حضرت هذا اليوم جاهة عروس حيث تزعم أحدهم الجاهة التي تنتمي لأهل العريس وقد كان خطابه ذا لون شرعي ديني واجتماعي خالي من المبالغة في الإطراء والمبارزة في استخدام الكلمات المقعرة والبيان البديع لإظهار شرف النسب والمصاهرة .أما من جانب أهل العروس فقد تصدر معاليه الجاهة ممشوق القامة اسود الشعر مع أن عمرة على ابواب الثمانين فوقف وامتطى صهوة جواده واستل سيفه من غمده وخطب في الحضور بصوت متهدج مستخدما كافة أسلحته في البيان والمفردات في مدح أهل العروس معرجا على البعد السياسي في الوحدة بين الشعبين الأردني والفلسطيني وكأننا في مفاوضات الوضع النهائي للقدس والضفة الغربية. يبدو أن "معاليه" يستمتع في هوايته وممارسة مهاراته في خطبة العرايس حيث أنه يكرر نفس الكلمات في كل مرة يتصدر الجاهة طبعا بدون ذكر أي آية قرانيه ذات علاقة بالزواج. يا ترى هل مآل السياسيين رؤساء وزراء ووزراء أصبح بالضرورة أن يمتهنون هذا الخط؟ وهل أصبح الوزراء المتقاعدون متخصصون في خطبة العرايس (واضعون ثيابهم بين اسنانهم)متنقلون من صالة الى صالة لإلقاء خطاباتهم الرنانة ليعلمونا فن "النفائس في خطبة العرائس"؟ وهل الزواج يصبح سعيدا ومباركا أكثر اذا كانت الجاهة بزعامة دولته أو معاليه؟ أم هي الزعامة والوجاهة التي تكاد تملئ صدورهم وتستولي على قلوبهم من أجل توكيد الذات وإثبات الأنا؟ في الدول والمجتمعات الأكثر تحضرا تجد ان رؤساء الدول والوزراء المتقاعدون يسارعون لافتتاح مكتبات او مراكز دراسات فكرية واستراتيجية او مراكز بحثية أو بيوت خبرة مستقلة تتخصص بدراسة قضايا مجتمعية حساسة مقارنة مع وزرائنا الاردنيين العظام الذين يبدأون بعد تقاعدهم مشوارهم مع الجاهات والمآدب والحفلات التي لا منفعة من ورائها. أنا أعتقد أن تصدر جاهات خطبة العرايس من قبل كبار السن الذين يتحدثون بطريقة عفوية تلقائية غير متكلفة ولا مصطنعة هي أبرك وأنفع وأنقى من هؤلاء النفر المحبين لأنفسهم والمصرين على تقدم الصفوف في السياسة أو الوزارة أو الأعراس أو المآتم أو التسحيج أو حتى مقدمة جرار زراعي أو غير ذلك المهم أن يكونوا في المقدمة بغض النظر مقدمة ماذا؟