جراسا -

كتب المحرر السياسي ـ أولا ، وباديء ذي بدء : هذه ليست معلومة بل ، بالعربي الفصيح ، شائعة .. قد تكون صحيحة وقد لاتكون ..ولكنها شائعة بليغة سياسيا إلى درجة لا يمكن تجاوزها أو طيها ! فالأوساط السياسية والشعبية تتداول الآن اسم المهندس سمير الحباشنة ـ تحديدا ـ باعتباره المرشح الأقوى لتشكيل الحكومة المقبلة .

الشائعة ـ التي يؤكد البعض بأنها أكثر من شائعة ـ لا تنطلق من فراغ ، بل من حقائق هي الآتية :

أولا، أن حكومة المهندس نادر الذهبي هي حكومة تكنوقراط انتهت صلاحيتها مع بدء مرحلة من الحراك السياسي الأردني باتجاه الحل النهائي للقضية الفلسطينية ما يتطلب رئيسا مسيسا وحكومة من طراز مختلف ذات وجه سياسي صريح . كان ذلك متوقعا مسبقا ، لكن حكومة الذهبي فقدت ، أيضا، صدقيتها كليا بسبب تبنيها ـ غبر المنسجم مع رؤيتها السابقة المعلنة ـ لمشروع الأقاليم التفكيكي كما ورد من اللجنة الملكية أي على أساس تقسيم الأردن إلى ثلاثة أقاليم . وقد أرادت حكومة الذهبي ، عبر هذه الانتهازية السياسية ، إطالة عمرها ... لكن انحياز الملك لرأي الأغلبية الشعبية المعارض للمشروع ، أفقد الحكومة آخر ما كانت تتمتع به من دعم . وعلى كل حال انه درس للحكومات اللاحقة ، فالصدقية وليس الانتهازية هي التي تفوز في النهاية.

ثانيا، سقطت كل الأسماء التي كانت مرشحة ، والتي بذل أصحابها ، خلال الأشهر الماضية، جهودا استثنائية للدفاع عن مشروع مشكوك به ، ومرذول شعبيا ، بحثا عن دور ، سقطت في خانة انعدام الصدقية ، وفقدت نهائيا أي حضور لها في الحياة السياسية والشارع .

لقد كان الذهبي يناور للبقاء ، وكان عبد الرؤف الروابده يقاتل لإثبات أنه الأكفأ للمرحلة عبر تأكيد تصوره الراديكالي لمشروع الأقاليم ، وعبر تخليه عن أي رأي وطني أردني وشروعه في التنظير للتوطين السياسي النهائي ، وكان فايز الطراونة فارس الميدان في المشروع مدافعا عنه مصغّّرا حجم الأخطار ومتهما المعارضين بالخيانة .. أما ممدوح العبادي فكان الأكثر استعجالا ، الأكثر تلوّنا الأكثر تنكرا للهوية الأردنية والوطن الأردني ، معتقدا بأنه يلفت النظر إلى كفاءته ...

كل هؤلاء وسواهم ممن هم مثلهم خرجوا من اللعبة ! وحالهم كحال الذي يرتجف تحت الماء البارد الذي سكبه الملك على جميع الوجوه الانتهازية

هكذا ، قفز إلى المنافسة .. السياسي الذي قال لا للأقاليم وواظب على نقد المشروع ، متمسكا برؤيته لتطوير الحكم المحلي في إطار المحافظات .

كان يمكن للحباشنة أن يخسر قليلا ومؤقتا لو أن مشروع الأقاليم استمر ، ولكنه الآن كسب صورته كسياسي يتمتع بالصدقية والوطنية والشجاعة . هكذا رشحته الشائعة للرئاسة . وهو ترشيح وجيه . قد يحدث قريبا جدا وقد يتأجل حدوثه . ليس مهما أبدا . المهم أن الرجل دخل نادي رؤساء الوزراء من الباب لا من النافذة .

الزميلة (كل الاردن)