ثقافة الأعذار


ما إن يبدأ ما يمكن تسميته بثقافة الأعذار بالانتشار في أي مؤسسة عمل أو حتى البيوت وغيرها من مواقع معيشة وعمل، فاعلم أن روح اللامبالاة والتنصل من المسؤوليات قد بدأت تنتشر وتتخذ مواقع لها. وما الأعذار إلا دلائل واضحة على وجود تلك الروح.

الأصل أن يقوم أحدنا بأداء مهمة أو عمل ما على أكمل وجه حين يُطلب منه، سواء في بيته أو مكتبه أو ناديه أو أي موقع يتعايش فيه البشر معاً، يعملون لأجل بعضهم البعض. ولكن حين يأتي هذا المكلف بأداء العمل ليبث لك عذراً تلو الآخر بسبب عدم إنجازه العمل المطلوب على الوجه المكلف به وفي الوقت المحدد، فإنه يعني عدم جديته وعدم إخلاصه وعدم تفانيه في أداء المطلوب. وربما هناك أسباب أخرى.

يطلب منك مسؤولك أداء عمل ما ليكون جاهزاً بعد مضي وقت محدد، فتقبل منه وتستلم الأمر وتبدأ العمل. ثم يأتي يوم الوفاء وعرض العمل كما طُلب منك، فتجد أنه لم يتم بعد وتحتاج إلى وقت أطول أو مساعدة.. فماذا تفعل؟

بكل تأكيد ستبدأ في إيجاد العذر أو الاثنين والثلاث. إما أن تماطل في تسليم المطلوب، أو أن تلقي باللوم على الآخرين، أو أن يكون للوسائل والتقنيات والأجهزة نصيب من ذاك اللوم، وبالمثل يكون مع الوقت أو الطقس أو البيت أو العيال أو السيارة.. إلى آخر قائمة طويلة ممن لا وجود لهم أصلاً، فتكون إمكانية إلقاء اللوم وتحميلهم الأخطاء كبيرة لأنك مدرك أنه لا يمكن لأي أحد منهم الدفاع عن نفسه لحظتها.. أليس هذا يحصل؟

لماذا لا يعمل أحدنا بجدية في أي عمل يقوم به، وتراه بدلاً من ذلك يجهد نفسه في التفكير لإيجاد الأعذار؟ الإجابة بكل وضوح كامنة في الآتي.. إن غياب الجدية في أداء العمل سببه ضعف أو غياب المتابعة ومن ثم العاقبة الصارمة، وهذان عاملان مهمان لشيوع ثقافة الأعذار في أي موقع أو أي مكان. كيف؟
أنت لم تكن لتتكاسل في أداء عملك لولا معرفتك وخبرتك السابقة بأن الأمر ليس بتلك الأهمية لتجهد نفسك في أداء المطلوب أولاً، ومن ثم ليست هناك متابعة دقيقة حتى تهتم به، وأخيراً تدرك أنه ليست هناك جزاءات رادعة تخيفك من أي تكاسل بل حتى من مجرد التفكير فيه. وكل ذلك يؤدي بالضرورة إلى التكاسل. وبدلاً من العمل بجدية وإخلاص وأمانة، تجد نفسك تفكر وتبذل الجهد في إيجاد الأعذار الملائمة لكل مناسبة.. وللحديث بقية.



تعليقات القراء

مجرد تعليق ..
كلام رراائع أستاذ عبدالله ..

دمت بالف خير ..

وبنتظار جديدك ..

HM
02-05-2009 04:17 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات