جلالة الملك .. لا تسمح بإهدار كرامة المواطن .. !


إصرار الحكومة على رفع أسعار الكهرباء إصرار جائر وغير حكيم، وسوف يلحق الأذى بغالبية الأسر الأردنية، ويرفع من نسبة الفقر في المجتمع، كما أنه ينطوي على تعمية للحقائق، فالقول أن (85%) أو (92%) من المستهلكين المنزليين أو التجاريين-حسب الروايات الحكومية المتفاوتة- لن يتأثروا بالرفع، حتى في أوقات ذروة الحرّ والقرّ، غير دقيق على الإطلاق، وسأكتفي بالحديث عن الاستهلاك المنزلي وحده، ذلك أن متوسط استهلاك الفرد من الطاقة الكهربائية يبلغ حوالي 2079 كيلو واط/ساعة سنوياً بحسب تصريحات رسمية سابقة صادرة عن أحد مفوضي هيئة تنظيم قطاع الكهرباء، ولن نأخذ بالاعتبار نسبة النمو السنوي في الاستهلاك التي بلغت ما بين عامي 2005 و 2006 حوالي 7%، فإذا علمنا أن معدّل حجم الأسرة الأردنية 5.4 أفراد بحسب دائرة الإحصاءات العامة، فهذا يعني أن متوسط استهلاك الأسرة من الكهرباء يصل إلى 11226 كيلو واط /ساعة سنوياً، ما يعني أن متوسط الاستهلاك الشهري يصل إلى 987 كيلو واط /ساعة، فما معنى أن تقول الحكومة بأنها حَمَت كل منْ لم يتجاوز استهلاكه 600 كيلو واط/ساعة شهرياً، ثم تدّعي بأن 92% من المستهلكين المنزليين لن يتأثروا بقرار الرفع..!!؟؟
أما عن الاستهلاك التجاري، ويشمل كافة المحال التجارية الصغيرة من بقالات وغيرها، فإن غالبية من أصحاب هذه المحال هم من فئة الفقراء ومتوسطي الدخل، ورفع تعرفة الكهرباء عليهم سوف يؤدي إلى إفقار بعضهم، أو اللجوء إلى زيادة أسعار السلع التي يبيعونها لتعويض قيمة الزيادة في أسعار الكهرباء، وربما اضطر البعض إلى إغلاق "دكانه" أو محله الحرفي الذي يتكسّب منه، والجلوس في البيت، على أن يخسر جراء دفع فاتورة كهرباء ينوء بتحملها، مما سيؤثر بالتأكيد وفي كلا الحالين على الدورة الاقتصادية في الدولة، ويضيف إلى أعداد الفقراء في المملكة فقراء جدداً، وهو ما سيدفع إلى الإضرار المباشر بمناطق الفقر والمحافظات البعيدة التي تئن تحت وطأة فقر مدقع، وسيرتفع بذلك عدد الأقضية المصنّفة كجيوب فقر في المملكة من 27 قضاءً إلى الضعف وربما أكثر..!!
مشكلة الحكومات أنها غالباً ما تتخذ قرارات غير مدروسة ولا تمت إلى الحكمة بصلة، وكنا وما نزال نذكر حكومة الدكتور عون الخصاونة عندما فكّرت بزيادة أسعار الكهرباء على الاستهلاك المنزلي، وكان التوجّه أن يتم الرفع على الشريحة المنزلية التي يزيد استهلاكها على (700) كيلو واط/ ساعة شهرياً، وادّعت حينها أن 97% من المستهلكين المنزليين لن يتأثروا بهذه الزيادة، ثم اعترفت بخطأ حساباتها تحت قبة البرلمان على لسان رئيسها، وتراجعت أمام سيل من الحقائق التي بيّنت أن الغالبية العظمى من المستهلكين سوف يتأثرون بالزيادة..!!
نحن اليوم أمام حكومة وضعت سقفاً هو 600 كيلو واط/ ساعة شهرياً للاستهلاك المنزلي الذي لن يتأثر بالتعرفة الجديدة.. فأي هراء وأي تناقض وأي استخفاف بالرأي العام هو هذا..!!
أنا واثق أن الملك لن يوافق الحكومة على توجّهها لا حاضراً ولا مستقبلاً، لأن هذا التوجّه يتناقض تماماً مع التوجيهات الملكية المتلاحقة للحكومات، التي تشدّد على ضرورة حفظ كرامة المواطن والارتقاء بمستوى معيشة الشعب، وحمايته من أثر التضخم في الأسعار والخدمات..!!
إصرار الحكومة على رفع أسعار الكهرباء يجب التراجع عنه بأسرع وقت، لأنه إذْ سيُلهب أسعار كل شيء في البلاد، فسوف يُهدر كرامة المواطن، ويسحق الطبقة الفقيرة والضعيفة ويدمّر ما تبقى من الطبقة المتوسطة.. ويخلق العديد من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي نحن في غنى عنها تماماً، ولا ينقص البلد مزيد من وجع الرأس، وفوق هذا أعتقد أن الضرر على الاقتصاد سيكون أكبر من نفعه، والأمل كبير بالملك بأن يتدخّل وأن لا يسمح بإهدار كرامة شريحة واسعة من الأردنيين..!!




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات