الليبرالية تخدم الإسلام .. فلماذا نعاديها ..



لا تختلف المجتمعات الإسلامية عن بقية المجتمعات الإنسانية، فهي تحتاج المناخ الليبرالي؛ لكي تفكر بطلاقة وتتعلَّم بفاعلية وتعمل بمهارة وتتحرك بمرونة وتنمو بسرعة، فتتكامل فيها الطاقات وتنضج القابليات وتنفتح الآمال وتتنوع التطلعات، وبذلك يتحقق الازدهار.
إن ازدهار العقول مرهونٌ بما يتوافر لها من الحريات ومن تكافؤ صراع الأفكار وتبادُل الاعتراف بين الاتجاهات، إن الإسلام يخاطب الناس بالعقل ويواجههم بالحجة ويقنعهم بالبرهان.
فالوصاية على الدين التي مارستها انظمةحكم او فلسفة مجتمعات وقوى هي التي انكمشت بتعاليمه، وحجبت أضواءه، وأوصدتْ عليه في أُطر ضيقة.
إن كل الاتجاهات الفكرية والسياسية والحزبية والثقافية والدينية في العالم العربي قد حاربت الليبرالية؛ لأن قبول الليبرالية يستلزم التخلي عن الانغلاق الثقافي والاستبداد السياسي والذوبان الاجتماعي، بينما أن الجميع في البيئة العربية قد تربوا على الرؤية الأحادية المغلقة، فالذين يملكون أية سلطة ثقافية أو معرفية أو سياسية أو حزبية أو اجتماعية أو عشائرية قد اعتادوا أن يكونوا أصحاب الرأي الأوحد: «لنا الصدر دون العالمين أو القبر !!
الليبرالية يمكن تلخيصها أن جوهرها هو الحرية المسؤولة، وأن ارتقاء الإنسان علماً وأخلاقاً وكرامة وسعادة هو هدفها، وأن آليات العمل فيها تتنوع بتنوع الثقافات ويُقصد بـها فلسفيا المناخ الحر أو المذهب الحر أو البيئة الثقافية والإجتماعية والسياسية والاقتصادية الحرة، إنـها تتأسَّس على رد الاعتبار للإنسان الفرد، والاعتراف بحقه في الاختيار، وضمان الحريات الأساسية له، وتنظيم الحياة والقوانين والإجراءات والمؤسسات على أساس أولوية الفرد بوصفه فرداً ذا كيان مستقل، يتحمل مسؤولية نفسه ويلتـزم بأداء واجباته ويكون مصون الحقوق ومحفوظ الكرامة، او ليس كل هذا ما دعى اليه الإسلام وشجعه وحملته ألوية الفتح ونشر الدين في العالم ،وإلا ما المقصود بإخراج الناس من الظلمات الى النور !! إن الليبرالية هي الثمرة اليانعة للرؤية الإنسانية الناضجة عن طبيعة الإنسان والثقافة والسياسة والمجتمع والفرد، والتـزامٌ بما تقتضيه هذه الرؤية ، فكل إنسان هو كائن فريد، وهو لن يحافظ على فرادته ولن ينمي قابلياته ولن يحقق ذاته ولن يصون كرامته إلا إذا كان حُرًّا، أما إذا جرى إفساد وردْمُ قابلياته وتقييد تفكيره وتكبيل عقله ومراقبة حركته وتضييق الخيارات أمامه وإغلاق الكثير من الفرص دونه فسوف يفقد ذاته ويتحول إلى دمية تحركه البيئة ويتلاعب به الأيديولوجيون.
إن عز الإسلام لا يكون بالهيمنة عليه أو الوصاية على مضمونه، واحتكار الحديث باسمه، وإنما عزه يتحقق حين تتاح له المواجهة المباشرة مع كل من يختلفون معه أو يختلفون فيما بينهم من داخله.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات