عاداتنا و تقاليدنا .. ضاعت ما بين " الحابل والنابل " .. !!


عندما نتطرق لعادات وتقاليد الأمم ، ومنظومة أعرافها التي تتعامل بها ، ما يعني إننا ندخل ضمن الحديث عن خصوصيات تلك الأمم ، والأردن الذي يعد واحداً من هذه المنظومة الأممية ، يتمتع و منذ نشأته بعادات وتقاليد كانت هيّ الأقرب إلى التشاريع السماوية التي تنادي بالتآخي وقت الشدائد ما بين الشعوب .

أبداً لم تكن العادات الأردنية وتقاليده والأعراف التي كان يتعامل من خلالها الاّ جزءً هاماً في التعامل مابين الشعب والقوانين الوضعية ، بمعنى أن العرف ما بين الناس يؤخذ به في أحايين كثيرة لحل النزاعات أو الخلافات المختلفة التي قد تنشأ ما بين الناس في القضايا الصلحيّة أو الجرمية ، التي كثيراً ما يحتاج الحل القضائي فيها إلى المرجع العشائري ، بما يسمى " العطوة العشائرية أو الصلحة العشائرية " ..!!

ونتيجة لبعض التطورات السياسية التي طرأت على المنطقة في العشرة سنوات الأخيرة ، ابتداءً من غزو الكويت وانتهاءً بالحرب على العراق وما تلا ذلك من ويلات أدت بالتالي إلى تهجير جماعي من إخواننا ممن كانوا يعملون في الكويت لسنوات طويلة ، وتشريد الكثير من العائلات العراقية وغيرها من الجنسية الأردنية والفلسطينية المقيمين في العراق ، عدا الجنسيات الأخرى التي تتمتع بأعراقٍ وعادات وتقاليد بعيدة كثيراً عن عاداتنا وتقاليدنا التي تربينا عليها في الأردن ..!!

ومن غير الممكن أن تلك العادات والتقاليد التي هجرت موطنها الأصلي إلى الأردن ، أن تعود وتكتسب عادات وتقاليد جديدة ، فبالتأكيد ستبقى عاداتهم وتقاليدهم التي التصقت بهم ، هي الخيار الوحيد لهم وخاصة أن الأردن يحترم كل الأعراق بما فيها العادات والتقاليد التي اكتسبوها في أوطانهم .. والتي أدت بالتالي وبعد الغزو الثقافي العالمي عبر الفضائيات والشبكة العنكبوتية " الانترنت " ، إلى ظهور العديد من السلبيات الجسيمة في المجتمع الأردني ، لم تكن تظهر بهذه الصورة لولا التعدد في الثقافات والعادات والتقاليد التي طرأت قسراً على الشعب الأردني ..!!

وكما هو معروف عن الشعب الأردني بميزته العاطفية ، وسرعته في اتخاذ قراراته بضميره الإنساني يبعده دائماً عن اتخاذ قراراته بصورة عقلانية " فعاطفته دائماً تستبق عقله " ، ومن خلال هذه الصورة من التعامل مع هؤلاء الأشقاء ، ومن باب التقرب والمساعدة وعدم إشعارهم بالغربة عن موطنهم ، لتقترب الصورة أكثر فأكثر لتصل الغوص في عاداتهم وتقاليدهم والاكتساب منها دون التفكير بما يتلاءم مع بيئتنا وعاداتنا وتقاليدنا الأردنية ، وبالتدريج الكثير من شعبنا الأردني ممن انسلخوا من هذه العادات والتقاليد ، ليجدوا طريقاً قد تكون قد فتحت عليهم أبواباً لم تكن سهلة المنال ، والتي كانت عصيّة عليهم لوجود من هم في مكانة عين الرقيب على تصرفاتهم وتحديداً التصرفات السلبية ..!!

إن اختلاط " الحابل بالنابل " من العادات والتقاليد المختلفة ، الأردنية والدخيلة عليها ، أدى إلى ظهور جرائم أكثر دموية أحياناً من جرائم الحروب ، وجرائم أخلاقية أكثر خروجاً عن أخلاق دولٍ تبيع الرذيلة على قارعة الطرق . فتارة نسمع بجريمة أخلاقية " اغتصاب وهتك عرض ... لفتيان أو فتيات في ريعان الورود " ومن ثم يتبعها جريمة قتل وتقطيع أعضاء ، أو حرق جثث أو أو أو .. الخ . حتى بات الخبر عن هذه المآسي الإجرامية نمر عليه مرور الكرام ، ناهيك عن الجرائم الأخرى التي ظهرت على الساحة من جديد من قتل أو تعذيب الخادمات ، وأخرى ازدياد عدد اللقطاء " الولادات الحديثة " في الحاويات وعلى جنبات الطرق أو الأماكن العامة أو دفنهم أحياء .. وتارة أخرى ازدياد جرائم السرقة والسلب والنهب والاحتيال بطرق ووسائل لم نعرفها أو نشاهدها إلا بأفلام هوليوود ، ولم نفتأ أن نسمع بوقوع جريمة لتتبعها جريمة أخرى ..!!

فإلى متى ..؟؟!! فإلى متى سيبقى حق المواطن الأردني مهضوماً ما بين القرار الرسمي الاختياري والقرار الحكومي القسري !!؟؟ و إلى متى سيبقى هذا المسلسل الإجرامي والّلا أخلاقي يأخذ منحى الصعود لا مستقراً أو منحدراً ؟؟ إلى متى سنبقى منقادين خلف عواطفنا لا عقولنا مما زادّ في تآكل حق المواطن الأردني ..؟؟ وإلى متى ستظل الغشاوة على أعيننا لا نعلم بما يدور من حولنا بكثير من التجاوزات المؤلمة التي لم تكن موجودة بصورتها التي هيّ عليه الآن ..؟؟ ومتى نستعيد عاداتنا وتقاليدنا التي بدأت تتلاشى أولاً بأول ..؟؟ ومتى نُخرجها من ظلمتها الحالكة التي زادت باختلاط " الحابل بالنابل " من العادات والتقاليد الدخيلة عليها ..؟؟

هذه كلها تساؤلات تدور في خلد الصغير قبل الكبير ، موجهةً إلى كل مسؤول ومن هو في موقع المسؤول ، للحكومات التي تعاقبت عبر هذه الحقبة المؤلمة ، قبل أن نرى ونسمع في كل دقيقة مقتولاً يلحق بمقتول ومن ثم تتطور لتصبح ظاهرة ومن ثم ثقافة جديدة تحت مسمى " ثقافة الحابل بالنابل " ..!!!!

akoursalem@yahoo.com 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات