سياسة الأردن داخليا وخارجيا


اثبت الأردن انه لاعب أساسي في السياسة الدولية ، له دوره المحوري في قضية الشرق الأوسط ، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، ولعل ذلك يعود الى انه ينطلق في قوته السياسية من توازن الدولة ، وتماسك الشعب ، ووسطية الفكر ، وثبات المبادئ، ووضوح الرؤيا ، فقد استطاع الأردن أن يضع حل الدولتين على أولوية الرئيس الأمريكي العاقل ، الفيلسوف الباني لسمعة الأمة الأمريكية الجديدة ، والرافع لشعار التغيير ، والذي يحاول أن يتخلص من تركة بوش الثقيلة ، الرئيس الاميركي الذي يحظى باحترام دول المنطقة ، كما برهنت القيادة الأردنية على قدرة عالية في أسلوب الاختراق الذكي في جدار صناع القرار الأمريكي ، وفن التأثير في مؤسسات أمريكية يصعب الوصول إليها ، والتعاطي معها ، والأردن مهد الطريق للقيادة الفلسطينية والزعماء العرب المعنيين ، وفتح لهم أبوابا لا تفتح ، وهيأ فرصا صالحة للاستثمار السياسي .

السياسة هي فن الحصول على الممكن ، وهذا الممكن يواجه مثلث مقاومة متساوي الأضلاع ، فاللوبي الصهيوني في أمريكا يعتمد أولا على الضلع الأعلامي ، المؤثر والفعال والذي يغير اللون الأسود إلي الأبيض ، وينير الليل ، ويحول الضحية إلي مجرم ، ويوجه الأمة الأمريكية والغربية نحو القبلة التي يراد السجود لها ، والعنصر الثاني هو الاقتصاد ، المال ، البترول ، البنوك ، الأسواق ، التجارة ، الصناعة ، الزراعة ، المياه ، الغذاء ، السلاح ، كل مقومات الحياة الإنسانية ، وكل وسائل العيش، حتى الهواء يستطيعون تلويثه ، وتسميم الأكسجين الصالح للتنفس ،وأما الضلع الأخير في المعادلة فهو القوى السياسية المؤثرة ، فهناك عمالقة ، أفراد وجماعات ، ومنظمات، ومؤسسات ، ومراكز ، وأحزاب ، ومنتديات ، ونواد ، وهيئات حكومية وأهلية ، وقوى المجتمع المدني ، تساند وتدعم وتوجه ، كلها تعمل لصالح السياسة الاسرائيلية .

ولا ننسى عواصم الحسم في المنطقة ، تل أبيب - طهران -واشنطن ، كل من يريد أن لا يصاب بعمى الألوان السياسي ، يجب أن يعرف أنه لا حل للقضية بدون هذه المفاتيح على المستوى الدولي والأفليمي ، فاليمين الإسرائيلي المتطرف الآن لا يريد لا حل الدولة ، ولا حل الدولتين و لا الثلاثة ، ويفكر في كيفية طرد عرب (48 ) ، ليكون هنالك دولة يهودية نظيفة خالية من الشوائب ، أما الديمقراطية ، والحضارة ، والإنسانية والقيم والمبادئ والعدل ، والمساواة ، والحقوق ، والقانون الدولي ، والاتفاقيات ، والمعاهدات ، وقرارات مجلس الأمن الدولي فكلها للاستهلاك المحلي فقط ، وأما طهران فلها أجنحة أخذت تنشرها في المنطقة والعالم ، لها حضور وتأثير في العراق وافغنستان وغزة ولبنان ، فلا يمكن سحب الورقة الإيرانية أو القفز عنها ، والتعامل معها حقيقة واضحة كالشمس ، أمريكا وإسرائيل تتعاملان مع إيران بهذه التوازنات ، وضمن تلك المعايير ، والإستراتيجية الأمريكية للخروج من العراق يتطلب تعاونا إيرانيا مخلصا ، والملف الإيراني النووي على الطاولة ، أما واشنطن فلا داعي للحديث عن دورها ، وتأثيرها وحضورها ، فكل ما قد يقال لا يضيف شيئا لمعلومات القارئ ، فهي باختصار كالماء احد عناصر الحياة السياسية والاقتصادية .

نعود إلي الداخل ، إذا كان بيتك من زجاج فلا ترم الناس بالحجارة ، بمعنى إذا كان العرب عربين ، والفلسطينيون قبائل متناحرة ، وإيران تدخل من الشباك ، وتركيا تقرع الباب ، وتنظيم القاعدة ينتشر في العراق ، وبعض الرؤساء العرب على قائمة المطلوبين للمحكمة الدولية ، والقادة الإسرائيليون منزهين عن السؤال ، والقرصنة البحرية تأخذ اولوية في سواحل الصومال ، ومنع دخول الأسلحة إلي غزة يتطلب جهودا دولية للحصار ، ومحكمة اغتيال الحريري تستنزف استقرار لبنان ، وهناك مسلسل طويل من القضايا ، فمتى تأخذ القضية الفلسطينية دورها في ضباب الفوضى الداخلية ؟

كل هذا يدعونا للالتفاف حول قيادتنا والالتزام بثوابتنا ورص الصفوف والدفاع عن آخر الثغور الحصينة ، وفتح العيون وإدراك الواقع والتغلب على التحديات ومواجهة الأزمات وحماية الدولة وتوحيد القلوب والابتعاد عن كل ما يفتت الجهد ويبعثر القدرة أو يفكك المجتمع ، ويثير الفرقة .

عناصر النجاة، القيادة الهاشمية، قوة الجيش العربي، شعب وفي يشعر بالعدالة والمساواة.



تعليقات القراء

شلاش ابو مالك
هل من مزيد ياباشا
19-10-2009 07:35 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات