دول الربيع العربي .تحديات وأخطاء !


يبدو أن الصراع الذي يظهر على السطح في دول الربيع العربي التي سقطت انظمتها البائده هو الصراع بين التيارات الدينية بعضها ببعض ( سلفية وإخوان ) و بشكل اكبر بل وأخطر من الخلافات مع بقية القوى الديموقراطية الأخرى ، فالتيارات السلفية تلجأ دوما للبندقية والعنف مباشرة ، فيما تواصل القوى الديموقراطية السير ببرامجها الاصلاحية دون عنف .
في تونس كانوا شركا في التغيير ...اليوم صراع مرير ، قتلى وجرحى في احداثمواجهة الاسبوع الماضي بين التيار السلفي وحزب النهضة الحاكم ، وقد تتطور الى مواجهة حامية كما تشير التطورات بسبب رفض النهضة ممارسات وطموحات التيار السلفي التي تستغل حكم النهضة الاسلامي وتمارس سلوكها المثير لغضب واستياء الناس وخشيتها من رفض الشعب التونسي منح النهضة فرصة اخرى للحكم في الانتخابات القادمة . وهي ممارسات ازعجت النهضة وجعلته في موقف محرج امام الشعب بسبب مناصريه والقوى الديموقراطية ودول العالم ،وبالتالي كان لابد من "طلاق " ينهي المشكلة دون مواجهة لايعرف عقباها .
في مصر حزب النور ساند الاخوان في انتخابات الرئاسة في الجولة الثانيةلصالح مرسي بعد خروج مرشحهم ابو الفتوح من المنافسة في الجولة الأولى ، وكانوا رشحوا خيرت الشاطر الذي رفضته اللجنة الانتخابية ، كما ساندوهم في استفتاءات الدستور والاصلاحات ، وسرعان ما تفكك التحالف ،وظهرت الخلافات بعد شهور عسل بسيطة تعاونا فيها في مواجهة ماتبقى من تيار مبارك بداية الدولة ، لكن هيمنة الجماعه وتحالفاتها مع ليبراليين وعلمانيين اجهض حلم الاغلببة الاسلامية ، وأدار مرسي ظهرة للسلفيين عقب تشكيل الحكومة الأولى ولم يمنحهم سوى وزارة البيئة التي رفضوها ولم يشاركوا بها مطالبين بتشكيل حكومة تعكس حجم القوى داخل البرلمان ،وكان إخراج مستشار الرئيس خالد علم الدين وهو من التيار السلفي من الرئاسة بداية الخلاف حيث اتهم باستغلال منصبه لاغراض شخصية .
في ليبيا، السلفيون يرفضون الدولة القائمة اليوم ويريدون " سلفنة " الدولة على غرار حكم طالبان السابق ،ووضع شروط تبدو مستحيلة بل ومخيفة وقفت في وجه استقرار ليبيا وتمثلت باعمال عنف وقتل وتخريب واعلان مدن كبيرة أنها تخضع لسيطرتها في مواجهة المجلس الانتقالي .
في سوريا ، التيارات السلفية والجهادية والقاعدة لعبوا دورا في ارتداد الدول والقوى عن دعم الجيش الحر ، بسبب ممارساتهم ومسلكهم وعنفهم الذي استهدف الابرياء والعزل سواء من الطائفة الشيعية او السنية المؤيده للرئيس بشار الأسد،والتي مكنت نظام الأسد من استثمار تلك الأخطاء و"النفخ " فيها كي تبدو أشد خطرا على المجتمعات الاقليمية والدولية .
امام التيار الإسلامي الصاعد خيار وحيد لمواجهة تلك التحديات والخروج من الأزمات المتلاحقة والصراع مع التيارات السلفية اوحتى المناوئة له للحفاظ على الدولة عبر توسيع قاعدة المشاركة الشعبية وتعديل القوانين الناظمة للحياة الديموقراطية في البلاد التي يحكمونها ، وترسيخ مفهوم العدل والحرية والتعددية وحقوق الانسان وحرية التعبير ،وعدم التدخل في القضاء وتوسيع قاعدة الشورى والابتعاد عن احلام بناء دولة دينية خالصة في ظل معطيات محلية ودولية واقليمية لاتسمح القيام بذلك ... ودون ذلك فلا مجال لأي من تلك الأنظمة النجاح وتحقيق ما تصبو اليه من اعادة بناء وترميم ما افسدته الأنظمة السابقة ،بل انها ستعيش حالة من اللا استقرار قد يتبعها ازمات وتدخلات وفوضى تدمر البلاد يتمنى فيها المواطن لو بقي الحال على ما كان عليه في ظل الأنظمة السابقة وتذهب تجربة الحكم أدراج الرياح وسط مخاوف وعدم ثقة بتلك التيارات .
الخطأ الأكبر الذي تمارسه تلك القوى هو استمرار إعادة تشكيل مؤسسات الدولة على اساس حزبي او ما يعرف " اخونة المؤسسات "في دول الربيع خاصة ، وهو أمر قد يثير قلق الكثير محليا او دوليا ، ويدمر الوطن بسبب رفض تيارات شعبية وحزبية وديموقراطية بناء الدولة على أسس حزبية ،وفي حال فشل تلك القوى بانتخابات قادمه او تغييرات قد تجري ، فأن انهيار الدولة سيكون سريعا مع انهيار تلك المؤسسات التي جرى " تسييسها" " ، لأن بناء المؤسسات على مقياس وفكر ونهج اي جماعة كانت مذهبية او عقائدية او طائفية سينهار مباشرة بعد رحيل الحزب عن الحكم ، وهذا ما تخشاه دولا عديده تجنبت تلك السياسة وابتعدت عنها ،لأن غياب الحزب لايعني غياب المؤسسات او دمارها كما جرى في العديد من دولنا العربية التي سقطت فيها انظمة تلك الدول القائمة على نظام الحزب الواحد ...



تعليقات القراء

عبد الله احمد
يا استاذ علي تحياتي لك :مشكلة دول الربيع العربي تكمن في التالي حسب رايي الذي يحتمل الصح والخطأ,,الشعوب ثارت في دول الربيع العربي ضد الانظمة الفاسدة وضد الظلم والفقر الذي جلبته الانظمة وهذه الانظمه كانت انظمةتطبق نظام فاسد ديمقراطي او علماني مشوه .جلب الشقاء للناس.والناس رفعت شعار ( الشعب يريد اسقاط النظام) فما حصل ان القائمين على الثورات لم يكن لهم برامج فتدخلت قوى الاستعمار واتت بمشايخ تابعين غيروا الوجوه وسقط راس النظام وبقي النظام الفاسد الديمقراطي هو الحاكم برؤوس اصحاب اللحى التابعين للغرب. والحل هو بتغيير النظام والاتيان بالبديل الصح والبديل هو الاسلام كنظام شامل . النظام الذي انزله الله . الصرط المستقيم المنزل من الوحي غير صراط المغضوب عليهم والضالين(الديمقراطية) نعم الاسلام بنوره وهديه للبشرية كلها ولا يمكن تطبيق الاسلام الا في ظل دولة الخلافة الاسلامية ونسال الله ان تقوم قريبا ونامل ان تكون ثمرة لثورة الشام المباركة وان لا تسرق ثورة الشام كما سرقت غيرها اعزنا الله واياكم بالاسلام العظيم.
23-05-2013 11:47 AM
صالح العوامله
"سياسة التكويش التي ينتهجها الاخوان في مصر او تونس هي وراء غضب الناس والقوى الحزبية ، علينا الابتعاد عن تلك السياسة والصح ان لاتؤسس الدولة على اساس حزبي لأن اي تغيير ديموقراطي او عرفي قد يدمر البلد كما ذكر الكاتب
23-05-2013 02:11 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات