أيمن هزاع المجالي .. الدينمو الصامت المسكون بالولاء والانتماء والبناء
جراسا - في المشهد السياسي الساخن، وعبر حقب سياسية اردنية خلت، ظل اسم أيمن هزاع بركات المجالي حاضرا في المدونة الرسمية كرجل سياسة مخضرم ترك وصنع بصمته السياسية في القرار الأردني كما لم يفعل غيره، وهو الرجل الذي خرج من معقل الدولة بوصفه ابنا لأحد أكبر وأهم رجالاتها المرحوم بإذنه تعالى هزاع المجالي الذي لا زالت ذكراه حاضرة بعد عقود ستة على رحيله المؤلم .
وفي السنوات المنصرمة القليلة الماضية، اقترن المشهد السياسي بإسم أيمن هزاع المجالي، والذي يصفه المقربون منه على الصعيد السياسي بالدينمو الصامت، والذي يصنع ويسهم بخروج القرار مدفوعا بخبرته السياسية وقبلاً بوطنيته المحنكة والتي استقاها من تجاربه الشخصية المقرونة بإرثٍ تجرعه من والده هزاع المجالي والذي ظل حتى بعد رحيله لحناً على ألسنة الكركيين بقولهم في مقام الشجاعة (اضرب ولا يهمك هزاع ابن عمك) ، ذلك اللحن او تلك المقولة التي حملها أيمن هزاع المجالي تميمة نجاح بعد أن ترجمها إلى حنكة سياسية متعقلة ومتسلحاً بها مستمداً منها الثقة والنبل والشجاعة في جميع محطات حياته الساسية.
وعند الحديث عن رجل صاحب باعٍ طويل في السياسة الأردنية، تجد نفسك امام المرجعية السياسة الأميز، فالرجل عاصر مفاصل التاريخ والجغرافيا الأردنية عبر محطات كان من شأنها أن حطت به قريبا من أمكنة صنع القرار، حاضرا بقوة وشاهدا على تحولات الدولة الأردنية في نصف قرن ويزيد!
في حياة أيمن هزاع المجالي مرجعيات بنتها الذاكرة الحية لرجل خرج من بيئة سياسة بحتة وهو ابن الشهيد هزاع المجالي أحد بناة الدولة الأرنية الحديثة، والذي إقترن إسمه بتاريخ الأردن السياسي كأهم وأبرز مَعلم، والذي دفع ثمن مواقفيته الأردنية العروبية الأصيلة، ليكون الشاهد والشهيد في آن، مخلفاً وراءه أبناء ساروا على خطاه وما بدلوا تبديلا .
ففي مركز صناعة القرار الأردني، سار أيمن هزاع المجالي جنباً إلى جنب مع جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه، وعايش معه حقبة أردنية هي الأكثر حرجا في العقد الأخير من القرن العشرين، بفعل التغيرات المناخية للسياسية العربية في المنطقة، وأثرها على المناخ السياسي الأردني، فكان الوفي الأمين للملك وللأردن ، مارس عمله آنذاك كواحدٍ من أقرب موظفي الديوان الملكي للملك الراحل ، تلك الوضعية الخاصة والحميمة التي حظي بها قريبا من الراحل الحسين أهلته ليكون من القلة الذين وثق بهم جلالة الملك الراحل فكان شاهدا على إعادة ولاية العهد إلى نصابها الدستوري، حيث تذكر محطات الرصد السياسي حادثة استدعائه من قبل الحسين وهو على سرير الشفاء في 'مايو كلينيك'، قبل شهرين من تغيير الولاية، ومبلغّا إياه بقوله ' سأغيّر لصالح الأردنيين ولما فيه خير الهاشميين' ..
ولم تكن هذه الحادثة سوى ترجمة فعلية لمكانة الرجل لدى الملك الراحل، الذي اختار المجالي ليكون أول المطلعين على هذا المفصل التاريخي في حياة الاسرة الحاكمة والأردنيين، ولا عجب، وقد كان المجالي رفيقاً أمينا على حياة الملك، عايش معه في كثير من محطات حياته السياسية والشخصية الملكية قبل أن يدخل جلالة الملك الراحل رحلة العلاج ، ليكون المجالي قريبا منه ويكون موضع ثقته بإبلاغه خبر تغيير ولاية العهد .
وبعيدا عن الكنية السياسية ، بدأ أيمن هزاع المجالي حياته في العاصمة عمان بحكم عمل أبيه الشهيد هزاع المجالي، حيث ولد فيها، وتلقى تعليمه لمرحلتي الابتدائية والإعدادية في مدرستي تراسنطة والمطران، لينتقل بعدها للدراسة في كلية الأمة الواقعة بين مدينتي رام الله والقدس في فلسطين، في القسم الداخلي، فعرف مبكرا كيف يكون لنهر الأردن العاشق شرقيه والمحب لغربيه، أدرك مبكراً تؤمة جبال نابلس والسلط، والكرك والخليل، وعمان والقدس..
ليتابع دراسته الثانوية في عمّانه معشوقته الأولى لينهي دراسة الثانوية في الكلية العلمية الإسلامية، ومنها الى عاصمة العلم والثقافة آنذاك بيروت، التي دخل جامعتها العربية ليدرس التاريخ، مع ما رافق ذلك من تجربة ايضا مبكرة عايشها خلال دراسته في بيروت التي كانت تشهد قلاقل سياسية وصراعا مسلحا كان يضطره الى التنقل من بناية لأخرى .
وفي أولى محطاته التي حملته إلى الواجهة السياسية، فقد سجل المجالي رقما قياسيا غير مسبوق بتسلم مسؤول لمنصب رفيع بسنٍ صغيرة لا تزيد عن العشرين عاما، فبعد أن التحق بدائرة المراسم في وزارة الخارجية في حزيران عام 1973 ليصبح ملحقاً دبلوماسياً في السفارة الأردنية في واشنطن، كانت عودته الى الى مركز الوزارة مساعداً لمدير المراسم ، ليتسلم بعدها منصب مدير المراسم وعمره آنذاك ستة وعشرون عاماً.
وليدخل بعدها المرحلة الأكثر خبرة الأهم والانضج في حياته في كانون الأول1979 بالعمل في الديوان الملكي بطلب من رئيس الوزراء عبدالحميد شرف، وهناك واجه المنافسين والانداد بوصفه المسؤول الرفيع الأحدث سناً ، ليتابع تسلم مهامه من نجاج الى نجاح وليغادر دائرة التشريفات، وينتقل للعمل مديراً لمكتب الملكة نور، في مهمة خارج وتيرة العمل التشريفي الى عمل إداري وإعلامي بقي فيه اربعة أعوام وليعود بعدها للتشريفات.
كيف استعاد المجالي ثقة الحسين مجدداً
وتذكر المصادر المتابعة لشخص المجالي بأنه بين عامي 1988- 1993 مديراً لمكتب الملكة نور، فشعر أن خبرته اكتملت، وكانت انتخابات العام 1993 على الأبواب، فحدثته نفسه بالترشح لمجلس النواب، وفاتح الملكة نور بذلك، غير أنه أُخبر بعد ذلك أن الملك حسين سيختار له موقعاً جديداً.
حدس الرجل انبأه بأنه سيتولى رئاسة التشريفات الملكية، وصار له ذلك في تشرين الأول (أكتوبر) 1993، وكان رئيس الديوان الملكي يومها الأمير زيد بن شاكر، فيما كان رئيس الوزراء عبدالسلام المجالي.
ومع أن الرجل ينفي بأن يكون سبب عدوله عن الترشيح للانتخابات نابعاً من الرغبة في إفساح المجال للمهندس عبدالهادي المجالي للترشح، الا أنه لا يخفي وجود منافسة مع الأخير، كما لا يخفي ايضاً وجود منافسين له بالعمل، ويقول: 'عملوا على إبعادي عن التشريفات'.
ورغم العمل بعيداً عن التشريفات خلال الاعوام 1988 - 1993 إلا أن انداد الرجل ظلوا على سعيهم لإقصائه، كما يؤكد بحسب المصادر المتابعة.
تقييد الرجل والحد من طموحه بديا جليين عندما استلم التشريفات: 'عملوا على ربط رئيس التشريفات بمستشار الملك آنذاك ينال حكمت'، فكان عليه أن يسعى لاستعادة ثقة الملك حسين به.
يعترف المجالي حينذاك، بأنه استغرق وقتا ليكسب ثقة الحسين مجددا، لأن هناك من 'اشتغلوا ضده'، فواجهته مشكلة تضارب الصلاحيات بين موقعه كمدير للتشريفات، ومع مدير المكتب الخاص آنذاك.
وبما أن استعادة الثقة لا تتم بسهولة، فقد أتيحت له فرصة استعادتها. وكان الاختبار الاصعب عندما أُرسل مع مجموعة من كبار موظفي الديوان الملكي الى واشنطن لإعداد ترتيبات اتفاقية السلام مع اسرائيل العام 1994.
ويروي أنه سافر مع الأمير طلال بن محمد وينال حكمت، وكان ذلك أول لقاء له مع الاسرائيليين.
جرى اجتماع مهم له في الكونغرس حضره وحيدا عن الجانب الأردني، وطوال الوقت حاول أن يحصل على برنامج المحادثات، لكن من دون جدوى، وقد اقترب موعد قدوم الملك حسين.
ومن خلال علاقاته استطاع الحصول على برنامج اللقاء من إحدى موظفات البروتوكول في واشنطن، ليعود إلى غرفة الفندق ويبدأ بطباعة البرنامج.
اتصل به الملك الحسين في حدود الثامنة والنصف، وسأله عنها، فأجابه بأنه حصل عليها قبل إعلانها. وتأكد الملك حسين منه بأنه لن يكون هناك أي احتمال لأي مفاجأة، و'فعلاً أرسلتها إلى جلالته مشفرة'.
تلك اللحظة مهمة بالنسبة للرجل، إذ يعتبرها أول المراحل في إعادة بناء الثقة مع الراحل الحسين. وما ان تم إعلان تفاصيل برنامج الزيارة والمحادثات حتى تنفس الصعداء.
النجاح الذي حققه المجالي في واشنطن أفرغ الهواء من أشرعة الخصوم، وقاده إلى مهمات أكبر، ليبدأ فيما بعد بالإعداد لترتيبات معاهدة وادي عربة، ومن ثم زيارة الرئيس الأميركي بيل كلينتون الى مجلس الأمة، وإلقاء خطابه هناك.
في وادي عربة، شارك الإسرائيليون بالترتيبات، واعتنوا بالأمور اللوجستية، فيما ركز الجانب الأردني على أمور أخرى.
عند وصول الرئيس كلينتون الى مطار العقبة، طلب الأميركان أن يصعد الملك حسين معه بسياراتهم وفق أنظمتهم، فأخبرهم المجالي أن الاردن لا يقبل ذلك، وأن الملك حسين سيستخدم سياراته.
وقبل أن يلقي الرئيس كلينتون خطابه في البرلمان الأردني، طلب الأميركان إجراء بروفة في مجلس الأمة للرئيس باستخدامTile Printer وهنا يقول المجالي: 'أخبرناهم بصعوبة ذلك وعدم إمكانية الأمر، وأن الذهاب سيكون لمجرد الخطاب ولمرة واحدة ولا يمكن استخدام البرلمان لعمل بروفة كمقدمة لخطاب الرئيس. وبالفعل تم إجراء البروفة في قصر الهاشمية'.
بين 1995 - 1996 حصلت تغييرات في القصر، طاولت رئيس الديوان والمستشارين، ورشح المجالي لذلك، الا ان الملك أبقاه.
في العام 1997 اندلعت أحداث الخبز التي انتهت بإقالة حكومة عبدالكريم الكباريتي. يذكر الرجل أن الملك كان في ذلك النهار في مناسبة رياضية في منطقة تل الرمان، وغادر المجالي مع الملك مساء الى العقبة، وحين وصل هناك علم بأمر الاضطرابات، فانزعج كثيرا. آنذاك كان سميح البطيخي مديراً للمخابرات، فأصر الملك على العودة إلى العاصمة، وحين حطت الطائرة بعمان، انتقل الى اجتماع طوارئ في مديرية الأمن العام.
في الاجتماع بدا أن الملك لم يكن مرتاحا في 'لقاء الأزمة' بمديرية الأمن، فنقل الاجتماع الى قيادة الجيش، وكان عبدالحافظ مرعي الكعابنة قائداً للجيش، حيث أعطى الإيجاز للملك، معقبا 'أن الناس في الكرك جيدون ويحبونك يا سيدي لكنهم على عدم رضا من الحكومة'.
قي العام 1998 حصلت تغييرات أخرى في الديوان: خرج عون الخصاونة من الديوان، وجاء فايز الطراونة، وبقي المجالي رغم تلك التغييرات.
أحب الملك حسين (ابو ناصر)، واحتفل له بعيد ميلاده في قصره بالعقبة، وكان حدثاً نادراً أن يخص الحسين مدير تشريفاته بمثل تلك اللفتة. يومها وقعت اضطرابات معان، وفيها قتل طفل من المدينة، وأصر الأمن على تشريح الجثة، فيما شدد الأهالي على دفنه.
مدير الأمن آنذاك والحكومة أصروا على التشريح، ودار جدل كبير حسمه المجالي باقتراح قبول طلب الأهالي، وعندما تهدأ النفوس يجري التفكير بأي إجراءات تحقيقية، وأيده الملك حسين الذي كان قد دخل صدفة وسمع جدل المجالي مع مدير الأمن العام بحضور مدير المخابرات العامة البطيخي، وقال الحسين: 'اللي بحكيه ايمن مزبوط'، وهكذا راقت الفكرة في مقر إدارة الأزمة جنوب غرب معان.
يعترف المجالي بأنه لم يبنِ كثيراً على تراث والده. أو لم يستثمر في اسم الباشا الراحل حابس، كما استثمر آخرون بأسماء أعيان أسرهم.
زوجته 'فلير زواتي' ذات الأصل النابلسي، تعرّف اليها في اثناء عمله في وزارة الخارجية، وأنجب منها ناصر وزينة وآية ومحمد. وظلت الأسرة تواظب على الذهاب إلى الكرك كل أسبوع، فالطريق كافية لأن يلقى الرجل أحبته ويستمع اليهم، معترفا بإخفاقه في حياة الأبوة مع ابنائه بسبب طبيعة عمله.
يحب المجالي الشعر النبطي، ولا يعنى كثيراً بالأغاني، يقرأ في السياسة أكثر من الأدب، ويرى أن كتاب آفي شليم 'أسد الأردن' فيه كثير من المغالطات، وتعوزه الدقة.
كما يعترف بأنه يخطئ في تقدير مدى صدق الأصدقاء، ولا يدعي أنه سابر في نظرته، ولا يهمه أن يوصف بالحكمة والنبوغ. المهم أن يكون صادقا ومنسجما مع نفسه وينام ليله الطويل باطمئنان وحبور.
في المشهد السياسي الساخن، وعبر حقب سياسية اردنية خلت، ظل اسم أيمن هزاع بركات المجالي حاضرا في المدونة الرسمية كرجل سياسة مخضرم ترك وصنع بصمته السياسية في القرار الأردني كما لم يفعل غيره، وهو الرجل الذي خرج من معقل الدولة بوصفه ابنا لأحد أكبر وأهم رجالاتها المرحوم بإذنه تعالى هزاع المجالي الذي لا زالت ذكراه حاضرة بعد عقود ستة على رحيله المؤلم .
وفي السنوات المنصرمة القليلة الماضية، اقترن المشهد السياسي بإسم أيمن هزاع المجالي، والذي يصفه المقربون منه على الصعيد السياسي بالدينمو الصامت، والذي يصنع ويسهم بخروج القرار مدفوعا بخبرته السياسية وقبلاً بوطنيته المحنكة والتي استقاها من تجاربه الشخصية المقرونة بإرثٍ تجرعه من والده هزاع المجالي والذي ظل حتى بعد رحيله لحناً على ألسنة الكركيين بقولهم في مقام الشجاعة (اضرب ولا يهمك هزاع ابن عمك) ، ذلك اللحن او تلك المقولة التي حملها أيمن هزاع المجالي تميمة نجاح بعد أن ترجمها إلى حنكة سياسية متعقلة ومتسلحاً بها مستمداً منها الثقة والنبل والشجاعة في جميع محطات حياته الساسية.
وعند الحديث عن رجل صاحب باعٍ طويل في السياسة الأردنية، تجد نفسك امام المرجعية السياسة الأميز، فالرجل عاصر مفاصل التاريخ والجغرافيا الأردنية عبر محطات كان من شأنها أن حطت به قريبا من أمكنة صنع القرار، حاضرا بقوة وشاهدا على تحولات الدولة الأردنية في نصف قرن ويزيد!
في حياة أيمن هزاع المجالي مرجعيات بنتها الذاكرة الحية لرجل خرج من بيئة سياسة بحتة وهو ابن الشهيد هزاع المجالي أحد بناة الدولة الأرنية الحديثة، والذي إقترن إسمه بتاريخ الأردن السياسي كأهم وأبرز مَعلم، والذي دفع ثمن مواقفيته الأردنية العروبية الأصيلة، ليكون الشاهد والشهيد في آن، مخلفاً وراءه أبناء ساروا على خطاه وما بدلوا تبديلا .
ففي مركز صناعة القرار الأردني، سار أيمن هزاع المجالي جنباً إلى جنب مع جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه، وعايش معه حقبة أردنية هي الأكثر حرجا في العقد الأخير من القرن العشرين، بفعل التغيرات المناخية للسياسية العربية في المنطقة، وأثرها على المناخ السياسي الأردني، فكان الوفي الأمين للملك وللأردن ، مارس عمله آنذاك كواحدٍ من أقرب موظفي الديوان الملكي للملك الراحل ، تلك الوضعية الخاصة والحميمة التي حظي بها قريبا من الراحل الحسين أهلته ليكون من القلة الذين وثق بهم جلالة الملك الراحل فكان شاهدا على إعادة ولاية العهد إلى نصابها الدستوري، حيث تذكر محطات الرصد السياسي حادثة استدعائه من قبل الحسين وهو على سرير الشفاء في 'مايو كلينيك'، قبل شهرين من تغيير الولاية، ومبلغّا إياه بقوله ' سأغيّر لصالح الأردنيين ولما فيه خير الهاشميين' ..
ولم تكن هذه الحادثة سوى ترجمة فعلية لمكانة الرجل لدى الملك الراحل، الذي اختار المجالي ليكون أول المطلعين على هذا المفصل التاريخي في حياة الاسرة الحاكمة والأردنيين، ولا عجب، وقد كان المجالي رفيقاً أمينا على حياة الملك، عايش معه في كثير من محطات حياته السياسية والشخصية الملكية قبل أن يدخل جلالة الملك الراحل رحلة العلاج ، ليكون المجالي قريبا منه ويكون موضع ثقته بإبلاغه خبر تغيير ولاية العهد .
وبعيدا عن الكنية السياسية ، بدأ أيمن هزاع المجالي حياته في العاصمة عمان بحكم عمل أبيه الشهيد هزاع المجالي، حيث ولد فيها، وتلقى تعليمه لمرحلتي الابتدائية والإعدادية في مدرستي تراسنطة والمطران، لينتقل بعدها للدراسة في كلية الأمة الواقعة بين مدينتي رام الله والقدس في فلسطين، في القسم الداخلي، فعرف مبكرا كيف يكون لنهر الأردن العاشق شرقيه والمحب لغربيه، أدرك مبكراً تؤمة جبال نابلس والسلط، والكرك والخليل، وعمان والقدس..
ليتابع دراسته الثانوية في عمّانه معشوقته الأولى لينهي دراسة الثانوية في الكلية العلمية الإسلامية، ومنها الى عاصمة العلم والثقافة آنذاك بيروت، التي دخل جامعتها العربية ليدرس التاريخ، مع ما رافق ذلك من تجربة ايضا مبكرة عايشها خلال دراسته في بيروت التي كانت تشهد قلاقل سياسية وصراعا مسلحا كان يضطره الى التنقل من بناية لأخرى .
وفي أولى محطاته التي حملته إلى الواجهة السياسية، فقد سجل المجالي رقما قياسيا غير مسبوق بتسلم مسؤول لمنصب رفيع بسنٍ صغيرة لا تزيد عن العشرين عاما، فبعد أن التحق بدائرة المراسم في وزارة الخارجية في حزيران عام 1973 ليصبح ملحقاً دبلوماسياً في السفارة الأردنية في واشنطن، كانت عودته الى الى مركز الوزارة مساعداً لمدير المراسم ، ليتسلم بعدها منصب مدير المراسم وعمره آنذاك ستة وعشرون عاماً.
وليدخل بعدها المرحلة الأكثر خبرة الأهم والانضج في حياته في كانون الأول1979 بالعمل في الديوان الملكي بطلب من رئيس الوزراء عبدالحميد شرف، وهناك واجه المنافسين والانداد بوصفه المسؤول الرفيع الأحدث سناً ، ليتابع تسلم مهامه من نجاج الى نجاح وليغادر دائرة التشريفات، وينتقل للعمل مديراً لمكتب الملكة نور، في مهمة خارج وتيرة العمل التشريفي الى عمل إداري وإعلامي بقي فيه اربعة أعوام وليعود بعدها للتشريفات.
كيف استعاد المجالي ثقة الحسين مجدداً
وتذكر المصادر المتابعة لشخص المجالي بأنه بين عامي 1988- 1993 مديراً لمكتب الملكة نور، فشعر أن خبرته اكتملت، وكانت انتخابات العام 1993 على الأبواب، فحدثته نفسه بالترشح لمجلس النواب، وفاتح الملكة نور بذلك، غير أنه أُخبر بعد ذلك أن الملك حسين سيختار له موقعاً جديداً.
حدس الرجل انبأه بأنه سيتولى رئاسة التشريفات الملكية، وصار له ذلك في تشرين الأول (أكتوبر) 1993، وكان رئيس الديوان الملكي يومها الأمير زيد بن شاكر، فيما كان رئيس الوزراء عبدالسلام المجالي.
ومع أن الرجل ينفي بأن يكون سبب عدوله عن الترشيح للانتخابات نابعاً من الرغبة في إفساح المجال للمهندس عبدالهادي المجالي للترشح، الا أنه لا يخفي وجود منافسة مع الأخير، كما لا يخفي ايضاً وجود منافسين له بالعمل، ويقول: 'عملوا على إبعادي عن التشريفات'.
ورغم العمل بعيداً عن التشريفات خلال الاعوام 1988 - 1993 إلا أن انداد الرجل ظلوا على سعيهم لإقصائه، كما يؤكد بحسب المصادر المتابعة.
تقييد الرجل والحد من طموحه بديا جليين عندما استلم التشريفات: 'عملوا على ربط رئيس التشريفات بمستشار الملك آنذاك ينال حكمت'، فكان عليه أن يسعى لاستعادة ثقة الملك حسين به.
يعترف المجالي حينذاك، بأنه استغرق وقتا ليكسب ثقة الحسين مجددا، لأن هناك من 'اشتغلوا ضده'، فواجهته مشكلة تضارب الصلاحيات بين موقعه كمدير للتشريفات، ومع مدير المكتب الخاص آنذاك.
وبما أن استعادة الثقة لا تتم بسهولة، فقد أتيحت له فرصة استعادتها. وكان الاختبار الاصعب عندما أُرسل مع مجموعة من كبار موظفي الديوان الملكي الى واشنطن لإعداد ترتيبات اتفاقية السلام مع اسرائيل العام 1994.
ويروي أنه سافر مع الأمير طلال بن محمد وينال حكمت، وكان ذلك أول لقاء له مع الاسرائيليين.
جرى اجتماع مهم له في الكونغرس حضره وحيدا عن الجانب الأردني، وطوال الوقت حاول أن يحصل على برنامج المحادثات، لكن من دون جدوى، وقد اقترب موعد قدوم الملك حسين.
ومن خلال علاقاته استطاع الحصول على برنامج اللقاء من إحدى موظفات البروتوكول في واشنطن، ليعود إلى غرفة الفندق ويبدأ بطباعة البرنامج.
اتصل به الملك الحسين في حدود الثامنة والنصف، وسأله عنها، فأجابه بأنه حصل عليها قبل إعلانها. وتأكد الملك حسين منه بأنه لن يكون هناك أي احتمال لأي مفاجأة، و'فعلاً أرسلتها إلى جلالته مشفرة'.
تلك اللحظة مهمة بالنسبة للرجل، إذ يعتبرها أول المراحل في إعادة بناء الثقة مع الراحل الحسين. وما ان تم إعلان تفاصيل برنامج الزيارة والمحادثات حتى تنفس الصعداء.
النجاح الذي حققه المجالي في واشنطن أفرغ الهواء من أشرعة الخصوم، وقاده إلى مهمات أكبر، ليبدأ فيما بعد بالإعداد لترتيبات معاهدة وادي عربة، ومن ثم زيارة الرئيس الأميركي بيل كلينتون الى مجلس الأمة، وإلقاء خطابه هناك.
في وادي عربة، شارك الإسرائيليون بالترتيبات، واعتنوا بالأمور اللوجستية، فيما ركز الجانب الأردني على أمور أخرى.
عند وصول الرئيس كلينتون الى مطار العقبة، طلب الأميركان أن يصعد الملك حسين معه بسياراتهم وفق أنظمتهم، فأخبرهم المجالي أن الاردن لا يقبل ذلك، وأن الملك حسين سيستخدم سياراته.
وقبل أن يلقي الرئيس كلينتون خطابه في البرلمان الأردني، طلب الأميركان إجراء بروفة في مجلس الأمة للرئيس باستخدامTile Printer وهنا يقول المجالي: 'أخبرناهم بصعوبة ذلك وعدم إمكانية الأمر، وأن الذهاب سيكون لمجرد الخطاب ولمرة واحدة ولا يمكن استخدام البرلمان لعمل بروفة كمقدمة لخطاب الرئيس. وبالفعل تم إجراء البروفة في قصر الهاشمية'.
بين 1995 - 1996 حصلت تغييرات في القصر، طاولت رئيس الديوان والمستشارين، ورشح المجالي لذلك، الا ان الملك أبقاه.
في العام 1997 اندلعت أحداث الخبز التي انتهت بإقالة حكومة عبدالكريم الكباريتي. يذكر الرجل أن الملك كان في ذلك النهار في مناسبة رياضية في منطقة تل الرمان، وغادر المجالي مع الملك مساء الى العقبة، وحين وصل هناك علم بأمر الاضطرابات، فانزعج كثيرا. آنذاك كان سميح البطيخي مديراً للمخابرات، فأصر الملك على العودة إلى العاصمة، وحين حطت الطائرة بعمان، انتقل الى اجتماع طوارئ في مديرية الأمن العام.
في الاجتماع بدا أن الملك لم يكن مرتاحا في 'لقاء الأزمة' بمديرية الأمن، فنقل الاجتماع الى قيادة الجيش، وكان عبدالحافظ مرعي الكعابنة قائداً للجيش، حيث أعطى الإيجاز للملك، معقبا 'أن الناس في الكرك جيدون ويحبونك يا سيدي لكنهم على عدم رضا من الحكومة'.
قي العام 1998 حصلت تغييرات أخرى في الديوان: خرج عون الخصاونة من الديوان، وجاء فايز الطراونة، وبقي المجالي رغم تلك التغييرات.
أحب الملك حسين (ابو ناصر)، واحتفل له بعيد ميلاده في قصره بالعقبة، وكان حدثاً نادراً أن يخص الحسين مدير تشريفاته بمثل تلك اللفتة. يومها وقعت اضطرابات معان، وفيها قتل طفل من المدينة، وأصر الأمن على تشريح الجثة، فيما شدد الأهالي على دفنه.
مدير الأمن آنذاك والحكومة أصروا على التشريح، ودار جدل كبير حسمه المجالي باقتراح قبول طلب الأهالي، وعندما تهدأ النفوس يجري التفكير بأي إجراءات تحقيقية، وأيده الملك حسين الذي كان قد دخل صدفة وسمع جدل المجالي مع مدير الأمن العام بحضور مدير المخابرات العامة البطيخي، وقال الحسين: 'اللي بحكيه ايمن مزبوط'، وهكذا راقت الفكرة في مقر إدارة الأزمة جنوب غرب معان.
يعترف المجالي بأنه لم يبنِ كثيراً على تراث والده. أو لم يستثمر في اسم الباشا الراحل حابس، كما استثمر آخرون بأسماء أعيان أسرهم.
زوجته 'فلير زواتي' ذات الأصل النابلسي، تعرّف اليها في اثناء عمله في وزارة الخارجية، وأنجب منها ناصر وزينة وآية ومحمد. وظلت الأسرة تواظب على الذهاب إلى الكرك كل أسبوع، فالطريق كافية لأن يلقى الرجل أحبته ويستمع اليهم، معترفا بإخفاقه في حياة الأبوة مع ابنائه بسبب طبيعة عمله.
يحب المجالي الشعر النبطي، ولا يعنى كثيراً بالأغاني، يقرأ في السياسة أكثر من الأدب، ويرى أن كتاب آفي شليم 'أسد الأردن' فيه كثير من المغالطات، وتعوزه الدقة.
كما يعترف بأنه يخطئ في تقدير مدى صدق الأصدقاء، ولا يدعي أنه سابر في نظرته، ولا يهمه أن يوصف بالحكمة والنبوغ. المهم أن يكون صادقا ومنسجما مع نفسه وينام ليله الطويل باطمئنان وحبور.
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |
ولا تجد عندهم إلا حب الذات والتملص والتمثيل 0
عافاك الله وأمد في عمرك 0
الجانب صادقا يحب الصراحه يحب الاردن
ارضا وشعبا وقيادة 000 يقدم الخدمه بدون منه او مصلحة حاصة
شكرا لكم مرة اخرى على هذه الزاوية
بالولاء والأنتماء للهاشميين !!!مبروك.
يا خو جارته وان غاب عنها حليلها
يابيضة القبان في ساحة الوغى
يابيضة القبان يرجح ثقيلها
والله والنعم من معالي ابو ناصر ورحم الله هزاع المجالي