إن رقي وتحضر الأمم يقاس بمدى الخدمات التي تقدمها لمواطنيها وبطريقة التعامل الحضاري التي يتحلى بها القائمون على تقديم هذه الخدمات ، وبناء على هذا المقياس فان الأردن يعتبر من أرقى الأمم وأكثرها تحضرا لان مستوى الخدمات التي تقدم لمواطنيه من ارفع المستويات ليس على المستوى العربي فقط بل على المستوى العالمي وبشهادة المنظمات والهيئات الدولية ، وهذا شيء نحسد عليه بحمد الله ، فجهود جلالة الملك حفظه الله في سبيل النهوض بهذا البلد إلى مصافي الأمم تكللت بالنجاح ، وخاصة في القطاع الطبي حيث حصلت العديد من المؤسسات الطبية الأردنية على شهادات الجودة العالمية ( الايزوا ) ، ولكن لابد لكل عمل ناجح إن يصاحبه بعض المعيقات التي تنغص علينا الفرحة به ، ولنأخذ مركز عمان الطبي الشامل مثالا على النجاح الباهر والذي يصاحبه بعض المثبطات ، فقد نشر موقع جراسا الالكتروني بالأمس القريب وبالتحديد في يوم الأحد الماضي 26/4 خبرا عن انتشار المحسوبية والواسطة والترهل الإداري في هذا الصرح الطبي العظيم ، وهذا ليس بغريب فكلنا يعلم إن المحسوبية والواسطة والتجاوزات الإدارية موجودة في أكثر من مؤسسة عامة فهي كالفيروسات التي إن لم تقضي على عمل هذه المؤسسات فإنها تبطئه وتعيقه ، إلا يكفي المرض والتقدم في السن المصاحبين لمراجعي هذا المركز إلا يكفيهم ذلك حتى يضيف إليها العاملون في المركز سوء المعاملة لهم ، فبعد قراء نص الخبر المنشور بتمعن نجد إن مثل هذه التصرفات فيها امتهان لكرامة الإنسان وانتقاص من آدميته ، فالمراجع ليس بالشحاذ حتى يترك ينتظر على الدور وهوا لمريض غير القادر على الوقوف أصلا ، ويتم صرف وصفات علاج لمراجعين يخصون فلان أو علان حتى ولو كان مدير المركز من خلف الكاونتر ، فمدير المركز هو مسئول عن تنظيم وصول الخدمات للمراجعين ، ويجب عليه إن يعي ذلك فهو مدير لمركز حكومي وليس مديرا لعيادته الخاصة ، ثم لماذا لا يعطى المرضى أكياس ليضعوا فيها الأدوية ، وهل بهذا الإجراء يتم توفير الأموال على الدولة ومساعدتها على تجاوز الأزمة المالية العالمية وتقليص في نسبة العجز لديها ، أم يريدون إن يمشي المريض في الشارع وهو يحمل الدواء ولسان حاله يقول تعالوا شوفوني أنا مريض ، إن التجاوزات موجودة في الكثير من المراكز الطبية ، ولقد استبشرنا خيرا بقدوم الوزير الجديد وتوقعنا منه الكثير ، لكن الكثير هذا لا يكون بالكلام فقط بل بالعمل على تصحيح مثل هذه الأخطاء ، ومحاسبة المسئولين عنها ، فمن كان يستحق إن يكون مديرا بجدارته وحسن تعامله مع المراجعين فحياه الله ، ومن لا يستحق إن يتبوأ المناصب الإدارية فليعد إلى مهنته كطبيب ، يخدم الناس ويخفف آلامهم لا إن يبقى في منصب يعسر على الناس ويزيد الالمهم ، ولنتذكر قوله عليه أفضل الصلاة والسلام ( من ولي من أمر المسلمين شيئا فشق عليهم فليشقق الله عليه )

لذا فإنها أمانة يا وزير الصحة حملتها وستسأل عنها أمام الله ، ستسأل عن كل مريض وقف ينتظر دوره وهو لا يطيق الوقوف ، ليأتي فلان من أصحاب الواسطة والمحسوبية وبكل بساطة يأخذ حق هذا المريض المسكين ، ستسأل أمام الله عن كل مسئول في وزارتك لايقوم بواجبه المهني والأخلاقي بأمانة ، واني كمواطن أعيش في هذا البلد وارى وأعايش ما يحدث من محسوبيات وواسطات ، أقدم نصيحة إلى وزير الصحة والنصيحة كما يقولون بجمل ، يا معالي وزير الصحة الدكتور أنت رجل كفؤ لهذا المنصب ولولا ذلك لما اختارك صاحب العرش الهاشمي حفظه الله لتكون المسئول الأول عن صحة مواطنيه ، لذا نرجوك إن تنزل إلى الميدان وترى بأم عينك ما يحدث ، و اخص مركز عمان الطبي الشامل بالذات الذي لا يبعد عن مكتبك سوى عشرات الأمتار ، والقيام بجولات غير رسمية ومفاجأة للوقوف على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين ، والاستفسار من المواطنين أنفسهم لا من الموظفين والمسئولين لأنه ما في حدا بحكي عن زيته عكر كما يقول الختيارية ، ولقد كانت بادرة استقبال المراجعين مباشرة في مكتبك والمسمى الباب المفتوح بادرة خير تشكر عليها ، لكنها غير كافية ، ويجب تفعيل مبدأ الثواب والحساب ، وليكن مركز عمان الشامل نموذجا لهذه السياسة وخاصة انه يعتبر من أرقى المراكز الصحية في الأردن ويستحق منك كل المتابعة .

أعانك الله يا معالي الوزير فإننا نعلم إن اخذت على عاتقك وزارة خدماتية من أصعب الوزارات وأكثرها تماسا مع المواطنين ، وأنت أهل لهذه المهمة ، فليتسع صدرك لهذا النقد البناء ، فان عمر بن الخطاب رضي الله عنه

( قال رحم الله امرؤ أهدى الي عيوبي ).

Fd25_25@yahoo.com