انقلاب عسكري ام تصحيح ثوري!


ما بين الوصفين يكمن سر الاختلاف وبينهما ايضا يحدث الاستقطاب وتُملأ الساحات ففي الميدان الشهير يصفقون للتصحيح وفي ساحة الاتحادية يستنكرون الانقلاب.

ما يحدث في مصر اليوم يثير الأسى والحزن والأسف للانقسام غير المسبوق الذي يعيشه اكبر شعب عربي فثورة 25 يناير الشعبية التي كانت اهم من ثورة يوليو 52 العسكرية لم تستطع حتى اللحظة أن تخرج من نطاق الفوضى والارتباك لتبدو ام الدنيا اليوم منقسمة بين فريقين أو معسكرين يتصارعان على السلطة ويريد كل منهما أن يلغي الاخر.

ما حصل اليوم يسوّقه ما يقترب من نصف الشعب المصري على انه تصحيح لمسار ثورة بدأت قبل عامين سالت فيه دماء اجبرت فاسدين مستبدين على الرحيل مقابل النصف الاخر الذي يرى به انقلابا عسكريا على شرعية جاءت بها صناديق الاقتراع وهذا يعني ان الانقسام قد يبقى هو المشهد الرئيسي لتبقى الملايين منقسمة في ساحتين موالاة ومعارضة تتبادل الادوار حسب الظروف.

قبل عامين كانت الكلمة ايضا للقوات المسلحة التي كسبت ثقة الشعب الذي كان في معظمه ضد النظام السابق وتصرف العسكر وقتها بمسئولية وطنية رفيعة عندما حمت المتظاهرين وضغطت باتجاه التغيير وعادت لتسلم السلطة كما وعدت ورضي القادة بإقالتهم وعادوا الى بيوتهم وكان ذلك محل توافق وفخر الجميع لكن ما قام به العسكر اليوم لا يمكن تجاهل انه ينطوي على خلاف خطير. كان الامل ان تكون لغة الديمقراطية وادواتها وصناديقها هي السائدة بين الاطراف كافة والتي تفرز قيادات وطنية تكون مهمتها الخروج من عنق الزجاج الى الفضاء الرحب والمكانة التي تستحقها مصر.

اخطر ما قد يصل اليه الوضع المصري ان تُجر القوات المسلحة الى ميادين الاستقطاب لتظهر بانها مع نصف مقابل اخر ولو بقيت تقف وراء فكرة حماية الشرعية لكان ذلك ربما اجدى لفكرة ان القوات المسلحة هي للوطن والشعب وانها قد تكسب الموقف في مرة او مرات قادمة بتسويق نفس الفكرة اي دعم الشرعية لمن كانت.

اذا ما جُرت القوات المسلحة الى استنزاف جهدها في الشارع بين معسكرين فان هذا يعني اننا نذهب في اتجاه واضح هو اضعاف الجيش المصري بعد تدمير الجيشين العراقي والسوري وتثوير الناس في المنطقة على اسس طائفية ومذهبية ودينية وايديولوجية فتبقى جغرافية العرب منطقة نفوذ للغرب والشرق وأهم دول الاقليم ايران وتركيا وإسرائيل.

ان المسرح المصري الليلة قد يحمل العديد من المفاجآت وقد تحدث الكثير من السيناريوهات منها مثلا:

ماذا لو رفض المعسكر الاخر ذا الطابع الإخواني والاسلامي -وهو ايضا قادر على تجييش الملايين- ما صدر عن الجيش من اجراءات واصر بنفس الطريقة على احتلال الساحات والشوارع؟.

هل يذهب عندها العسكر الى اعادة اعلان حالة الطوارئ ويبقوا في الحكم سنوات؟

ولو سارت الامور حسب خطة الطريق المعلنة وقامت انتخابات بعد شهور من يضمن أن لا يتكرر السيناريو نفسه؟

هل يتم حظر الاخوان ومؤسساتهم حيث بدأ ذلك بإغلاق قنواتهم ومحطات اعلامهم؟

هل يتكرر النموذج التركي مثلا في مصر اي تبقى السلطة او الكلمة العليا للعسكر ويكون السياسيون مجرد دمى بيدهم سنوات حتى تخرج البلد من نفق الفوضى والاختلاف ويعود الامن والامان وتعود البلد الى عجلة العمل والانتاج؟

ام يكون النموذج الجزائري في الثمانينات بما صاحبه من عنف هو الاكثر مقاربة مع ما يحدث في مصر؟

هل يعود العنف بين الاخوان والسلطة؟ ويصل الى مرحلة استخدام السلاح من جديد بين الاسلاميين والتجمع الآخر؟

كيف يمكن لرئيس ان يدير او يسير امور دولة بحجم مصر في ظل خروج المليونيات اسبوعيا و تريد ان تفرض ما تراه؟ بل تفرض على القضاء احكامه؟

يبدو ان الايام القادمة حبلى بالأحداث وكفيلة بإبقاء المشهد المصري الاكثر اثارة ومتابعة لأشهر قادمة ولا يسعنا الا أن نتمنى أن يجنب الله مصر مخاطر الانزلاق الى مالا يحمد عقباه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات