أجى يكحله عور عينه


هذا هو المثل الذي ينطبق على الإضراب عن التعليم، أياً كان المضرب وأياً كان السبب، فالتعليم عملية مستمرة لا تتوقف وينبغي على الإنسان أن لا يتنازل عنها مهما كبر أو بلغ من العمر.

هذا هو التعليم، وإذا كان السؤال لماذا؟ فإن الجواب البسيط لأن الإنسان يولد وأكثر ما يحتاج إليه التعلّم ويعيش وأكثر ما يسعفه في أيامه التعلّم ويموت وأكثر ما ينفعه التعلّم، وأن التعلّم لا يحده حد وكما قيل " كلما ازددت علماً زادني علماً بجهلي".

أما إن كان السؤال هل من حق المعلم والطالب أن يعترض على واقع معين؟ فالإجابة البسيطة أن واقع الطلاب والمعلمين أكثر ما يكون سبباً للاعتراض، فالأحوال لا تسر صديقاً ولا يرضاها عدو، أحوال المعلمين باتت من سيئ إلى أسوأ، بل إن الأمة تكالبت على المعلم رغم حاجتها الماسّة لدوره وجهده، فأصبح العالم والجاهل ، الصغير والكبير يفتي ويفقه في عمل المعلم ويوجِهُ المعلم ويربي المعلم، والمعلم هو الذي لا حول له ولا قوة.

لقد أسرف الناس في جميع الأمور وبلغ الترف أشده في المأكل والمشرب والمسكن والمركب، والمعلم ما زال عاجزاً عن توفير التعليم لأبنائه في بعض الدول، وعاجزاً عن توفير لقمة العيش الكريم لمن يعولهم.

وقد بلغ احترام الناس مبلغ العُلا للكوافير والطبال والناعق والمفسد والسارق وآكل السحت، في حين تطاولوا على المعلم وعلى رسالة المعلم، بحماية القانون ودعم المسؤول.

وحتى يعلم الجميع فإن للمعلم حقوق اتفق عليها العالم ضمن اتفاقيات دولية وقعت أغلب الدول العربية عليها إن لم يكن جميع هذه الدول، ومن أبرز هذه الحقوق:

1.توفير الحرية اللازمة للتعليم.

2.وتوفير ظروف الحياة المناسبة والعيش الكريم.

هذا بالإضافة إلى حقوق أخرى نصت عليها الاتفاقية، فأين هي هذه الحقوق؟ ومن منا أصلاً سمع بهذه الاتفاقية أو قرأ تفاصيلها!!! والتي لو كانت من اتفاقيات خدش الحياء والسفور لوجدنا ألف مروج لها ولبنودها.

أما عن واقع الطلاب فحدّث ولا حرج، فالاهتمام بالتعليم أصبح من العملات المفقودة والنادرة، وإن وجد فهو بالدرجات السفلى من الأولويات عند الكثيرين، وهذا ما يعكس صعوبة المهنة وكون بيئة التعليم ( وخاصة المدارس) بيئة طاردة.

وأصعب من ذلك كله، عشوائية المدخلات والتي أسهمت بدورها بتشتيت الجهود، فأصبح التناقض واضحاً من وجهة نظر الطالب، كما أصبحت البيئة المدرسية بيئة أقرب إلى الملل منها إلى التشجيع والتقبل.

لأجل ذلك وغيره هناك الكثير مما يعانيه الممارس للتعليم في بلادنا العربية، أقول إن من حق المعلم والطالب التعبير عن رفضه لواقع هذه المهنة، ومن حقهم جميعاً أن يعلنوا مطالبهم وحقوقهم، ولكن اللجوء لأسلوب الإضراب من شأنه أن يعكس الكثير من المعاني السلبية والتي قد يصعب التخلص من آثارها.

من حقهم المطالبة بتحسين الأوضاع والأجواء والمدخلات، من حق المعلم أن يطالب بتوفير سبل العيش الكريم، والسكن الكريم والتعليم الجيد لأبنائه والسيارة الجيدة والتأمين الصحي الجيد وغير ذلك من المفردات أسوةً بغيره من الموظفين في قطاعات أخرى.

ومن حق الطالب أن يعلن عن حاجته للمعلم الفذ والمنقذ والمربي والمتمكن والمبدع، ومن حقه أن يطالب بالمدير القائد الجرئ الحريص ذو الخبرة، وغير ذلك الكثير مما يضمن له الصمود في وجه التحديات المختلفة في مستقبل أيامه.

أخيراً: وأنا أكتب هذه السطور أترحم على أيام مدرستي، مدرسة عين جنا الثانوية للبنين، وأتوقع أنني لن أنسى أيام الأستاذ الفاضل والمربي الكبير " أبو ياسر" وطاقمه المتميز، وكيف أن صبرهم وتفانيهم كان له الأثر الكبير على جيلٍ ما زال يذكر تلك الأيام ويذكر محاسنها.

edu4us@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات