ديمقراطية آردوغان ، آمان يا ربي آمان ! الدكتور الشريف رعد صلاح المبيضين
ما زلنا كإنسانيين نتابع المشهد الشرق أوسطي العام ، وقد لفتنا المشهد التركي المتضمن هذه المظاهرات المعارضة لرئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، سيما بعد لجوء الشرطة التركية إلى القوة ، علماً بأن القوة لا مكان لها في (بلد) من المفترض أنه ديمقراطي ، إضافة إلى رد آردوغان الذي تتابعه بحرفية وحرفية كافة محافلنا ومجامعنا الإنسانية على المستوى العالمي ، حيث وصف عشرات الآف من المتظاهرين المجتمعين في ساحة تقسيم والذين يهتفون "اردوغان، استقل" بأوصاف نابية وتعبر في مضمونها عن الإفلاس السياسي المزمن الذي يعانيه هو وحزبه .
في الحقيقة كإنسانيين لم نستغرب أقوال هذا الرجل لهذا لم نتوقف كثيراً عند عباراته (الفوضويين والمتطرفين ، الهمجيين ، الإرهابيين ) لكونه في الأصل غير سياسي ، ولا يتمتع بأدنى درجات اللباقة الدبلوماسية ، ولو تعمقنا أكثر في المشهد وقارنا أقوال الرجل بأقوال السيد الرئيس بشار الأسد لوجدنا الفرق بين السماء والأرض ، بشار يتحدث مع شعبه كخادم للشعب ولا يفرض عليهم إلا ما يريدون ، والسلطان العثماني المنتهية مدة صلاحيته الوظيفية يمارس السلطة بـ تسلط غريب عجيب ، حيث يخضع وسائل الإعلام للسلطة ويحتكر حزب العدالة والتنمية مجمل السلطات إضافة إلى حملات اعتقال واسعة بحق معارضين من الأكراد واليسار المتطرف ويعمل على اسلمة متنامية للمجتمع ، بالطبع أسلامة يتبرأ منها الإسلام الحقيقي لكونها تتفق مع توجهاته وأجنداته التي جاءت ضد تركيا شعباً وأرضاً ومقدرات ، وهنا كمؤسس لهيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني أتساءل والسؤال موجه إلى آردوغان : بالله عليك ما هو شعورك حين أمتنع العاهل المغربي عن استقبالك ؟ وماذا تقرأ في هذا التصرف من دلالات ؟ وما هو شعورك تجاه التظاهرات المناهضة لك في تونس أثناء زيارتك غير المرحب فيها لذلك البلد المجروح بسكينكم الذي طال الآف الأطفال والنساء والشيوخ العرب المسالمين !
وأعود وأتساءل : بماذا تختلف عن الزعماء العرب ، ما دمت بهذه العقلية الدكتاتورية التي عكست تخلفها عبر قمع المتظاهرين العزل ؟! ولا أعرف كيف تجد متسعاً من الوقت لكي تتحدث وبكل وقاحة عن الإصلاح ! أي إصلاح والفساد أصبح مؤسسي بكافة أجهزة الدولة ؟ أنت نظام دكتاتوري فاسد ! انتهت مدة صلاحيتك الوظيفية في المنطقة ، لكون المعادلات تغيرت ، وأنت الآن خارج الحسبة السياسة القادمة ، وكل من هو في ركبك سيخرج من النظام العالمي القادم والذي سيرتب الإقليم بناء عليه .
الله أكبر هل الاستجابة لمطالب الناس يتم بضربها ودهسها في السيارات وإطلاق الأسلحة النارية و الغازات المسيلة للدموع عليها ؟ الخزي والعار عليك ، وقد قلت لك وأنت في عز أوج بطولاتك المزيفة ( لست ظل الله على الأرض ولن تكون ) أتدري ما أخس شيء في الدنيا ؟ أن تركب الدين لأغراض سياسية ، وأبشع شيء الكذب وتزوير الحقائق ، كيف تتهم جهات خارجية والتظاهرات جمعت معظم القوى السياسية التركية على اختلاف انتماءاتها القومية والدينية والسياسية ، والمضحك المبكي أنك في الوقت الذي تطالب فيه من رؤساء وزعماء بلدان أخرى بتنفيذ مطالب شعوبهم تتعامل أنت بعنف مفرط مع تظاهرات الشعب التركي وتصف شعبك بالمجموعات الهامشية والمخربة والمتطرفة ، يا من لا أجد لك وصفاً ولا أقول إلا هذا البيت من الشعر (لا تنه عن خلق وتأتى مثله ...عار عليك إذا فعلت عظيم) !
لقد سقط قناع المدنية واحترام حقوق الإنسان، ومنذ هذه اللحظة أنت ومن في معسكرك خارج كافة محافلنا ومجامعنا الإنسانية ولا بد من محاكمتك ومحاكمة كل من هو في صفك، يكفي مجازر ضد الإنسانية، أوقفوا الحرب على سوريا العزة والكرامة الإنسانية ، وستسقطون تبعاً لأن مدة صلاحيتكم انتهت ، نحن نعمل على وضع أسس جامعة الدول الإنسانية في الشرق الأوسط ، والتي تنسجم مع التعدد القطبي القادم ، وأنتم خارج حسبتنا ، وكيف تكون داخل حسبتنا ، وقد سقطت في أول اختبار حقيقي تعرضت له حكومتك التي مارست أقصى درجات انتهاك حقوق الإنسان بحق المدنيين العزل من أبناء الشعب التركي والحصيلة أكثر من 1200 جريح وأكثر من 1700 معتقل إضافة إلى أشخاص قتلوا وآخرين فقدوا البصر وأطفال تعرضوا للتعذيب لتسقط الدولة المدنية التي حاولت من خلالها إقناع الاتحاد الأوربي قبول عضوية تركيا .
وللدول العربية أقول: لماذا لم تحظى الاحتجاجات التركية باهتمامكم الإعلامي كما حظيت به ثورات العرب ؟! إنه الاصطفاف وراء الديكتاتور العثماني المنتهية ولايته حكماً، لكم تخشون من سقوطه ! ماذا كانت طلبات الأتراك يا سادة في البداية ؟ الحفاظ على حديقة وسط المدينة وترفض إزالتها فقوبلت بعنف مفرط وتصريحات متشددة من اردوغان الذي وصف المتظاهرين بتلك الأوصاف التي ذكرناها سالفاً ‘ هذه هي ديمقراطية آردوغان ، آمان يا ربي آمان ! خادم الإنسانية .