إمتحان التوجيهي الحصن الواقي لهيبة التعليم


امتحان التوجيهي ذلك الموروث التربوي المتميز الذي أثبت نجاحه عبر مسيرة التربية والتعليم الطويلة في أردننا الغالي جاء نتيجة جهد تراكمي تم بناؤه منذ تأسيس المملكه ساهم فيه التربويون من معلمين أفذاذ وأساتذة الجامعات وكلّ من له علاقة في وضع السياسات التعليمية والتربوية وعمل باخلاص وتفان في حمل رسالة التربية والتعليم بامانة المسؤولية والضمير المؤسسي. وعلى الرغم مما نسمع أو نرى من بعض التجاوزات التي حدثت خلال السنتين الماضييتين التي رافقها فوضى واستهتار في بعض أماكن عقد الامتحان من قبل عصابة باعت ضميرها وحاولت النيل من سمعة الامتحان، سيبقى إمتحان التوجيهي الحصن الواقي لهيبة التعليم، والمسؤولية الوطنية على كل مواطن ومسؤول تدعونا جميعا ان نعيد لهذا الامتحان سمعته ورونقه التي بنيت بالجهد والتعب وامانة المسؤولية ضمن منظومة أخلاقية وقيمية وتربوية متكاملة.

فإمتحان الثانوية العامة وعلى مدى أكثر من نصف قرن أحتفظ بهيبته وقيمته إلى درجة كبيرة وكان يمثل معيارا لهيبة وسمعة التعليم في الدولة الاردنية، كما كان مقياسا دقيقا وحقيقيا إلى درجة عالية لقدرات الطلبة العلمية وتحصيلهم، وكان الإمتحان يتمتع بمصداقية عالية محلياً وعربياً ودولياً، حيث لا يوجد أدنى شك أن إمتحان الثانوية العامة يعتبر الأفضل على مستوى المنطقة العربية بكاملها، ولا أبالغ على مستوى الدول المتقدمة في العالم، والدليل على ذلك عندما ينتقل حاصلو الشهادة الثانوية الأردنية إلى المرحلة الجامعية، فإنهم يتفوقون على أقرانهم من حملة الشهادات غير الأردنية هنا في داخل الجامعات الأردنية أو خارجها. ممّا يستدعي الإلتزام بتعليمات وضوابط الإمتحان التي لا تسمح لإي عابث أو مستهتر الاساءة الى هذا الإمتحان الوطني الهام والمفصلي تحقيقا للعدالة وتكافؤ الفرص.

ولكن، لا بأس من تطوير آلية عقد الإمتحان دون المساس بالجوهر، ورصد السلبيات التي ترافق عقد الإمتحان ومعالجتها، وتوفير الأجواء النفسية المناسبة للطلبة وإبعاد مصادر القلق والتوتر التي قد يساهم الأهل أحيانا في تضخيمها من قبيل الحرص الزائد على أبنائهم، ومن آليات تطويرالامتحان مستقبلا ضرورة إدخال مدخلات قويّة ورصينة لتحقيق مخرجات قويّة ورصينة أيضاً تنهض بالتعليم إلى الأمام وتعزّز أهمية الحفاظ على مسيرة الامتحان الطويلة التي بدأت منذ ما يزيد على نصف قرن، لإن الإعداد العلمي الرصين هو الركيزة الأساس للنهوض في جميع المجالات، وهو موضوع حيوي وهام يفرض نفسه بقوة ليدخل في جميع مفاصل حياتنا ومستقبل اجيالنا ووطننا، ليس في مجال التعليم وأمننا التربوي فحسب، ولكن في كل مسارات التنمية.

وخلاصة القول، إن هذاالإمتحان هو المعيار الحقيقي والمجرّب والعادل الذي يقيس مستويات الطلبة ولنحافظ على هذا الموروث التربوي المتميز الذي نتفق عليه جميعا في أن يبقى ممّيزا، لأن المساس بجوهر هذا الأمتحان بأعطاء المدرسة نصيبا كبيرا من المعدل العام للطالب لا يحقق العدالة في شيء، لأن تقييم المدارس سيتفاوت من مدرسة الى أخرى، كما سينعكس ذلك على مستوى هذا الإمتحان الذي ما زال يتمتع بمصداقية عالية محليا وعربيا، وهذا سيولد الأحباط لدى المتميزين الذين نعقد عليهم الآمال في المساهمة في بناء الوطن في مختلف مسارات التنمية. وكذلك اذا أعطي الأمر في تقديم امتحان تشرف عليه الجامعات، ان هذا الموضوع ليس حقل تجارب ولنبقيه على ما هو عليه مع الحرص على توفير أجواء الراحة والطمأنينة لأبنائنا الطلبة في المدرسة والبيت وابعاد حاجز الخوف النفسي غير المبرر الذي يتذرع به البعض. ولتكن دراسة هذا الموضوع دراسة متأنية ومتأنية ومتأنية للمرة الألف لأن المجازفة واجراء تجارب قد يكون فيه ندم في وقت لا ينفع فيه الندم وقد يكون فيه تراجعا للمستوي وخصوصا أن هذه المقترحات ليست خاضعة للقياس بدقة وقد تؤثر فيها مؤثرات لا تحقق العدالة ولنأخذ تجربة الدول التي أعطت المدرسة وزنا كبيرا في وضع المعدل وما هو مستوى خريجيها مقارنة مع مستوى أمتحان شهادة الثانوية العامة الأردنية التي مازالت تضاهي في مستواها أفضل الدول المتقدمة. فلنحافظ على هذا الموروث التربوي الناجح دون المساس بالجوهر، لأنني أرى في ذلك مخاطر كبيرة قد تؤثر على مسيرتنا التربوية والتعليمية مستقبلا لا سمح الله. ولنعطي هذا الامتحان زخماً قويّاً وإهتماماً تثري مسيرتنا التربوية والتعليمة قٌدماً إلى الأمام.

ومن العبث أيضا أن نسمع أصواتا تردد الغاء هذا الامتحان واعتماد نسبة من علامة المدرسة الامر الذي فيه تقزيم لهذا الارث التربوي متذرعين بحالات تسريب الامتحان من قبل بعض النفوس المريضة الي أساءت اليه مقابل ثمن بخس دراهم معدودة وكانت بحق عصابة مجرمة أساءت الى جوهر الامتحان وسمعته، والحل لا يعالج بالتسرع والدعوة الى الغائة أو تهميشه ولكن يكون ذلك بمعاقبة المتورطين والمجرمين في النيل من أمننا التربوي ووضع آليات جديدة وسن تشريع قانوني يحمي هذا الموروث من اللامبالاة وعدم المسؤولية والاستهتار من قبل فئة أو عصابة لا يردعها ضمير أو امانة لأن هذا الموروث التربوي رافق نشأة الدولة الأردنية وكان انجازا حافظنا عليه ولفترة طويلة من عبث العابثين وكانت صورته بهية مشرقة فهل نحن قادرون على اعادة تلك الصورة المشرقة التي يستحقها هذا الامتحان لانه الحصن الواقي لهيبة التعليم في أردننا الغالي والمعيار الحقيقي الذي يحقق العدالة للجميع؟



تعليقات القراء

ابو دهباش مابدري
ياخوي مابو توجيهي الايام هاي صحيح بقى في توجيهي هسة مابو خيو
فيه مافيا تسعى الى الغاءة والسبب انهم يسعوون للحصول على امتيازات مشتركة للتوجيهي مع الحومة انت بتدري بهالحكي والا لأ
كمان خلف بدريش
07-07-2013 02:39 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات