مصر .. ؟


- جزء من عاطفتي هواه مصري ، مرتبط بالحبل السُرِّي بيني وبين أمي يرحمها الله ، التي ولدت في قاهرة المُعز ، التي عاش فيها أبي في طفولته ردحا من الزمن أيضا، إذ كان جدي لأمي ، وهو شقيق جدي لأبي قد بدأ تجارته في مصر في مطلع القرن العشرين ، وأصبح من كبار تُجارها ، وما يزال ترابها يحتضن عظامه وعظام شقيقيه وذريتهم ، كما ما يزال لي قوم من الأعمام والأخوال من صلب أجدادي الأُول ، يعيشون مصريين ومن الطبقة المستورة ، وبعضهم أكثر ثراءً .
- أردت من هذه المُقدمة ، كي لا يبرز مزايدا ، ليُعيق إهتمامي بمصر كحالة خاصة في وجداني ، ناهيك عن مصر العرب ، الإسلام ، عبق التاريخ والجغرافيا وما بين كل ذلك من عظمة الحضارة ، التي كانت ، ما تزال ويجب أن تبقى تعكس الثقافة المدنية عند شعب مصر ، وهو الشعب الأكثر تسامحا مردوفا بشهامة إبن البلد ، وعشق مصر المتجذر في الأرض ، المجبول بطين النيل.
-مصر دولة كبرى ، جغرافيا ، ديموغرافيا وتمتلك مقومات الدول العُظمى ، وأكثر أنها تتميز بحضارة عز نظيرها ، وما تزال تُحير العلماء الذين حاولوا الإبحار في خفاياها دون طائل ، فتلك الآثار الفرعونية ما تزال لُغزا قد يستمر كذلك لزمن غير مُحدد ، والتحنيط واحد من الأمثلة ، إذا هي مصر ، شعب وحياة لا يجوز إختزالها ، أو تأطيرها بغير مدنيتها المدونة بآلاف السنين ، والتي إستمرت وما تزال قائمة إلى يومنا هذا .
- المصري هو الأقرب إلى الله فطريا ، وهناك دلالات متنوعة على ذلك ، إذ قد يغرق المصري في كل الموبيقات ، وفي ذات الوقت يؤدي الصلوات الخمس ""دي حاجتي ، ودي حاجة ربنا"" ، ولا يُغفل ولو للحظة عشقه لمصر وتجذره بأرضها ، تغنيه بالنيل ، الأهرام ، الأقصر وأبو الهول لتعزيز مدنيته في شارع محمد علي ، للترفيه عن النفس أو لكسب العيش ، أو إيمانا بأهمية الفن بكل تلاوينه وحب المصري للغناء والطرب ، ""الفرفشة"" خواص وتميز مكتسب عبر الدهر.
- مصر ولادة ، كما يحب وصفها المصريون الفطريون ، ومنذ المداميك الأولى في الأهرامات والأقصر وغيرها الكثير ، لم تتوقف مُتتالية الإبداع المصري ، إلى أن حط غراب البين اليهودي ، عبر الإستعمار البريطاني الفرنسي على الشرق الأوسط ، ومصر أحد أهم أركان هذا المشرق ، الذي نكرر أنه عاصمة الكرة الأرضية ، أسرار الحضارات المادية ، وأسرار الغيب واللامدرك لبني البشر.
- مصر الآن...؟
------------------
- بالطبع ، لست باحثا في التاريخ أو علم الآثار ، ولا راجما في الغيب ، كما لست فقيها بقدر ما أنا مسلم فطري ، كحال المصري وكل المؤمنين بالله القدير ، وبرسالة محمد صلى الله عليه وسلم ، وأقرأ الفاتحة سبعة عشر مرة في اليوم فرضا ، ناهيك عن السُنة ، وعلى هذا سأعبر دهاليز الحالة السياسية في مصر ، وما في السياسة من ألاعيب ، أكاذيب ، مراوغة ، مناورة ، باطنية ، تُقية ، مؤامرات ، إغتيالات وموت يجب النأي بالدين الإسلامي عنها ، أو تلويثه بمقتضاتها ، أو إقحامه في أوحالها ، ومن يفعل ذلك هو بمثابة من يعمل على تشويه ، قُدسية العلاقة بين العبد وربه ، ويدق الأسافين بين الخالق عز وجل وبين المخلوق ، وينطبق المثل الشعبي ""يا داخل بين البصلة وقشرتها ، لا ينوبك سوى رائحتها"" ، لأن الله وحده هو الولي بعباده ، والجميع في نهاية المطاف في ذمة الله ، الأمر الذي يؤكد بضرورة الفصل بين الدين والسياسة ، ليس في مصر وحدها وإنما في أي قُطر يحكمه الإخوان المسلمون أو يسعون لحكمه ، إذ ثبت بالتجربة العملية إن في مصر أو غيرها ، وحتى في تركيا ذات الإسلام الأكثر حضارية ، أن الشعوب العربية والإسلامية تنتفض ، تُستفز في عشرينية القرن الحادي والعشرين ، أن تأتي جماعة وتفرض وصايتها على الدين الإسلامي الحنيف ، اليُسر والسمح ، الوسطي والمعتدل .
- لا إكراه في الدين ، لقد تبين الرُشد من الغّي ، ونحن في عصر النت ، التقنيات ، التطور العلمي وسرعة الإتصالات والمواصلات ، لم يبق جهل وتلاشت الجهالة ، والبشرية تعيش الآن في منزل كوني واحد ، وإن كان لم يعُد مقبولا الذهاب بنا سياسيا ، إقتصاديا وإجتماعيا لما كان عليه الحال قبل إنهيار الإقتصاد العالمي ، فما بالنا وهناك من يريد العودة بنا إلى قرن ونصف من الزمن...؟ ، وتحت عنوان تطبيق شرع الله ، فيما الله جلت قدرته أنزل علينا الدين ، للتفكر ، التدبر ، التعقل والتبصر فيما نحتاج وكيف نعيش وندير شؤوننا الحياتية واليومية.
- بالعودة إلى مصر ، إلى حكم الإخوان المسلمين...! وما هو حال الشعب المصري حاليا...؟ ، هذا الشعب العظيم الذي كده القهر ، الظلم ، الفقر ، الفساد وحُكم الحديد والنار ، إنتفض وثار من أجل الحرية أولا وأخيرا ، التي تُعتبر أكسير الحياة ، طريق المستقبل ، الشراكة في صنع القرار ، عبر أسس ديموقراطية تضمن الحق ، العدل والمساواة أمام القانون للجميع ، من خلال دستور مدني لا يفرق بين مسلم ومسيحي ، بين سُني وشيعي ، بين رجل وإمرأة ، أو حتى بين مؤمن وملحد ، ما دام الكل ، سيقفون أمام الله العزيز الجبار ، الذي يحدد الطريق لكل منا ، إلى الجنة أو إلى النار ، وهنا مربط الفرس...!!!
- ستبقى مصر ضعيفة ، مربكة ، مكدودة ، تتخبط وتعتريها الفوضى إن لم يحظ الشعب المصري بدستور مدني ، يضمن المساواة بين الشيخ محمد بديع وتحيه كريوكا ، الأزهر وكتدرائة الأقباط ، ومن منطلق ""كل على دينه والله يُعينه"" فإن مصر ستنهار ، تتقسم ، تتفتت وهذا ما يرده لنا الإستعمار



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات