رومانيا .. عقدين على ربيعها


برفقة ما يزيد عن الخمسين طبيباً ممن نهلوا العلم في الجامعات الرومانيه غادرنا عمان ومع صبيحة يوم مشمس حطت بنا طائرة التاروم بمطار بخارست,, كنا نتابع الوصول لحظه بلحظه وبنهم نتابع الحركات والارض والشجر, فلنا منهم رفقاء وفي ظل الكثير من الشجر كنا نتفيأ ونتقي حر الصيف, نجلس على مقاعد لا زالت شاهده تحكي تاريخ المكان ولكن بثوب متجدد,, الطريق يحكي حكاية عهد انقضى ورؤى وطموح جيل جديد,, الكبار يحدثونك عن شاوشيسكو والانجاز وشباب شغوف يحدثك عن الديمقراطيه واقتصاد السوق والانفتاح.. لكنهم يلتقون جميعاً عند حب الوطن والانتماء والوفاء...
عشت هناك لسبعة اعوام اثناء دراستي للطب في اعرق جامعات اوروبا واقدمها في مدينة ياش المولدوفيه وعلى ايدي أساتذه كبار اجلهم واحترمهم في نهاية سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن المنصرم,, وبعد حوالي ثماني والعشرين عاما عدت اليها كمن يلتقي أمه بعد انقطاع ابحث في زوايا مدنها وارصفة الشوارع عن آثار لسني عمري التي قضيتها ولم اجد غير بعض الأثار الماثلة والباقي تغير, فالشارع لم يعد ذلك الشارع والسوق ليس بذلك السوق فقد غزتها المولات ,ولم يعد على ارصفتها البائعون المتجولون ولا حتى بائعي الصحف,, اشجارها اضحت باسقه وكأنني اراها لأول مره ورشة عمل هنا وأخرى هناك ولكن الهدف التحديث...لقد تسمّرت لوهله عندما عانقت عيناي مبنى كلية الطب ومعهد الاناتومي حيث قضيت بين جنباتها وفي مختبراتها سنين عديده مع الاصحاب والخلان ولكن قلما التقي أحداً باستثناء القليل من الاساتذة العظام..
ما ان دلفنا نغادر المطار والذي شهد بعض التحديث ولكن هنالك طموح بالتغيير , نقلنا الباص بعد عراك في القول لا بالايادي فهنا زميل تأخر وهناك آخر لا زال يبحث في اشياءه,,كنا نجلس في المقدمه وبجواري احد زملاء الدراسة كنا نتفقد الشوارع والارصفه, نعد محطات الوقود ولكن اليوم كان ثوبها جميلاً, ناهيك عن متاجر صغيره تحوي كل ما تتمناه ليس كما الأمس البعيد,وببشاشة وجه يلقونك محيين بون فينيتس ونودعهم بابتسامه وكلمة لاريفيديري...كانت المناظر على جنبات الطريق خلابه تكسوها خُضره جميله تختلف عن خضرة اشجارنا ففي كل يوم تغسلها دموع الشتاء لتمسي يانعه...
كنا نمر بقرى ومدن صغيره كثيره لكن ما فاجئني غير الخضره اليانعه ايضاً الورود الجميله المزروعه في الجزُر الوسطيه وفي قراهم لا كما في مدننا وعلى الخصوص العاصمة عمّان .. فطريق الملك من قصره حتى حيث يلتقي الوفود لم اشاهد ورده او جزيره منجّله!!! تابعنا مسيرنا لساعات في الباص وبرغم التعب لم نشعر ولو للحظه بالملل,, حتى وصلنا على مشارف مدينة ياش تحوطنا المرتفعات الشاهقه المكسوّه بالاشجار المعمّره, وجدناهم يجددون الشوارع المؤدية الى المدينه حتى توقفنا في فندق قريب من المدينه يسمى موتيل,, تناولنا وجبة الغداء ومنها ما افتقدناه شوربة الخضار بلحم البقر والسمنتنا... أكتفي اليوم على ان نلتقي بمقال ثاني استكمالاً ..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات