فرجة الاخوان في وسط البلد


د.مولود رقيبات.
تعود الاردنيون في كل يوم جمعة من الاسبوع مشاهدة فصل من فصول مسرحيات الاخوان المسلمين الاعتيادية تحت شعارات وعناوين متنوعة ومزركشة تضفي لونا زاهيا على المشهد الدرامي خاصة عند الاطفال والشباب دون الثامنة عشرة ، كما هو الحال لدى ربات البيوت اللواتي اعتدن ايضا على ارسال الازواج من اللحى منتسبي هذه الجماعة برفقة الاطفال الى المسجد لاداء الصلاة والمكوث قليلا في متابعة الجزء الاسبوعي من المسرحية الاخوانية الاسبوعية حتى يحين وقت الغداء كما سبق وبينت ذلك في مقالات سابقة . وقد احسن الاخوان الدور والتزموا بالتسلية وتقديم العروض المتنوعة على مدى اكثر من سنتين ولكن الحق يقال ان الجمهوربدأ يتناقص في كل مرة عن سابقاتها ويبدو ان الملل والتعب اصاب البعض من المشاهدين والمتابعين وحتى الممثلين الرئيسين اصبح عددهم يقل بالتدريج حتى لم تعد نشاهد الكثيرين منهم . حاولت الجماعة طويلا المتاجرة بالقضية الفلسطينية واللعب على هذا الوتر الذي يثير المشاعر ويلهب العواطف على حساب الوطن الاردني ، ولكن لم تمض الا بعض المشاهد حتى اكتشف الاردنيون اللعبة والكذب وفضلوا عدم المشاركة في هذه المسرحية ،وتناقصت اعداد المتابعين والمشاركين في ما يسمى المسيرات الفيسبوكية بعد ان تسلل البعض من القيادات التاريخية الانقلابية الى الصفوف الاولى للجماعة تسعى الى تحقيق مصالح شخصية ومطامع تنظيمية شيطانية يديرها ويوجهها قادة التنظيم الاخواني في الخارج ، بعد ان اخذتهم في الاردن النشوة بما حققه التنظيم في تونس ومصر وليبيا ، متطلعين بالوهم الى الساحة السورية وانعكاسات استيلاء الاخوان على الحكم هناك على الاردن الصامد ، استخدمت هذه الفئة المال السياسي لتمرير الانقلاب واتبعوا سياسة التشويه للوطن واغتيال الشخصية لمنافسيهم بعيدا عن الاسلام والمسلمين فحدثت الانقسامات وكثرت الانشقاقات ولعل ليس اخرها خروج المبادرة الوطنية " زمزم" من صفوف الجماعة بعد ادراكها ان الهم الوطني يجب ان يكون الاول ومن ثم العمل لفلسطين وغير فلسطين من امة الاسلام.وتوالت الانتكاسات في المشهد الاخواني التقليدي وتراكم الفشل تلو الفشل ، فالثورة في مصر وبعد حطفها من الجماعة هناك واجهت وتواجه ثورة مضادة ومسيرات مليونية تجوب شوارع وساحات مصر تطالب برحيل الاخوان والفرعون الجديد محمد مرسي وفي تونس انفلات وسيطرة شبه تامة للقاعدة بحيث اصبحت تونس الخضراء التي تغنى بها الشعراء بليلة وضحاها وبوجود الاخوان قاعدة لاخطر تنظيم ارهابي مطلوب عالميا تنظيم القاعدة ينطلق للتخريب والقتل في العديد من دول العالم ، اما في سوريا فلقد فشل الاخوان منذ بداية الازمة وانحاز القرار الدولي مؤخرا الى ضرورة الحل السياسي والابقاء على نظام الاسد واستبعاد الفصائل المتطرفة من الحوار في مؤتمر جنيف 2 القادم . كل هذه المعطيات مضافا اليها الفشل الذريع للجماعة شعبيا في الاردن والاخفاقات المتكررة على مدى اكثر من عامين جعلت الجماعة تحاول البحث عن مخرج يكفل لها ماء الوجه امام العشرات المتبقية من انصارها في المحافظات الاردنية فلجأت الى مسيرات الاستعراض العسكري المكرره في شوارع عمان وقبلها تحدي العشائر باصرارها على تسيير مسيرات في المدن التي يقطنها ابناء العشائر والمخيمات الا انها جميعها باءت بالفشل واخيرا ما شهدناه اليوم في مسيرة تحت اسم " تجمع ابناء العشائر" والذي اتخذته الجماعة قناعا تختفي خلفة استحياء من تراكمات الفشل الكثيرة التي سجلتها دعوات الجماعة الى مسيرات وسط عمان. مسيرة اليوم استنكرها غالبية وجهاء وابناء العشائر الاردنية ورفضوها واعلنوا ان كل مشاركة لا تتعدى الفردية ولا تعبر عن موقف العشيرة لان الاردن قام ومستمر على الركائز العشائرية والتي ترفض بالطبع المساس بامن الوطن وهيبة الدولة ولا تسمح بالتطاول على النظام ورأس النظام جلالة الملك عبدالله الثاني ، والعشائر الاردنية اعلنت وتعلن دوما ولائها للقيادة الهاشمية منذ توليهم الحكم في الاردن وانتماءهم للوطن والتراب الاردني . ما شاهدته اليوم من فصول المسرحية لا يتعدى المهزلة والمسخرة لاضحاك الحضور ، فاولا يدعي منظموا المسيرة انهم تجمع عشائر الاردن ولكني لم ار اي احد من وجهاء او شيوخ العشائر الاردنية في المسيرة ولم ار الا قيادات جماعة الاخوان المسلمين يستعرضون انفسهم امام وسائل الاعلام والكاميرات خاصة " فلسطين اليوم" التي شاهدت مراسلتها تتابع بشكل محموم وتسجل تصريحات قادة الجماعة فاين هم ممثلو العشائر يا اخوان يا من تقدمتم المسيرة؟ وثانيا والذي يثير السخرية ان صاحب الصوت العالي من على السيارة كان يطلب مرارا من " الجماهير المفترضة" ان يرفعوا صوتهم من بعده ، الا ان الصوت كان خجولاومتواضعا ، في اشارة على عدم القناعة....، كنا نظن نحن الصحفيون ان الافا مؤلفة ستشارك الفرجة اليوم ولكنا فوجئنا بالعشرات ولنقل مئات لا تتجاوز ربما نصف عدد اصابع اليد الواحدة ، في حين نعلم ان بعض العشائر يتجاوز عدد ابنائها المائة الف فاين هم من مسيرة هم مفترض داعون لها؟ هذه الامور تدعونا للقول بان ما شاهدناه فرجة وعلى مستوى بسيط لا يستدعي الحضور الاعلامي ولا الامني حتى. وما اثار استهجاني حقيقة بعض الشعارات التي رفعها السائرون والتي لا تنم الا عن عمى بصيرة وجهل سياسي وضعف في الافكار والتنظيم .وما اضعف "السياسي " الذي يلجأ الى الشتم ومخالفة التاريخ بقوله الثورة " العبرية" بدل ثورة العرب التحررية التي قادها الشريف حسين بن علي واحفاده الطيبيين والتي كتب عنها القوميون والاحرار العرب ووصفوها بثورة العرب التي حررتهم من الاستعمار العثماني ، فيا لهول الفاجعة ان يكون بين السياسيين مثل هذه النماذج. ان هذا التحول الغريب في نهج ما يسمى حراك الاصلاح وجماعة الاخوان المسلمين يؤكد اولا على جهل وعتمة سياسية دامسة لدى قيادات هذه الجماعة ومن وآلاها ، كما يبين اصرار التنظيم الاخواني على اللجوء الى العنف بعد ان فشل باستفزاز قوات الامن على مدى سنتين كمنهج لتحقيق المكاسب بعد افلاسه بكسب الشارع وانقشاع الغشاوة الوهمية عن عيون الاردنيين واكتشافهم حقيقة التنظيم والصدأ الذي اعترى الجماعة متمثلا بالانقسامات والانشقاقات المتتالية والدراماتيكية بين صفوفها ، هذا التحول واللجوء الى العشائر الاردنية ظنا منها بانهم يشكلون العباءة التي يحتمون بها يستدعي ردا توضيحيا من الجماعة فيما اذا كانت تسعى لاصلاحات يرضى بها الاردنيون او سعي للانقضاض على الحكم وهو الامر المستحيل ما دام هناك نشمية اردنية تزغرد لعيون الوطن وتنشد للصقر الهاشمي ابو حسين.لن تمر يا اخوان خدعتكم لانكم اصبحتم مكروهين ومنبوذين، توهمتم ان العشائر ضعفت او انها تضحي بالوطن من اجلكم ؟ نسيتم ان للعشائر الاردنية بعد الله والوطن شعار هو الملك ، هذا الرمز سيبقى تاجا على رؤوسنا نحن الاردنيين في المدن والبوادي والقرى والمخيمات واظن ان التجارب بينت لكم صدقية هذا القول لان الاردنيون لا يفرطون بوطنهم ولا بقيادتهم التي نرى فيها الامل والمستقبل لا المجهول الذي تخبؤنه انتم تحت عباءاتكم الملونة كتلونكم وتلون سياساتكم ونهجكم ، لقد ظننتم انكم قادرون على خداع الاردنيين بشعار "تجمع العشائر" ولكنكم كعادتكم دائما خائبون فالأردن اقوى من مشاريعكم وخططكم الضبابية ، واعلموا ان اوهامكم ستمضي سرابا. التحية كل التحية للشعب الاردني المؤمن بوطنه وقيادته ، القادر على تمييز الغث من السمين وللعشائر الاردنية الاصيلة وشيوخها، وحمى الله الاردن وقيادته المظفرة، وما جرى اليوم ما هو الا فرجة على الاخوان وفشلهم ليس الا.



تعليقات القراء

حسام البطيخي
جميل جدآ ولنقل بأن كلامك في منه ولا غبار عليه ... ولكن هل لك بأن تكتب لنا ما هو مفهوم .. العرض والطلب .. الذي من خلاله تم رفع الاسعار من ناحية العقارات وايجار البيوت والاراضي على حساب المواطن الاردني الذي لا يمتلك القوة الشرائة ومواجهة تلك الاسعار .. وهنالك من يقول ممن هم اصحاب المال يلي معوش مالزموش .. ولماذا ايضآ ممن يمتلكون العقارات لم يستنطفو تنزيل اسعارهم كرمال الوطن بالعكس كل مالها تترتفع .. وهل ورقة العشرون دينار تكفيك لحاجتك اليومية بهذه الاسعار النار .. أتمنى بأن تكتب حقيقة ايضآ من نهبو البلد وعندهم من البيوت والمزارع وغيرها الكثير ... وشكرآ لك
16-06-2013 02:25 PM
د.مولود رقيبات
صديقي العزيز حسام لست بعاجز والله عن الكتابه في هذا الموضوع وساكتب لكن اوضح لك الواضح للجميع ان سبب ارتفاع الاسعار للشقق والبيوت وكل شي هو بلا شك الهجرة والتدفق البشري من كل اوطان العرب والذين جاء بعضهم يحمل مليارات منهوبة من بنوك العراق الشقيق وقبلها من ذهب الكويت واخيرا تجار سوريا ومرتزقة النظام السوري الذين يجوبون شوارع عمان بسيارات يزيد سعر بعضها عشرات الملايين من الليرات السورية ، هؤلاء تجار واغنياء الحروب هم سبب الضنك المعيشي الذي نعانيه نحن الاردنيون .
16-06-2013 04:50 PM
حسام البطيخي
كلامك رائع ومنطقي جدآ د.مولود .. هنا علينا التركيز جيدآ على من هم يبعون ويشترون على مزاجهم ومصالحهم الشخصية وغير مبالين للوطن والمواطن .. فأنت ممن يحمل القلم ومخافة الله بين عيونه ربي يحميك
17-06-2013 09:26 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات