الثقة المتبادلة وحسن النية اساسيان في التقليل من احتمال اندلاع الصراع والعديد من هذه التدابير متاح للحكومات التي لديها الادارة لاستخدامها وانني أطلب من جميع الدول في اطار المفاوضات ان تنظر في اية تدابير أخرى لبناء الثقة مع أطراف المنازعات سواء منها المحتملة أو الراهنة أو الماضية لتخفيف التوتر قبل أن يؤدي الى نشوب صراع فاذا ما نشب الصراع كان لابد من العمل بسرعة على احتوائه وعلاج أسبابه الكامنة وهذا يتطلب الدبلوماسية واتخاذ تدابير لخلق الثقة .

وقد ان الأوان للتخطيط لمواجهة الظروف التي تستدعي وزعا وقائيا .

كيف يتفاعل السلوك التفاوضي للأطراف المعينة . كل يحاول تحقيق المصلحة القومية لبلاده وهي عملية بالغة التعقيد متعددة الأبعاد تنطوي على ممارسة مكثفة لعمليات الجدل والتكتيكات التأثير للتوصل في النهاية الى ناتج لهذه المفاوضات . فهؤلاء المفاوضون الذين يجتمعون حول مائدة في قاعة مغلقة لبحث قضايا فهم بلادهم تتحدد مواقفهم وردود أفعالهم بناء على عدد غير محدود من المؤثرات التي تبدأ في تأثيرها قبل بدا المفاوضات وخلالها ويتفاوت تاثيرها من حاله تفاوضية لأخرى ومن مرحلة تفاوضية لاخرى في نفس الحالة التفاوضية .

ان المفاوضات الدبلوماسية بين الأصدقاء والحلفاء تختلف الى حد كبير عن تلك التي تجري بين الأعداء المتنافسين .وان وجود علاقات ودية بين أطراف التفاوض تغريهم بالمرونة بينما في حالة انعدام الثقة والصداقة فان الأطراف تكون أكثر تشددا وتباعدا واقل رغبة في المرونة أو في الحلول الوسط . لذلك على الأطراف العربية الاسرائيلية ان يبدؤا بفهم بينه المفاوضات وتحديد المتغيرات والعناصر التي تؤثر على المواقف التفاوضية وهنا سنجد أمامنا حشدا كبيرا من المؤثرات التي يتباين تأثيرها من حالة تفاوضية لأخرى . هذه المؤثرات أو المحددات تشكل السلوك التفاوضي للأطراف المختلفة . كما أن جماعات المصالح تتنوع الى حد كبير كما هو معروف فقد تكون عرقية أو اقتصادية أو فكرية اجتماعية أو دينية سياسية فمن المتوقع أن يكون تأثيرها نسبيا بحسب اهتماماتها بموضوع المفاوضات وقدراتها نسبية كذلك على التاثير بحسب قوتها النسبية في المجتمع .

ان المفاوضات هي عملية اتصال واقناع وادراك للعناصر محل التفاوض وأنه لما كانت تصرفات الناس وردود أفعالهم للأحداث والمسائل تتأسس الى حد كبير على أساس من تصوراتهم التي قد لا تتفق مع الواقع وان هذه العمليات الادراكية تخضع الى حد كبير لتاثيرات من الثقافة المكنونة للشعوب العربية واليهودية التي تتسم بالتباين من شعب لاخر فاننا يمكن أن نفهم أسس العلاقة . ومن ثم يصبح من الأصعب فهم تأثيرها الحقيقي على السلوك التفاوضي العربي الاسرائيلي بشكل موضوعي .

يتشكل السلوك التفاوضي العربي الاسرائيلي وفقا للمحددات والعوامل السابقة وينشأ عن تفاعل سلوك الأطراف المتفاوضة ما يمكن تسميته بعملية التفاوض التي تتسم بالتعقيد البالغ وبتعدد الأبعاد وبكثافة التفاعلات وعملياتها الفرعية وتبدأ عملية التفاوض قبل أن تبدأ الجلسات بين أطراف التفاوض ومنذ المرحلة التمهيدية على افتتاح التفاوض سواء أكانت هذه المفاوضات سرية أم علنية.

talal_gerasa@yahoo.com