الثورة أخت الثورة


من العجب أن الشعب المصري العظيم يقف اليوم مطالبا بإسقاط مرسي عن سدة الحكم، متذرعين بفشل الرجل في إيجاد حلول لكل مشاكل مصر بعد مضي عام على توليه مهامه الرئاسية، معتبرين أن ما لم يصلح في عام لن تفيد في إصلاحه ثلاثة أعوام أخرى، بل وترى المعارضة المصرية أن وجود مرسي وحزبه في السلطة هو سبب من أسباب تأخر مصر، وسبب أساسي في قتل الثورة المصرية، والقضاء على أحلام الثوار، الذين بدمائهم أزالوا حكم مبارك من قبل.

عجبا لهذا الشعب الذي يثور اليوم على مرسي، الذي أتى على بلد نخرها الفساد وتغلغل أثره وراء كل طاولة مسئول، وعلى كل كرسي ومقعد من مقاعد الضيوف في المكاتب الحكومية في الدولة المصرية.

وعجبا لهذا الشعب الذي يسمع اليوم وينقاد للانقلابيين من زعامات الأحزاب المعارضة، التي كانت تعيش وتترعرع في أكناف القصور في زمن مبارك، والتي منذ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية وفوز مرسي وحزبه بأغلبية الإرادة الشعبية، وهي تناكف وتضع العراقيل أمام المسيرة المصرية الجديدة، ليس حرصا على مصر وشعبها المجيد، وإنما خوفا من نجاح الإسلاميين في مصر، الأمر الذي إن تم فمعناه إبادة هذه الأحزاب وسقوطها وانتهائها إلى مزابل التاريخ.

عجبا لشعبك يا ارض الكنانة الذي يقف اليوم في الميادين، يريد إسقاط نظام معالمه ومنهجيته إسلامية، ليحل محله نظام يترأسه البرادعي، وعمر موسى، وحمادين صباحي، الثالوث المناكف والحريص على أن تكون مصر في ذيل الأمم، وتكون مصر غريقة في الجهل والفقر، هذا الثالوث الذي أبدا ليس بريئا من حمل الضغينة والكره لكل ما هو إسلامي، أو يكون فيه الخير والرفعة لمصر وأهل مصر، وانظر لأنصارهم تعرف مقاصدهم.

وعجبا لمن يقف في صف المعارضة المصرية من شعوب الدول، فإذا كانت المعارضة المصرية تتذرع بفشل الإدارة المصرية في إيجاد الحلول المنقذة لاقتصاد مصر ومعيشة أهلها، فلماذا لا ينظرون لبلدانهم التي تغرق بفساد أسيادها، وحرصهم الشديد لسقوط مرسي وحزبه ليبينوا للعالم أنهم على علاتهم خير من الانجراف وراء الثورات الشعبية، وليقولوا لشعوبهم انظروا إن الثورة المصرية فاشلة، وعلامة فشلها سقوط مبارك، واعلموا أن ما سيخلص إليه سذج الشعوب، أن بقاء الفاسدين في الحكم خير للبلاد من وصول المصلحين، لان أذناب الفاسدين قوية، وبسقوط حماتها ستقوى أكثر لتأكل كل ما عفت عنه نفوسها زمن أسياد الفساد.

فإن كانت لنا عبرة من الثورة المصرية، فهي أن الثوار سيجدون من يثور عليهم، وسيعلم ثوار اليوم الجدد أنهم وقعوا في شرك الخديعة، وأنهم أصبحوا مطية يعود عليها فلول النظام السابق إلى كراسي السلطة، بعد أن أوهموهم بأنهم خير لهم من الإسلاميين، وليوهموهم أن الثورة أخت الثورة، وخير ما ينهيها هو اللعب بنفس أدواتها، وتحريك نفس دُماها من جديد، ليتولد من جديد فاسدين جدد، وأصحاب مصالح عطشى لمص دماء الشعب المصري المجيد، وليكونوا مثلا يرهب به الحكام الفاسدين شعوبهم الغافلة في ظل الحكومات الفاسدة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات