" ثورة 25 يناير" التي أماطت الّلثام عن السرّ الدفين في مصر .. !!


كانت ثورة 25 يناير بداية بشائر حُكم مدني جديد يحكم مصر بعد أن حكمها العسكر ما يزيد عن ستون عاماً إثر ثورة الضباط الأحرار عام 1952 م التي أنهت الحكم الملكي على مصر ، ومنذ ذاك التاريخ والشعب المصري ينتظر الفرج الذي لمّ يأتي بعد .. !!
ومصر الآن وبعد أن كانت قد شارفت على قليلاً من الاستقرار حتى لو كان استقراراً مشوباً بالحذر الشديد إثر ثورة 25 يناير التي خَلَعَتْ آخر رموز ثورة الضباط الأحرار ، لمّ تستطع هذه الثورة العمل على ترسيخ أهدافها وتأمين نتائجها من الأيدي المسمومة بصورة تدريجية ، فآثرت على تنفيذ الأهداف ومسح شريط الماضي المؤلم دون تريث والاستعجال كان الصفة الغالبة عليها مما أفقدها الهدف المنشود من هذه الثورة ..!!
فالأمن والأمان فُقِدْ من المجتمع المصري وجيوب الفساد تراوح مكانها بل زادت عدد الأيدي التي تنهب وتسرق في وضح النهار بذريعة ثورة على الفساد والفساد فيها متجذر وإن اختلفت الأسماء والمسميات .. فقطع الأيدي التي حازت على أغلب منشآآت الإقتصاد المصري طيلة عقود عدة خلت لن يتمّ بجرة قلمّ .. إنما يحتاج إلى سحب بالتدريج ودون استعجال ، فالمعدن الذي يحتاج وقتاً لإحمائه يحتاج وقتاً قد يكون مماثلاً حتى يبردّ ، ولذلك يجب الانتظار والتريث ..!!
إن الاستعجال في تقدير الأمور لدى شعب الكنانة ثمّ " التغيير " بهذه الصورة المجحفة بحق " صناديق الإقتراع " يجرُّ أمّ الدنيا مصر نحوّ المجهول ، والدمّاء البريئة التي هُدِرت لن تجلب إلاّ مزيداً من الدماء ومزيداً من الدمار ، فالشعب المصري بطبعه حليمٌ بكل الأمور إلاّ الثأر ، الثأر ممن أدمى قلبه واستباح عرضه ، فلا يهادن ابداً ولا يستكين حتى يأخذ بثأره ولو كان بعد حين ، فلا يتعجل بالنيل من غريمه ولا ينسى ولا يهدأ حتى يقتص ممن أدموه حينها ينام قرير العين ..!!
لستُ إخوانياً أو تابعاً لغير الله ونبيه الأمين ، متحزبٌ إلى الذي ينادي بديمومة أمن أوطاننا وعروبتنا وبقائها آمنة مستقرة غير مُفَتَتَة وغير مُشرذمة . ولكن كان الأجدر بشعب مصر بعد ثورة 25 يناير أن يكون أكثر صبراً وأكثر تحملاً على الشدائد من أجل حقن دماء الأبرياء من أبنائه وترسيخ أواصر اللّحمة بين أبناء الشعب كافة وإعطاء الفرصة الكافية لمن يستلم الحكم حتى يتسنى له فعل ما يمكن أن يكون ظاهراً وملموساً على المجتمع ..!!
ولكن ما نراه اليوم أن الشعب المصري قد فقد بوصلة الصبر ولم يعد يقوى على إبقاء ثورته حبيسة الصدور ، فصبره أوشك على التلاشي ، وكثيراً ما يستبق الأحداث قبل وقوعها ، فاقداً للأمل على الدوام وعادِمُ الثِقة بكل شئ وحتى الإنسان النقيّ الذي نهضت مصر وازدهرت على ساعده ، ونظرة التفاؤل لديه باتت منحسرة ضمن إطارها الضيق ، فالحوار الجاد وإعطاء " الفرصة الكافية " من أجل شيوع الاستقرار لم يعد لها وجود في قاموس حياته ، فقبل أن " يُبَسْمِلَّ " بات يقولُ " صدقَ اللهُ العظيم " ..!!
فالاستعجال وعدم التريث لحين حدوث نتائج ملموسة أصبح سمة من سمات هذا الشعب الذي طالما كان صابراً بالفطرة ، وهذه السمة ستظل تتصدر قائمة الحديث والتوقعات حتى وإن جاء من جاء ليحكم مصر ، فلا رادع له غير بث روح الأمل في داخله من جديد والتفاؤل بالقادم من الأيام ، والتحلي بالصبر الذي فُقِدَ منه إثر وعودات لم ترى النور بالإنفراج العاجل على وضعه الإقتصادي والسياسي المتردي طيلة عقود خلت من تاريخ مصر ، والخذلان الذي كان قد اصابها بعد مواجهات فاشلة مع العدو الصهيوني وحلفائه الغربيين وأدت بالتالي إلى رضوخ القيادة المصرية آنذاك " أنور السادات " والقبول بمعاهدة السلام " كامب ديفيد " والتي فاقمت من إتساع الشرخ بين القيادة والشعب وبين الدولة المصرية والعديد من الدول العربية التي كانت رافضة لهذا الاستسلام ..!!
الثورة المصرية " 25 يناير " لقد أماطت اللثام عن السرّ الدفين داخل الشعب المصري منذ انهيار الملكية ، فقد حطم كل القواعد وكسر كل القيود التي كانت تداري سرّه وتُكبل فكره طيلة عقودٍ عدة من الزمن المرير ، فصبره الذي كان حاضراً ومرهوناً لأمته العربية والقضية الأمّ مع عدوّ الأمة العربية الأوحد الذي اغتصب أرض فلسطين قد تلاشى مع بدء " الربيع العربي " الذي أسدّل الستار على كل القيّم والمبادئ الأممية التي كانت تنادي بتماسك النسيج العربي ورصّ صفوفه لمواجهة كل التحديات والأخطار المحدقة به ..!!
فهذا الشعب الذي كثيراً ما تحمل على نفسه واحتوى ثورته في صدره ، وحمل الهمّ العربي على كاهلة و كان أشدّ تحملاً مما عليه الآن ، يحتاج منا هذا الشعب شعب الكنانة وقفة عربية جادة مشفوعة بهدفٍ وحيد مرماه أمن مصر واستقرارها ووحدة الصف العربي العربي وتجاوز كل الخلافات التي بث سمومها الغرب بيننا وروجت لها الصهيونية العالمية والأيدي الموبوئة من أمتنا العربية ..!!
الأملُ كبير إن توكلنا على الله ، والإنفراج قادم بإذن الله وإن طال الإنتظار وطال القهر والجوع علينا ، فإنْ توحدنا فوعدُ الله بالنصر لقريب وستشرق شمس الأصيل على أمتنا من جديد ولن تندب أمة الأحرار حضها أبداااااا ...!! م . سالم عكور akoursalem@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات