أطباء القطاع العام الحلقة الأضعف


استفزني قبل أيام مقال منشور في أحد الصحف اليومية تحت عنوان حصانة طبية للأطباء وأخرى انسانية للمرضى ومن باب حرية الرأي والرد أود أن اعلق على المقال حول ظاهرة الاعتداء على الأطباء .

في البداية أود التأكيد أن مسألة الاعتداء على الطبيب هي خط أحمر وأهنه لايوجد أي مبرر أخلاقي أو انساني أو قانوني يقبل هذا المنطق لأن العكس يعيدنا لقانون الغاب ان التحليل الذي قامت فيه صاحبة المقال يبعد كل البعد عن الحقيقة وفيه مغالطات كبيرة يجب تصحيحها وأسجل بعض الملاحظات :

-       ان ازدياد عدد الاعتداءات على الاطباء والكادر الطبي قد ازداد في اخر سنتين بحجم كبير جدا ومعظم أو كل الاعتداءات تمت في مستشفيات وزارة الصحة أو المراكز الصحية التابعة للوزارة ولدراسة وتحليل المشكلة يجب أن نسأل انفسنا لماذا الاعتداء يتم فقط على اطباء وزارة الصحة ولماذا هذا الارتفاع خلال السنتين الماضيتين ,لماذا أطباء وزارة الصحة هل هؤلاء الأطباء وحوش عديمي الانسانية يختلفون عن باقي الأطباء في المواقع الاخرى (القطاع الخاص-المستشفيات الجامعية-الخدمات الملكية....) نود أن نقول أن لهذا الموضوع عدة أبعاد اولها أن وزارة الصحة تقوم بمعالجة أكثر من 60-70% من تعداد السكان في الاردن ان مستشفيات وزارة الصحة وخلال السنتين الماضيتين أصبحت تعاني من اكتظاظ شديد مما خلق جو مشحون لدى المريض من تعقيدات وصعوبة المعاملات وضغط نفسي كبير لدى الكادر الطبي لا يعقل أن يقوم طبيب بمعاينة 150-200 مريض في عيادتع يوميا لا يعقل أن يقوم طبيب في الطوارىء بمعاينة 300-400 مريض  في مناوبته لا يعقل أن يكون الطبيب المناوب مع زميل واحد او زميلين أن يكونو مسؤولين عن 50 مريض داخل في قسمه كلهم بحاجة للرعاية مع وجود 2-3 أشخاص من التمريض أيعقل هذا الكلام . ان الاعلام وللاسف وفي خلال السنيتن الماضيتين ركز كثيرا على مسألة الأخطاء في المستشفيات  وتم تصوير كل هذه الأخطاء على أنها من مسؤولية الطبيب لا أعرف عن ماذا وماذا وماذا هذا الطبيب مسؤول كل ومعظم ماحدث من أخطاء هو أخطاء ادارية بحتة  ,لم يثبت ولا في قضية أمام القضاء مسؤولية الأطباء عن هذه الأخطاء لكن وللأسف ان الاعلام وبعده الرأي العام احتقن على ماحدث وهذا حقه واصبحت ردة الفعل فقط موجهة للأطباء لأن الطبيب هو الواجهة طبعا او كما يقولون (بوز المدفع)لا يجوز في القرن الواحد العشرين أن نتحدث عن أخذ الحق باليد قبل ان يحاكم أي انسان ان ضرب الطلاب في الدارس ممنوع ان الاعتداء على الاطفال ممنوع ان الاعتداء حتى على المساجين ممنوع في القانون ايعقل أن يقوم اي مواطن بالاعتداء على اي طبيب  فليتذكر هؤلاء ان كرامة الطبيب من كرامة اي مواطن وليتذكر هؤلاء ررغم كل السلبيات التي تصدر من اي طبيب هنا أو هناك هي عفوية او نتيجة ضغط كبير وان لا ينسى المواطن الخدمات الكببيرة التي يقدمها الأطباء في القطاع العام رغم كل الظروف الصعبة التي يمر بها الأطباء ففي آخر استطلاع صدر عن الجامعة الأردنية قبل أيام حول الرضا الوظيفي لدى الموظفين في الأردن كانت ادنى نسبة من الرضا الوظيفي لدى الأطباء أيعقل أن يكون الأطباء في بلد مثل الأردن يفتخر بأنه من الأوائل في المنطقة من حيث الخدمات الطبية يملكون أدنى نسبة من الرضا الوظيفي .

نحن نعترف بوجود مشاكل كبيرة في القطاع العام  ونحترم كل الجهود من وزارة الصحة في هذا الاتجاه لكن من المنطقي ايضا أن تعي وزارة الصحة وكل المؤسسات الحكومية المسؤولة عن تطوير القطاع الصحي في الاردن أنه وبدون تطوير وتحسين  ظروف الطبيب قبل تحسين المستشفيات والمراكز الصحية او بالتوازي معها هو كالنفخ في قربة مفرغة الطبيب في القطاع العام يعاني الان من مشكلة حقيقة وهي احساسه بالظلم مقارنة بزملائه في القطاعات الاخرى والاحساس بالظلم ينعكس على ادائة ونفسيته ضف الى ذلك الارهاب المعنوي الذي يعيشه الان وعدم وجود امان له في مكان عمله نحن معنيون الان بايجاد التشاريع الخاصة واستصدارها باقصى سرعة ممكنة لتحسين ظروف الطبيب في القطاع العام بدءا من ايجاد نظام خاص للأطباء اسوة بقطاعات كثيرة اخرى في المجتمع الي تحسين رواتبه ومضاعفتها على ادنى تقدير وتحسين نقطة الحوافز

من خلال ايجاد مصادر دخل أخرى ومن بينها نسبة معينة من كل حالة دخول الى المستشفيات الخاصة أو من كل وصفة طبية وفرض نسبة معينة على كل شركة من شركات الأدوية بالاضافة الى زيادة المخصصات المالية من وزارة المالية ,اليوم هناك عزوف كبير من قبل الاطباء للتعين في وزارة الصحة ولا يلتحق أكثر من 25% من نسبة المطلوبين  من ديوان الخدمة ضف الى ذلك  رحيل وترك نسبة كبيرة من الأطباء وزارة الصحة للتوجه للقطاع الخاص أو دول الخليج وبصدق كبير اذا لم تتخذ الحكومة اجراءات سريعة وعملية وايجاد خطة واضحة لتحسين وضع الأطباء خلال سنة على أقصى تقدير من الان سيعاني القطاع العام من نقص حاد جدا بمعظم الاختصاصات والطبيب غير ملام لان الانسان من حقه أن يحسن ظروف حياته وان يضمن الحياة الكريمة لابنائه وقد بدأت ظاهرة النقص الحاد من الطفو على السطح ففي الامس قررت وزارة الصحة التعاقد مع أطباء من خارج الاردن لتغطية العجز في مستشفى الامير حمزة واذا بقى الوضع على ماعليه ستحتاج وزارة الصحة لمئات او الاف من الاطباء خلال الخمسة سنوات القادمة لتغطية العجز في المستشفيات والمراكز الصحية التابعة للوزارة .

ان نقابة الاطباء اليوم بمجلسها ونقيبها الجديد امام مسؤولية كبيرة للعمل بهدوء وبمصداقية بعيدا عن المزايدات الاعلامية والانجازات الوهمية التي كنا نسمعها بالماضي القريب بالاضافة الى مسؤولية كبيرة ملاقاة على وزارة الصحة ممثلة بمعالي وزير الصحة لايجاد الحلول المناسبة والسريعة مع رئاسة الوزراء لا يجاد وتسهيل كل الظروف لولادة تشريعات تضمن كرامة كل طبيب في وزارة الصحة وان الاعلام مطالب اليوم للوقوف مع هذه المطالب للنهوض من جديد بالقطاع الصحي والابتعاد عن الشحن الاعلامي السلبي والمسىء للأطباء لتوعية الرأي العام وعدم شحنه كما جرى بالماضي القريب والمطلوب من المواطن الاردني ان يتعامل بوعي وحضارة أكبر مع أي سلبية يواجها وليكون متاكدا أن الطبيب وجد لتخفيف معاناته  هذه هي الرسالة الانسانية التي يؤمن بها كل طبيب من أقصى الأردن الى أقصى شماله .

allouhkhaled@yahoo.com



تعليقات القراء

ابن الزرقاء
شكرا للدكتور على هذا المقال واطلب من كل المواطنين الوقوف لحظة مع ضميرهم من المعيب ان يحدث هذا في الاردن كل الاحترام لكل الاطباء ومن يسىء بطرقة غير مقصودة يسىء لنفسه ولا يجب التعميم على الاطباء وشكرا
05-05-2009 11:02 PM
سهام
بسم الله الرحمن الرحيم

مما لاشك فيه ان قضية الاعتداء على الاطباء في القطاع العان اصبحت ملفتة للنظر في الاونةاالاخيرة ولابد من التدخل لايجاد الحلول الجذرية لتحسن ظروف الاطباء فكيف سيعالج الطبيب المريض وهو بنفس هذه النفسية بعد تحسين ظروفهم حاسبوهم اما الان وفي ضل ماورد في المقال غير مقبول ان تحاسبوهم ثم انا ضد الاعتداء على اي طبيب او ممرض واطالب جلالة الملك عبدالله الثاني الذي عودنا بالتدخل لاحقاق الحق التدخل لانصاف هذه الفئة
05-05-2009 11:09 PM
معع الحق
انا استغرب لهذا النهج فيما يخص الاطباء في وزارة الصحة اذ ان تناوب الوزراء على الوزارة لم يغير من وضع الطبيب الا في نسبة ضئيلة من التغير الايجابي. ومن هنا اود ان اقول الى متى هذا التراخي والتاجيل والرفض في تحسين اوضاع الاطباء الذين يجب اعطائهم حقهم من جميع النواحي المادية والمعنوية .
انني اشبه وضع الاطباء وكانهم ينتظرون على محطة الباص دون وصول هذا الباص مما يجبرهم على المشي الى المقصد مما يضعف من قوتهم وعزيمتهم وبالتالي فقدان القدرة على الانتاجية والنوعية في اداء الخدمة ، فالطبيب مؤتمن على اغلى شيء للانسان الا وهو صحته والمواطن بلا صحة لا يستطيع ان يبني ويخدم مجتمعه .واقول ايضا ان سياسة المعالجة لوضع الاطباء بالطريقة البدائية دون وضع تصور وتخطيط للامر وكان الوزراء المتعاقبون يوزعون هبات على الاطباء او صدقات انما كمن يخيط الجرح المتقيح فهو لم يعالج لا بل زاد من سوء الحالة اذ ان هجرة الاطباء على المدى البعيد ستؤدي الى تدهور الوضع الصحي بشقيه الوقائي والعلاجي وان الدول المتطورة لا تنظر الى المشاكل من اجل وضع حل اني وانما الى حل جذري على المدى البعيد يكتب له الديمومة والماسسة .
وانني ارجو من معالي وزير الصحة اخذ الموضوع على محمل الجد والا لن نجد اطباء من ابناء البلد وان اي حلول يجب ان تمر من خلالهم واخذ رايهم وان ما يطلبونه ليس بالكثير مقارنه بما يمكن ان يهدر على العلاج او على توفير كوادر بديلة لهم
وفي النهاية اهل مكة ادرى بشعابها واطباء الاردن ادرى بالهموم والاوجاع الصحية فلنعطهم ما يستحقون ولا نبالغ في صدهم والتعامل معهم على اسس مادية فالطبيب لا يطلب الا ان يتحسن وضعه المادي وهذا حق له مثل بقية القطاعات الصحية الاخرى خارج وزارة الصحة
05-05-2009 11:43 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات