صحوة الضمير الإنساني .. والطفل " ورد " .. !!


لم يتسنى لنا بعد أن ننسى قصة الطفل الشواهين أو قصة الطفل قصي أو حتى قصة الطفل يزن التي لم تبرد مأساتها بعد ، وعلى الرغم من تفاوت مضامين هذه القصص بأشكالها وابعادها المختلفة ، إلاّ أنها تبقى قصص مفجعة وذات مدلولات وحشية بحق الطفولة والانسانية ، وقبل أن تجف العبرات على رحيل هؤلاء الأطفال ، ليحل بنا قصة مؤلمة جديدة تمارس بحق طفل من أطفالنا يدعى " ورد " ليختفي في لحظات بعد خروجه من منزله فَرِحاً بشراءِ " صحن حمص " ليتناوله صباحاً مع عائلته ، و لغاية الآن لم يستدل عليه ، أو حتى العثور على أي أثر قد يؤدي إلى فك لغز اختفاءه ، و نحن على وشك دخولنا الأسبوع الثالث على غياب هذا الطفل " ورد " ابن الخمسة أعوام عن منزل عائلته أو حتى عن قريته ، دون وجود مؤشرات حول كيفية اختفاءه ، بالرغم من الجهود الجبارة من قبل أهالي القرية والقرى المحيطة بها ، والأجهزة الأمنية بكافة تشكيلاتها ، في تمشيط المنطقة بصورة يشكرون عليها جميعاً ، إلاّ أنهم لم يتوصلوا لأي مدخل لفك لغز اختفاء الطفل " وردّ " ، لكن الأمل لا زال معقوداً على رب العباد سبحانه وتعالى في حفظ ورد وعودته سالماً لأهله ..!!

إن من أصعب المخاطبات عبر مسيرة الخطابات الإنسانية ، هي مخاطبة الضمائر ، وقد يكون الضمير الإنساني مستتراً خلف لوحة إنسانية أو شيطانية ، ترتسم معالمه عبر ملامح الوجه البشري وسلوكه ، فيكون هنا دور الخطيب في كيفية التعامل مع الطرف الآخر وهو شخص المتلقي ، وعند تحليلنا لهذه الشخصية بكل ما تحمل من جوانب سلبية أو ايجابية ، نبدأ بمرحلة أكثر تقدماً في نوع المضمون للخطابة المراد منها تحريك ذاك الضمير الساكن خلف لوحة سوداوية المظهر والمضمون ، إلى لوحةٍ أكثر إشراقاً .. !!

قد نواجه أحياناً شخصيات ذات ضمير سلبي أو ايجابي ، ولكن ليس بالضرورة أن تنعكس على ملامح الوجه البشري من البراءة أو نقيضها ، و بالتأكيد سينعكس ذلك على سلوكياتها عبر التصرفات المختلفة ، وقد يحتاج هذا التحليل إلى قليلاً من الجهد ، وبعضاً من الأشخاص المتمرسين وذات خبرات واسعة في التعرف على ما يجول في دواخل هذه الشخصيات من سلوكيات متناقضة ، حيث تارة تكون ايجابية وأخرى سلبية ...!!
ومما تقدم إنني أخاطب تلك الضمائر المتناقضة ، عبر ضمير نقيٍّ واحد ، وهو ضمير الطفولة بكل ما تحمل من براءة في السلوك الحركي والإيمائي ، والمتمثلة في داخل ذاك الطفل ابن الخمسة أعوام "ورد " ..!!

فنحن نعلم يا ورد أن يداً لم تعي إلاّ الإجرام مفهوماً لسلوكها ، قد بطشت في أمن وسلامة طفولتك وطفولة أبناءنا جميعاً ، ولم تعرف يا ورد هذه الفئات الإجرامية من البشر أن طفولتكم ببراءتها هي عنوان حياتنا ، فالحقد فيهم لهذا الوطن وأبناءه ، دفين في قلوبهم السوداء ، وليس لديهم حتى الحدود الدنيا من الضمير الإنساني .. فكيف يكون وهم لا يمتون للبشرية بصلة ..؟؟ فهم ليسوا أقل من أن يكونوا وحوشاً تحمل كل الصفات الخارجة عن كل المفاهيم والأعراف البشرية ، يعيثون في وحشيتهم يا ورد ، الفساد بكل أشكاله في خاصرتنا، ولم يبرحوا في أفعالهم التي تفسد الحياة بنفث سُمِّهم في أجسادنا .. !! وثق يا ورد .. أننا لن نترك هذه الأيدي الدموية دون تقطيعٍ لأوصالها ، وسنقطعها كما يقطع الجزار أوصال جزوره ، ولن نسمح أن تقوم لها قائمةً بعد اليوم ، فنحن يا ورد " وبإذن الله " سنكون يداً واحدة نواجه بها كل المخارِز التي تريد النيل من أمن وسلامة أبناء وطننا ..!!

فرجائنا منك يا ورد أن تعود .. فالغياب قد طال .. وفي الجسد رعشة تائهة بين الفقد والوصال .. !! ألم تعلم يا ورد أن فقدان الأمل لدينا من المحال .. والله القادر على تغيير القدر من حالٍ إلى حال .. !! فعد يا ورد .. فبعوّدتك تعود الروح وتنتعش الأوصال ..!!

عدّ يا ورد .. عدّ في الحال ...فكل الأحبة .. بحثوا في كل السهول والجبال .. وفي أدق الأزقةِ والتلال .. وفي كل الأمكنةِ التي لم يعد لها وجوداً إلاّ في الخيال ..!! ولم ييأسوا يا ورد .. من أن تعود سالماً ، حتى لو تحملوا كل الأحمال .. !!

فيا ورد .. آآآن لك أن تعود .. لنفرش لك الأرض بكل ما طاب من الورود ..!! فرحأ بعودة ذاك الطفل الودود .. الذي تاه في ذاك الصباح النكود .. وسعت كل زنود الخير وزادت زنود بزنود .. بحثاً عن نسيم وردٍ الذي فاق كل الورود .. فنحن يا ورد لم نيأس .. ولن نيأس من أن تعود ..!! فنحن لا زلنا ننتظر إشراقة ذاك الوجه الوضاح ليعود .. ويعود معه تدفق الدم في القلب المعهود .. وتصبح المأساة ذكرى تُحَدِث أبناءك بها كحديث الجدود .. وتسردها بعبرةٍ تشق الخدود ، ولتكن إحدى الفصول التي ألمّت بأطفالٍ كالورود ، أبطالها أشرارٌ مجرمين تجاوزوا كل الحدود .. ضحاياهم أطفالٌ بعمر الورد كما أنت يا ورد فأرجوك أن تعود ..!!

akoursalem@yahoo.com



تعليقات القراء

عبدالرحمن
الله كريم يعود ويعيد البسمة لوجوه أهله يارب يرجع ورد ويقر عين أمه بعودته سالم شكرا عهالمقالة التي تعبر عما في قلوبنا وعما نريده بالفعل وعن مشاعرنا تجاه هذه الحوادث الله يحمي الاطفال ولا يضر حدا
12-05-2009 10:00 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات