لا زال قطار التغير يحوم


تمر الاحداث تلو الاحداث في بلدان عربية طالبت شعوبها بالتغير , منهم من رضخ للواقع دون سفك دماء ودمار للبلاد ليستخدم العقل بإيجاد الحل بعيداً عن استخدام السلاح فترك المنصب والجاه ليقبل بالمصير الذي كتب له وترك الإرادة للشعب حرية الاختيار بإيجاد البديل , ومنهم من أغلق العيون وصم الاذان عن مطالب شعبه وقال فئة قليلة لا خوف منها سهلة الاخماد لكنه نسى أن هذه الأقلية ستزداد مع الايام , ليكون رصاص تثبيت الحكام في صدور من يطالب بالتغير حتى صاروا عبرة بالتمثيل والتشويه جراء الاصرار على البقاء , ومنهم أصر في البداية ليرضخ في النهاية وآخرون لا زالت الرسائل تنهال عليهم في كل لحظة أن احذروا قطار التغير , سنوات التغير بدأت تقصف بحكام الثبات الذين تمسكوا بكرسي الحكم حتى ورثوا الحكم لمن بعدهم من الأبناء و تناسوا ان الملك لله وحده وليس للعباد , تركوا حكم الله وتمسكوا بحكم الدنيا الزائل حتى أطاح بهم قطار التغير والباقون من الحكام يدور القطار حول عروشهم للتنبيه والتحذير , تونس مفجرة الثورات كانت البداية في التغير فقبل رئيسها التحذير فاختصر الطريق فكان له اللجوء فأراح تونس وشعبها من الدمار وسفك الدماء وانهيار الاقتصاد و كان أفضل قرار اتخذه الرئيس الهروب من مصير الشعب الثائر , ثم ينتقل قطار التغير الى مصر وليبيا واليمن وسوريا , ففي مصر الجمهورية التي كانت ستتحول الى وراثية كانت البداية بسيطة بفئة قليلة لا تؤثر في ميزان القوى , ليصدر عليها حكم القمع بوسائلها المتنوعة , فذهب ضحيتها المطالبين بالتغير لكنه تفاجأ بزيادة الاعداد ليفقد شعبيته , ثم يتدخل الجيش وبعدها أعلن الرحيل ليلقى به وأولاده وبعض أتباعه السجن , من القصور العالية الفخمة ذات الحرس والخدم يقتاد الى السجن من اجل المحاكمة على سرير لتختار مصر رئيساً جديداً , أما ليبيا التي عاند حاكمها عن الرحيل تحولت أرضها الى لهيب من نار الرصاص الذي قتل الشعب ودمر البلاد لتكون حرباً داخلية بين مؤيد ومعارض حتى كان التدخل من الغرب وبمساعدة العرب لحماية الشعب , ثم تمت الاطاحة بحاكمها وقتله بعد التعذيب ومن ثم التمثيل به ليكون عبرة لغيره , أما اليمن خرجت فيها المظاهرات المؤيدة والمعارضة لكنه نسى ان قطار التغير لن يتركه حتى يرحل فكان للرئيس في النهاية الخضوع بعد ان تم زرع قنبلة لم تقتله لكنها اصابته بحروق شديدة , ليتخذ قرار الرحيل وينجوا وأهله من مصير القتل أو المحاكمة , أما سورية بدأت بكتابة عبارة لطفل أزعجت المسؤولين فضربوه وسجنوه لتنطلق مظاهرات تجتاح الشوارع ولأول مرة في تاريخ سوريا تطالب الرئيس الذي تورث المنصب من ابيه بالرحيل , ليكون ثمن طلب الحرية مأساة للبلاد , دمار وانهيار واستخدام أبشع وسائل القتل والتعذيب والتمثيل بالجثث من جميع الاطراف المتناحرة حتى صارت دماءهم سيلاً في الشوارع مع الاصرار على رفض الرحيل , أما البحرين التي لا زالت تغلي في فوهة بركان الطائفية بين من يدعم السنة ومن يدعم الشيعة لا زالت تنتظر قطار التغير , ثم يعود القطار مجدداً الى مصر التي ثارت وغيرت من قبل لتثور مرة أخرى مطالبة الرئيس الجديد المنتخب بالرحيل لتتوجه الأنظار الى مصر وأهلها , متسائلين هل ستستخدم العقل للخروج من الأزمة أم ستستخدم لغة العنف والسلاح لتكون المأساة والانهيار لأم الدنيا , اما ما تبقى من الدول والتي لم تسمع مطالب شعبها لا زال قطار التغير يحوم حول حدودها فالحذر الحذر .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات