ابتزاز أم مطالب حقيقية الذي يجري في مؤسساتنا .. الوطن أكبر منا جميعا؟


كثرت المطالب المالية بزيادة الرواتب من قبل بعض موظفي المؤسسات الوطنية عن طريق الاعتصامات التي تتجاوز احيانا مخالفات وظيفية واخلاقيات العمل الوظيفي مما أدى الى ارباك العمل وخصوصا قطاع المستشفيات الذي يخدم قطاعا واسعا. ان التوقيت في مثل هذه الظروف الصعبة التي تحيط بوطننا من كل جانب بتعقيداتها وافرازاتها المختلفة يدعونا في هذا الوقت لنكون مع الوطن ومؤسساته في هذه الظروف القاسية لا ان نمارس لا سمح الله الابتزاز المؤسسي لا العمل المؤسسي في ظل ما يسمى "بالربيع العربي" الذي أفرز هو الآخر سلبيات كبيرة انعكست على حياة الناس فالربيع الحقيقي هو أن نقدم الغالي والنفيس لوطننا وترابنا وأن نسعى كفريق واحد موحّد للحفاظ على مكتسباته ومنجزاته.... وأرجو أن لا يساء الفهم لا سمح الله فكلنا نجمع على أن يعيش المواطن بكرامة وحرية مسؤولة لا فوضى فيها ولا اعتداء على حريات الناس والمجتمع وكل ضمير حي يجمع أن محاربة الفساد باشكاله المختلفة أنى وجد هو واجب الدولة والفرد على حد سواء.

ولكن المؤسف حقا اننا ما زلنا نجد نفرا مازال غائب عن عقله أن بلدنا الاردن يعيش الآن وسط اقليم مضطرب ووسط أزمات اقتصادية اجتاحت الكثير من دول العالم وما زال غير مدرك لحجم الاخطار والتحديات التي تواجهنا والتي هي من مسؤولية الدولة والموظف والمواطن على حد سواء معتقدا أن "الحياة قمر وربيع دائمين" ونسي من قاموسه أن في الحياة شتاء شديدا وبردا قارسا وان في الحياة خريفا متقلبا وان في الحياة صيفا حارا لاهبا ونسي أن للقمر خسوفا وانه ليس في ظهور دائم . وأطرح هنا مثالا لا الحصر، فرب الاسرة الذي له دخل محدود يدبر متطلبات اسرته ضمن امكانياته، وفجأة وبدون سابق انذارضغط عليه عدد من افراد اسرته في زيادة الانفاق على حساب الايرادات وهو لا يمتلك الا هذا الدخل المحدود وهذه هي طاقته القصوى فيسعى جاهدا ليحاور المشاكسين من افراد اسرته بالموعظة الحسنة تارة وبالتوتر والانفعال تارة أخرى فيقف عاجزا عن تحقيق هذه المطالب وهنا اتساءل هل من المقبول والمنطقي أن تعتصم وتغضب هذه الاسرة وهي تعرف وتدرك تماما واقع الحال الذي تعيش؟ وهل من العقل والمنطق كذلك أن توضع العصي في دواليب عجلة عمل هذه الاسرة؟ اعتقد أن الاجابة تكون بالنفي لأن الاستمرار في العناد في ظل ظرف مادي واضح للأسرة سيزيد الوضع سوء والحل الايجابي أن يتم ترتيب أوليات هذا البيت ضمن امكانياته لكي تخرج من ازمتها وتخفف من تفاقم مشكلتها وتبحث عن بدائل جديدة منها المزيد من العمل وبذل الجهد وضبط النفقات لحماية البيت والاسرة من الانهيار لا كالتي تنقض غزلها من بعد قوة انكاثا أو تكون ممن يخربون بيوتهم بايديهم. وهكذا هو حال المؤسسة والمستشفى والجامعة والدولة فعلى جميع العاملين في اركانها مسؤولية اخلاقية بمضاعفة الجهد والقيام بالمسؤوليات الملقاة على عاتقهم لا التهاون بالقيام بها او بالاضراب عن العمل بحجة ان هذه المؤسسة اوتلك لا تحقق كافة رغبات وطموحات العاملين فيها في الوقت الذي يدرك فيه الجميع قدراتها وامكانياتها.

ما حدث مؤخرا من اضراب عن العمل من قبل بعض العاملين في مستشفى الملك المؤسس عبد الله الجامعي هذا الصرح الطبي الرائد الذي تم بناؤه بجهد الاردنيين كافة والذي يقدم خدمات صحية متميزة لكافة ابناء المملكة وخارجها بمهنية عالية ومستوى متميز فليس من المقبول البتة التوقف عن العمل فيه مقابل المطالبة في زيادة علاوات اضافية يطالب بها مجموعة من الموظفين علما أن رئيس مجلس ادارة المستشفى ومدير عام المستشفى كانت ابوابهما مفتوحة للحوار معهم وسعوا لتحقيق بعض المطالب في ضوء الامكانات المتاحة حيث أن وضع رواتب العاملين يعتبر جيدا مقارنة مع نظرائهم العاملين في المستشفيات الجامعية والخدمات الطبية ووزارة الصحة في الوقت الذي يعاني منه المستشفى الآن من ديون له لم يتم دفعها حيث تصل الى ما يقارب الثلاثين مليون دينار والكل يعرف معنى ما يترتب من انعكاس سلبي على ذلك من استمرار تقديم الرعاية والخدمات الصحية بطريقة فاعلة ومتميزة.... هذا الصرح الطبي بني بالجهد والتعب حتى وصل الى ما وصل اليه والواجب الوظيفي واخلاقيات العمل ترفض أن يكون خاضعا للابتزاز من قبل البعض لانه صرح يخدم كافة ابناء الوطن وواجب المحافظة على ادائه مسؤوليتنا جميعا كما هي مسؤولية الحكومة وكافة العاملين فيه، ولا يعقل أن يأتي مراجع مريض يعاني وقطع به أهله المسافات تحت الألم من اجل اجراء طبي معين فلا يجد من يهتم به في ظل اجواء الاضراب عن العمل واعتقد انكم تتفقون معي في أن تخفيف معاناة هذا المريض هي أؤلوية أكثر أهمية واكبر بكثير من المطالبة بزيادة رواتب، مما يستدعي وهذا واجب الحكومة والمؤسسة عدم الرضوخ للابتزاز مستغلين ما يعرف "بالربيع العربي" لان هيبة المؤسسة وضمان سير عملها في تقديم واجبها للناس كافة أعم وأشمل من مطالب ضيقة هنا أو هناك وصدق الله العظيم حيث قال "رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ" لأن العمل والأمان والأنجاز والأخذ بالاسباب هي التي تقود الى تحسين بيئة الانتاج والرزق وليس الفوضى وتعطيل مصالح عمل المؤسسات التي تخدم البلاد والعباد. ولنحافظ على وطننا معافى سليما لا أن نكون لا سمح الله قد ساهمنا في نهش جسده لانه يستحق منا المزيد من العمل بقوة ايجابية وايمان. وحمى الله مؤسساتنا واردننا من عبث العابثين عن قصد أو عن جهل لان الوطن أكبر منا جميعا فنحن فيه أعزاء وبانتمائنا اليه ووحدتنا أقوياء.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات