم هذا ؟ و قبل ان تجيبه اجابه أبوها وهو يربت بيده على كتفه : هذا جزاء الدينارين يا ابا الحسن .
و يحضرني ايضا يوم من ايام الفاروق .. اذ أختلف مسلم مع يهودي من يهود المدينة فأخذ المسلم بيد اليهودي الى الرسول الله صلى الله عليه و سلم يحتكمان اليه .. فسمع منهما و حكم لليهودي و أنصرفا لكن المسلم في اليوم التالي أخذ بيد اليهودي الى ابي بكر الصديق فسمع منهما و حكم لليهودي و في اليوم الثالث أخذ المسلم بيد اليهودي يجره الى الفاروق ظنا منه ان عمر سيحكم له لشدته على يهود .. فحكم الفاروق لليهودي .. فقال اليهودي : و الله لقد حكمت بحكم صاحبيك .. قال عمر : من ؟ قال اليهودي : محمد و أبو بكر .. فلما علم عمر الحقيقة من الاثنين و ان المسلم لم يرض بحكم رسول الله .. سلّ عمر سيفه و ضرب عنق المسلم و فر اليهودي الى المسجد فأخبرهم الخبر .. فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يقول : أبلغ بأبن الخطاب ان يقتل نفسا مؤمنة .. أبلغ بأبن الخطاب ان يقتل نفسا مؤمنة .. يرددها حتى لقيه .. فأخبره عمر الخبر وان الرجل قد كفر .. وتلا عليه الاية ( فلا و ربك لا بؤمنون حتى يُحكّموك فيما شجرَ بينهم ولا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت و يسلّموا تسليما ) .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات