هذا ليس عنوانا لبرنامج مسابقات في قناة فضائية أو إذاعة إف إم ، بل هو حقيقة ما يجري في المدارس الخاصة التي يصل معدل رسم الطالب فيها بدون مواصلات قرابة الألف دينار للصفوف الابتدائية و الأساسية الأولى ، و هو مبلغ أصبح في هذه الأيام يشكل عبئا على الأسرة الراغبة بتوفير أفضل البيئات التعليمية و التربوية لأبنائها مما يجعل هم التعليم يبدأ من صف البستان و ليس فقط على أبواب المرحلة الجامعية كما كان في أيامنا .

و لما كان رب الأسرة يبذل الجهد الجهيد لتوفير هذا المبلغ الباهظ و يحرم نفسه و أسرته من الكثير من المتطلبات في سبيل تنشئة أبنائه النشأة المثالية فإنه يفترض أن جنة من بساتين المعرفة و أنهار العلم و حدائق الأدب و رياض الأخلاق سوف تكتنف فلذة كبده يقوم عليها ملائكة رحمة و يحفها الولدان المخلدون كأنهم اللؤلؤ المكنون ، و لكن الواقع في كثير من مدارسنا الخاصة – للأسف – غير ذلك .

فتارة تفاجأ بولدك عائدًا إليك في لفائف الجبس على إثر سقطة عن الدرج ربما نتجت عن تدافع الأطفال و مشاغباتهم ، و تستمتع برؤيته عدة أسابيع و هويقفز على قدم واحدة بخفة و رشاقة تؤهله للالتحاق بالعديد من الألعاب الرياضية ذات العلاقة ، ثم تتصل معك المدرسة لتنقل ابنك الآخر إلى المستشفى على وجه السرعة نتيجة إسقاطه (و ليس سقوطه) هذه المرة أيضا عن درج المدرسة بدفع من الطالب المسمى بـ (العريف) و هو طالب غالبا ما يتم اختياره من صف أعلى و يتميز بضخامة الجثة و كثرة الشغب و خشونة التعامل ، و هي وسيلة تلجأ إليها إدارات المدارس لامتصاص طاقة هؤلاء المشاغبين مع ما يعنيه ذلك من تصدير هذه الطاقة بشكل عنيف نحو زملائهم من الطلاب الآخرين ، و توفيرا لها بدلا من تعيين عدد كاف من الأساتذة للمناوبة و ضبط و مراقبة الساحات و الممرات ، فهما هدفان تربوي و اقتصادي و لكنهما بالتأكيد غير مشروعين لأنهما يسببان الأذى للآخرين .

كل هذا الذي رويت يهون أمام ما نسمعه من حوادث مؤسفة ترجع لسوء الإدارة و ترشيد النفقات في التعيينات أو تعيين من هم أقل كفاءة من السائقين و المرافقات و الإداريين سعيا نحو المزيد من الأرباح و لو على حساب سلامة أبنائنا الذين ننتزع اللقمة من أفواهنا لنوفر لهم أقساطا دراسية باهظة في مدارس خاصة غاية ما تسعى إليه أن تلهف ألف دينار من كل طالب ثم تقول له :

"اسقط عن الدرج" .

 hishamkhraisat@hotmail.com