المرجعيه والعشوائيه )


غياب المرجعيه الثقافيه بتقدير الامور يؤدي حتما الى التابعيه .. لا احد يقصد التلقين .. لكن الشخص اذا كان فارغ من الداخل فيسهل تعبأته .. التعبأه قد لا تكون مقصوده وانما الشخص ذاته يكون قابل للتعبأه بسبب الفراغ الفكري الذي يستحوذ عليه ... هنا تظهر نخبه من الاشخاص الذين يمارسون عملية التعبأه المضلله لأشخاص يفتقدون للثقافه او الرغبه بالتعلم .. فيصبح الشخص المتلقي كالببغاء يقول ما يقوله الاخرون دون الرجوع الى التقييم الذاتي ورؤيته الخالصه الذي يخضعها للتحليل والمقارنه ثم الاستدلال على الحق والصواب فيضيع .. بالاضافة الى فقدان عنصر الاطلاع اكثر على وجهات نظر واراء الاخرين ..
من هنا يبدأ الانقسام الفكري .. وهو اشد واخطر عندما يقع بين افراد ( المعبأين ) بالحقائق والمعلومات المضلله والجاهله والمغرضه وبين ( المفكرين ) الذين يملكون الرؤيه الصائبه والحكمه وحسن الرأي والذي ينتج عنه المواقف السليمه والثابته .. وهؤلاء حقيقة سهل تغيير وجهة نظرهم ومواقفهم اذا منحوا لأنفسهم فرصه ولو فرصه بسيطه ان يجالسوا ويستمعوا الى وجهات نظر ومواقف ومبادئ ( المفكرين ) سيجدون الفرق الشاسع بين ما يحملونه من افكار تم تلقينهم اياها وبين الواقع والحقائق الصحيحه من طرف المفكرين والمثقفين الواقعيين .
اشخاص تتبنى افكار ومواقف هي حقيقة نابعه من جهل .. هو يريد ان يقحم نفسه بعالم اخر غير عالمه .. ليس عيبا ان تكون مستمعا فقط .. انت ليس بمرحله او ظروف او ثقافه تؤهلك ان تخوض مضمار وجهات النظر وابداء الرأي لأنك فعليا وحقيقة لا تملك هذه القدرات او المهارات من الاساس .. هذه هي طبيعة البشر .. لكل انسان تخصصه ..
الشفويه .. تتبادل الناس الاراء والافكار بشكل شفوي وتلقائي فيما بينهم بالجلسات والاجتماعات العشوائيه والعفويه وهذه الافكار والحوارات هي فعليا على ارض الواقع لا تقدم او تأخر بمنظومة الحياه ثم المجتمع ثم على مستوى دوله .. كلام الليل يمسحه النهار ... لا يعقل او ان حصل ان اجتماعات الناس او لقائاتهم نتج عنها ( قانون ) .. الناس بالنهايه ( تخضع لقانون الدوله ) ... فرضنا ان الدوله حددت يوم الخميس مثلا ممنوع التجول الساعه العاشره ليلا وحتى الساعه الثامنه صباحا .. وأن ظهر هناك اعتراض او تذمر من هذا الأمر لكن الناس بالنهايه ستخضع لهذا الامر وتنفذه .. وهي تعلم من سيتجاوزه سيعاقب .. اذا اي تذمر او كلام يجري بالاجتماعات او الجلسات او اللقاءات العفويه ان كانت على مستوى اصدقاء .. جيران .. عائله .. حزب .. تنظيم .. لا يمكن ان تؤثر على هذا القانون مثلا ( منع التجول ) ولا بأي شكل من الاشكال ولا تستطيع ان تخرج هي بقانون فوري مناهض للقانون السابق وذلك ببساطه لأنها تفتقد للشرعيه وللصلاحيات وللسلطه .. واذا ارادت ان تؤثر او هي تعتقد ذلك ليس لها سبيل سوى التعبير عن استياءها اما بالمظاهرات او الاعتصامات او الاستنكار وهذا حقيقة كله يعتبر اجراء وردة فعل شفوي ليس له تأثير على ارض الواقع الى درجة تغيير القانون او التراجع عنه .. وان احدثت تأثير يعود الأمر اولا واخيرا لمن سن القانون واذا ارتأى انه ممكن ان يتراجع عن القانون او يلغيه سيفعل من دافع نفسه وان ارتأى غير ذلك فسيبقى القانون نافذ وسيدع الاخرون المعارضون لهذا القانون يستاءوا الى ما شاء الله والقانون سيستمر وينفذ شاءوا ام أبو .
اذا .. ميول الناس وافكارهم ووجهات نظرهم ومواقفهم هي كالهواء المتطاير الذي لا يثبت على ارضيه صلبه .. لذلك بالنهايه الانسان سيتمحور ويخضع لقوانين المنظومه التي ينتمي اليها ( والتي تسنها الدوله ) وبالتدريج ابتداءا من القوانين التي تحكمه هو كأنسان ثم اسرته ثم جيرانه ثم عائلته ثم مجتمعه الصغير ثم المجتمع العام ثم الدوله ثم قوانين الدول الاخرى اذا سافر خارج البلد .. بالتسلسل .. ما عدا عن ذلك تبقى الامور عباره عن كلام واقوال شفويه ووجهات نظر وافكار غير منظمه وغير مستنده الى شرعيه او قانون او شريعه وأي تجاوز لهذه الامور على القانون يخضع للمسائله والعقاب .. لا ثواب لمن يطبق القانون الدنيوي الا انه نجا بنفسه من العقاب.. اما التجاوز ومخالفة الشرائع السماويه فلها عقاب والملتزم بها له ثواب .
كل انسان يفكر .. وله ميول وافكار ومواقف ومبادئ استمدها من طرق مختلفه ... لكن اذا لم تنظم هذه الافكار بطريقه جيده هادئه ملتزمه لا يمكن ان تحدث تأثير ..
القنوات الفضائيه وأي وسيله اعلام مثلا او أي منبر عفوي او مرتب له أو اي وسيله يأتي علينا من الشرق والغرب اشخاص يدلون بدلوهم بأفكار ووجهات نظر متعدده بأماكن وأزمان مختلفه.. لا يتكلمون او منتدبون من مجموعه معينه نابعه من حزب معين او مدرسه معينه او لجنه او تيار لها سجل واعضاء وقانونيه ... عباره عن اجتهادات شخصيه قابله للتغيير والتبديل ... طبعا الا ما نذر ... بجميع الظروف والاحوال حتى الشخص الذي ينتمي لحزب معين مثلا ويتكلم بكلام نابع من مبادئ الحزب وافكاره هي حقيقة اولا اقرب الى الواقع لأنه يستند الى ( برنامج ) لا يتجاوزه بأفكاره ووجهات نظره ومع هذا لا تشكل تأثير على ارض الواقع او بالمساهمه او احداث تغيير بنهج الدوله اذا اصلا لم تتبع الاصول والاجراءات والقوانين التي سنتها الدوله لكي يبدأ تأثير هذا الحزب على ارض الواقع .. فهو يبقى ضمن الكلام الشفوي والعشوائيات اذا اصر او فضل البقاء بعيدا عن (منطقة التأثير ) .. فيصبح اجمالا حاله حال الشخص الفردي المجتهد برأيه أول بأول والذي لا يظهر تأثيره سوى ( بتلقين ) الفارغين وانشاء مزيد من الاشخاص الذين يحدثون شوشره وبلبله وتشويش بالجو العام للدوله ... وحتى ان كان على صواب لن يكون له ذلك التأثير ما دام يعمل بشكل فردي وبأجتهاد شخصي .
مثلا ... اذا اردت ان تحدث تأثير او تغيير او تجديد او اضافه بمجتمعك او دولتك يجب عليك ان تنخرط بمؤسسات الدوله وبشكل قانوني لكي تحتل مركزك ومكانك فتتحول برامجك وكلامك من الكلام الشفوي الى اداة عمل ويصبح رأيك وموقفك مسموع او على الاقل يلتفت له واذا حصل الاقناع يصبح كلامك قانون .
صادفت كثير من الناس التي تتبنى وجهة نظر واحده .. وعند لقائي معه بشكل عفوي .. وتبادل الحديث .. سرعان ما اجد تغيير بموقفه بناءا على ما زودته بمعلومات سمعتها من الاخبار فقط ولكن من أكثر من قناة وبنيت رأي بعدها فيما بعد وخرجت بمفهوم وهذا المفهوم طرحته عل بعض الاشخاص الذين التقيهم سرعان ما تتفير وجهة نظره وحتى افكاره ليس بشكل كامل ولكن بشكل جزئي ووقف وقفة تفكير وتأمل ومراجعة الذات .. نقص المعلومه او الاطلاع على وجهة نظر واحده وتبنيها يجعل الانسان جامد متعنت ظالم لنفسه ولغيره ومقيد وانعزالي وشقي ... المرونه والاطلاع على افكار الغير شيء جيد .. على الانسان ان يصوب نفسه بالبدايه وينظم افكاره وينقيها ومن ثم ينتقل الى الافراد القريبين من افكاره ويتحد معهم ثم يبدأوا بعملية الحوار مع من هم مختلفين معهم لتصويب افكارهم .. وان لم يتم ذلك .. فسيصبح هناك فريقين احدهم شقي والاخر سعيد .. ربما هذه سنة الحياة .. لكن من المؤسف ان يجتمع فريقان مختلفان الاثنان معا على خطأ .. فهذا بلا شك يشير الى ان هذا المجتمع الذي يضم الفريقان هو مجتمع متخلف وفاشل ومهزوم وناس تافهه .
لا يوجد فريقان اثنان متفقان بمجتمع واحد .. بما انهما متفقان فهذا يعني منطقيا انهم فريق واحد ومجتمع واحد .
بالنهايه ما أود ان اشير له .. انه ما دام هناك قوانين دوله تحكم الناس فالمجتمع والدوله والناس بخير .. وما عدا عن ذلك فهي كلام واجتهادات ووجهات نظر وان كانت صائبه او خاطئه لا تؤثر بالدوله او بالمجتمع اذا لم تكن تسير ضمن اطار قانوني وبرامجي وفيها توحيد وليس تشتيت .
الجميع يتكلم ... حتى الشكاوي وهي مجرد كلام عندما تصل المسؤولين وتأخذ مجراها القانوني تصبح ذات تأثير وفعاله اذا كانت مستنده الى حقائق ووقائع صحيحه .. وكذلك يظهر تأثير الناس عندما يذهبوا الى صناديق الاقتراع ويظهر أثر صوته عند عملية الفرز ويحدث تأثير .. وهكذا .. اي كلام يأخذ مجراه القانوني وضمن اطار الدوله ومؤسساتها يجد له حيز وتظهر نتائجه ويقدر ويحترم .. وما عدا عن ذلك فهو وجع راس له وللأخرين ويختفي ويضيع كفقاعة صابون .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات