يقال أنه إذا عرف السبب بطل العجب ، وقصة القانون المعدل لقانون المطبوعات والنشر تستحق أن تذكر في نهايتها وليس في البداية لأن البداية تمثل كارثة على حرية الرأي والتعبير وقد قيل بها كثيرا من قبل اصحاب الاختصاص في قوانين حماية حرية الرأي والتعبير والحريات العامة .
والنهاية وبعد أن تم إقرار القانون وحجب المواقع تمثل حالة من المهازل القانونية وتستحق أن يقال بها أكثر مما قال مالك بالخمر ، والحكاية وسر الترخيص يأتي على طبق من ذهب بمجرد دخولك لدائرة المطبعات والنشر وتقديمهم لك النموذج الخاص بطلب الترخيص لموقعك كموقع إخباري سياسي ، وتقف عند الفقرة رقم (4) من المادة الثانية والشروط ومتطلبات الترخيص وهي تنص على أن يكون رئيس التحرير عضوا في نقابة الصحفيين وممارس ، والفقرة الأخيرة أن يكون متفرغا للعمل بالموقع ، وهذان الشرطان هما مربط الخلاف ما بين أصحاب المواقع ونقابة الصحفيين التي تمارس دور " القاتل الذي يسير في جنازة القتيل " ، وليس بين دائرة المطبوعات والنشر لأنها دائرة تنفذ القانون بعد أن يمر بمراحله الدستورية .
وبمجرد إعلانك بعدم توفر رئيس تحرير عضو نقابة " مرتزقه " لأن عضو النقابة يشترط عليك راتب يتجاوز الخمسمائة دينار مقابل أن تضع أسمة وتقدم أوراقه لدائرة المطبوعات والنشر ، يأتيك الحل من قبل دائرة المطبوعات والنشر بأن عليك أن تقدم ترخيص ما يسمى " موقع متخصص " عن طريق وزارة الصناعة والتجارة التي تقوم بتوجيه كتاب لدائرة المطبعات والنشر من خلاله تعطيها الدائرة معلومات عن الموقع " الاسم التجاري " وأنه لامانع لديها بما يتماشى مع قانون الاسم التجاري المعمول به في وزارة الصناعة والتجارة ، وفي حال عدم وجود أسم سابق للأسم التجاري للموقع تدفع رسوم الترخيص بقيمة 35 دينار ، وتشد رحالك لدائرة المطبوعات والنشر وتقوم بوقف الحجب عن موقعك الالكتروني وتصبح موقع إخباري متخصص بكل شيء عدى السياسة .
وهنا تبرز متاهة دائرة المطبوعات والنشر ووزارة الصناعة والتجارة بالمفاهيم والمصطلحات ، ويتم إرشادك وطرح العديد من الخدمات الاخبارية المتخصصة التي عليك أن تمارسها كي تتجاوز مطب " عضو نقابة " ، وعليك أن لاتذكر مصطلح أخبار سياسية " سياسة " في ترخيصك وتكون أنت في منطقة الأمان وبعيدا عن يد القانون ويد الحاجبين ، إذا السر يكمن في كلمة سياسة وليس في أي شيء أخر ..سياسة ..سياسة ..سياسة إلى أخر العمر ؟ .