النظام السياسي إذ يستثمر الأزمات .. ماذا بعد ؟!


واقع مؤلم كشفته الأيام الماضية، إذ تنتهك كرامة المواطن الأردني في أرضة، وبين أبناء شعبه، يهان، ويسحل على الأرض، يضرب، دون أن تحرك حكومتنا الرشيدة ساكن.
رد الحكومة جاء متواضعا مأزوما ساذجا ومستهينا بكرامة الوطن والمواطن، ما زاد الطين بله، وزاد من عظم المصيبة، سيما وأنه جاء بعد الحادثة بأيام.
تخرج الجموع غاضبة، وتتظاهر أمام السفارة العراقية، لكنها تواجه بالضرب المبرح من قبل قوات الدرك.
لكن لنأخذ المشهد من زاوية أخرى. الاعتداء تم مساء يوم الخميس 16/ 5، والإعلان كان يوم الأثنين 22 / 5، أي بعد خمسة أيام من الواقعة.
الفيديو الذي نشر، بدا في ثوانيه الأولى بالتعييش للرئيس السابق صدام حسين، ليصار إلى حجب الصوت المطقع بعد ذلك - هذه تكررت في فيديو جلسة النائب الدغمي وعصير التفاح - فيا ترى ماذا كان يقول هؤلاء، من شتموا، وما الداعي لحذف الصوت.
في غضون ذلك، يزور الرئيس العراقي نوري المالكي الأردن في بحر الأسبوع القادم، ليجد أمامه هبة شعبية كبرى، تطلبه بالاعتذار عن أفعال السفير وأقواله ومن معه، هنا يأتي دور الحكومة التي ستستغل الموقف باتجاه تحقيق مكاسب مادية على شكل مساعدات مالية أو نفطية على شكل تسهيلات.
لكن، السؤال الذي لم يلق إجابة إلى الان، لم تم التعتيم على القصة، وما الداعي لكل هذا التأخير، ولما لم تتخذ الحكومة الإجراء المناسب مباشرة، بحيث تتدارك الموقف.
السؤال كيف يسمح لهيئة دبلوماسية أن تعقد ندوة سياسية في هذا التوقيت الحرج من عمر الإقليم، بمشاركة السفارة الايرانية، تتناول ما أسموه المقابر الجماعية للنظام السابق، وبحضور دبلوماسي رفيع المستوى ! مع غياب شبة تام للقوات الامنية. ماذا لو تم اغتيال السفير العراقي مثلا لغياب الأمن، الن تنشئ ازمة دبلوماسية بين البلدين، أذن غياب الأمن عن الفعالية يحمل علامات تعجب كبيرة !
إذن، المشهد كما يلي: غياب واضح من قبل إدارة المركز، والتي علمت بالحادثة منذ لحظتها الأولى، ولم تكلف نفسها عناء الإتصال بوزارة الداخلية أوالخارجية أو مديرية الأمن العام.
في سياق أخر، الذي شاهد الحشود الغاضبة أمام السفارة العراقية يوم الثلاثاء 22/5 يصدم، فالمتظاهرين خليط غريب عجيب، التقى في مكان واحد، باستخدام اساليب التجييش السريع، ضم البلطجي مع الاصلاحي، والموالاة مع المعارضة، وكأن الأمر متفق عليه مسبقا، ومرتب له على أعلى مستوىات، وبحرفيه عالية. ناهيك عن ارتفاع منسوب الانتقاد النيابي - الذي جاء اغلبة ذو نبرة طائفية سمجة - والصحفي والإعلامي الداعم والمرافق للمظاهرات.
بطبيعة الحال، هذا لا يعني أن القصة متفق عليها، بل أن القصة جاءت بمنتهى العفوية، استثمرتها الحكومة بهدف الحصول على مكاسب سياسية معينة، واكتفت باستخدام الاساليب الدبلوماسية، لحين وصول الرئيس العراقي إلى الأردن.
مع ذلك، استثمار الحكومة للحدث لم يتبعه خطة محكمة للتعامل مع النتائج والتي قد تتخطى اطارها بحيث يصعب توجيهها او السيطرة عليها.
ما ظهر في اعتصام السفارة العراقية ينبئ بذلك، لذا دعت الحاجة إلى تدخل قوات الدرك، باستخدام مفرط للقوة، فالمطلوب الاعتراض فقط، لا تخريب خطة الحكومة التي وجدتها منفذا لورطاتها.
نتمنى أن لا تصل الامور إلى حدود التفكير العنصري والطائفي، بحيث يطغى على المطالب الشعبية التي تقول بمحاسبة السفير العراقي وكل من كان له يد في الاعتداء على المواطنين الأردنيين، وعين الامر ينطبق على المواطنين الاردنين الذين قد يسيئون الى اخواننا العراقيين.
فعنجهية السفير لا يعني مناصبة العداء لأبناء شعبنا العراقي فهم منا ونحن منهم، وما الإعتداء على ممتلكاتهم في عمان، وباقي محافظات المملكة ألا عمل اجرامي بلطجي، لابد من معاقبه فاعليه، وما الكتابة والدعوة الى استخدام السلاح الا دعوة فتنة الهدف من خلفها تخريبي.
اخيرا: إن وصلت أفكار الحكومة إلى أرضية استخدام الشعب، وكرامته من أجل المكاسب – لا تصل الى المواطنين بل الى المسؤولين وجيوبهم - مهما كان نوعها، فإن الحكومة والنظام من خلفها مطالبين بالتوضيح والاعتذار من الشعب الأردني، الذي أبى المتاجرة بكرامته ماضيا وحاضرا ومستقبلا.
خالد عياصرة
kayasrh@ymail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات