جنيف ( 2 ) والعقبات في طريق انعقاده


حدثان مهمان يستأثران باهتمام كبير ومتابعة حثيثة من قبل الاجهزة الاعلامية والدوائر السياسية الدولية؛
ـ الحدث الاول التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر جنيف2 ؛ وتتمثل باجتماعات الاطراف المعنية والاتصالات المستمرة بينها للتحضير للمؤتمر؛ ودعوة الاطراف لحضوره التي يمكن أن تساهم في ايجاد الحل السلمي للازمة السورية وتتباين المواقف أحيانا ، وتتقارب أحيانا أخرى بين الاطراف المتحاورة ويبرز التباين في مواقف أطراف المعارضة الخارجية، حيث يشدد بعضها في مواقفه،على التصعيد في التصريحات التي تصل الى فرض شروط تعجيزية كشرط رحيل الرئيس السوري، في حين يطالب الاخر بأن تكون الحكومة المنوي تشكيلها حكومة ذات صلاحيات كاملةتبعد الرئيس عن أي تدخل في ادارة السلطة! ويرفض البعض الاخر أى حوار مع القيادة ويصر على أن الحسم العسكري لصالح أطراف المعارضة.

وتطالب أطراف أخرى السلطة أن تقدم بوادر حسن نية،باطلاق سراح المعتقلين أما من يمثل المعارضة في المؤتمر، فإن الخلاف لايزال قائما حول أسماء الاشخاص الذاهبين للمؤتمر،حيث يشترط طرف أن تكون الاسماء مقبولة من الشارع السوري!

أما الموقف الرسمي فقد تم الاعلان عنه باستعداد الحكومة بتشكيل الوفد والذهاب للمؤتمر بدون أية شروط مسبقة إلا شرط واحد بأن تضع الأطراف الضالعة بالتدخل في الشؤون السورية حدا لتدخلها،وأن يقرر مؤتمر جنيف 2 آلية لوقف الدعم للمسلحين.

أما مواقف الدول التي تهيئ الأجواء لعقد المؤتمر فلا تزال تخضع للمعايير المزدوجة ،فمرة تدعو الرئيس السوري للموافقة على المشاركة والحوار مع المعارضات ،ومرة أخرى تعلن أن لامكان له في المرحلة القادمة،وأنها على أستعداد لتزويد المعارضة بالسلاح المتطور لمقاتلة النظام؛في حين لايزال الموقف السوري ثابتا لم يتغير ويرتكز على قاعدة أن مصير الرئيس يقرره الشعب وليس طرفا من الخارج وأن الحل يجب أن يظل حلا سوريا لمصلحة سوريا يحافظ على وحدتها وسيادتها.

كما لايزال الخلاف مستمرا حول الدول التي ستدعى لحضور المؤتمر، فأمريكا وحلفاؤها تحاول إبعاد إيران عن حضور المؤتمر بحجة أنها جزء من المشكلة وليس جزءا من الحل ،وبالوقت نفسه تدعو السعودية وتركيا وقطر لحضور المؤتمر مع أن هذه الدول هي الجزء الأكبر للمشكلة والأزمة ولا تزال تصر على تقديم كل أشكال الدعم للمعارضة وتؤمن بأن الحل النهائي ليس الحل السياسي بل الحل العسكري.

فالمؤتمر المزمع عقده في منتصف حزيران القادم لايزال أمامه عقبات كثيرة تتمثل في :

1- حجم التنازلات المطلوبة من الأطراف المشاركة وفي مقدمتها دور الرئيس السوري في عملية التحول والانتقال ،فلا يمكن إزاحته أو إغفال دوره،فهو القائد العام للجيشوالرئيس الشرعي المنتخب والمعترف به دوليا كرئيس دولة ذات سيادة فما تطالب به أمريكا يندرج في وضع
المطبات أمام المؤتمر قبل إنعقاده.

2-أما العقبة الثانية أمام انعقاد المؤتمر فهي عدم قدرة المعارضة على توحيد أطرافها لأن كل طرف فيها مرتبط بدولة لها أهدافها الخاصة التي تختلف عن أهداف غيرها من الدول الضالعة في المؤامرة على سوريا .

كما أن المعارضات غير متفقة على تشكيلة وفدها للمؤتمر، فأطراف فيها ترى أنه لا يحق للأئتلاف تسمية أكثر من ثلث أعضاء الوفد لأنه لا يمثل إلا هذه النسبةمن المعارضة ، فالمعارضة في الخارج متشددة لاتعرف ماذا تقول وهي غيرها من المعارضة في الداخل .

3-أما العقبة الثالثة فتتمثل في دخول العدو الصهيوني مباشرة في الأزمة عندما قام بالعدوان على أطراف دمشق لتخفيف الضغط عن المعارضة المسلحة التي تواجه مصيرها في معركة "القصير" فقد أعلن العدو أنه لن يظل ساكتا على ما يجري في سوريا لأنه سيرتد عليه عاجلا أم آجلا، وخاصة أن سوريا أعلنت أنها ستفتح جبهة الجولان للمقاومة الشعبية التي ستدعم من مقاتلي حزب الله،كما أن
الجيش السوري سوف يرد على أى عدوان بشكل مباشر ،ولن يتردد في توجيه قوته باتجاه الأرض المحتلة في الجولان وفلسطين بالمقابل أعلنت ميليشيات المستوطنين في الجولان حالة الاستنفار، وبدأت بالتدرب على السلاح وطالبت مساعدة الجيش الصهيوني لمساعدتها بمواجهة المقاومة الشعبية في الجولان.

4-والعقبة المهمة والرئيسية هي ما يجري في الميدان العسكري وتأثيره على عقد المؤتمر ونتائجه السياسية الكبيرة ،بعد عملية التصعيد العسكري قبل انعقاد المؤتمر.

فهل سينعقد المؤتمر في ظل الظروف الحالية أم ستعمل أمريكا على إفشاله بسبب تحول ميزان القوى لصالح سوريا وحلفائها ؟

ـ أما الحدث الثاني الذي يثير اهتمام المتابعين للأزمة في سوريا والحرب الكونية التي تستهدفها فهو ما يجري في "القصير".
فلماذا أثارت معركة القصير هذا الاهتمام ،وما هي أهمية "القصير"حتى تنال كل هذه المتابعة الإعلامية الدولية؟

إن موقع مدينة "القصير"الاستراتيجي هو الذي جلب الاهتمام لما يجري في المدينة وحولها،فقربها من الحدود اللبنانية يشكل مدخلا لكل أنواع الدعم للمسلحين حيث يتوزع هذا الدعم على المسلحين في حمص وحماه وإدلب وحلب وغيرها , كما إن وقوعها على طريق حمص دمشق يجعلها تتحكم بالطريق الدولي الذي يربط وسط سوريا بجنوبها وغربها وشرقها وشمالها ومن يسيطر على الطرق الرئيسية يسيطر على المدن، وبهذا تكون معركة القصير أساسية على مستقبل الدولة وترابط المحافظات السورية وتواصلها مع بعضها.

إن المعركة التي تجري في سوريا هي معركة على موقع سوريا ودورها، وقد تحولت الى معركة دولية وسيحاول الطرف الآخر- أمريكا وحلفاؤها- الرد على انتصارات الجيش العربي السوري لتعويض الخسارة التي لحقت بهم. أما التدخل الصهيوني المباشر فسيحول الحرب من داخلية الى حرب وطنية يشارك بها السوريون جميعا، وستكون مضاعفاتها كبيرة على دول المنطقة، وربما تتحول الى حرب دولية .

إن الصراع القائم في المنطقة هو صراع بين محورين،محور المقاومة بقيادة سوريا وحلفائها، والمحور الأمريكي الصهيوني وحلفائه،وهو الصراع الذي سيحدد مستقبل ومصير المنطقة وربما العالم لعقود طويلة قادمة . فالتواجد العسكري الروسي في مياه البحر المتوسط قد يرفع درجة المواجهة في الأزمة من النطاق الإقليمي بين سوريا والعدو الصهيوني ، الى احتمال مواجهة بين الشرق والغرب ،وحرية الأمريكيين في مساندة العدو ، سوف يعني أن روسيا مستعدة للتصعيد!! وهكذا نرى الى أي مدى غيرت سوريا الموقف الروسي على مستوى القيادة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات