أحداث العنف الأخيرة في العراق !


والأنسحاب الأمريكي المزعوم !

*... ظل - بكسر الأول وتسكين الثاني -  الحراك السياسي والأمني والدبلوماسي ( الخفي ) للولايات المتحدة الأمريكية الآن في الشرق الأوسط , يشير وبشكل مقنع لكل مراقب , أنّ ادارة الرئيس أوباما تجهد الى تحقيق استكمال مشروع نشر القواعد العسكرية الأمريكية الدائمة في العراق , وسعيها الحثيث الى متابعة بناء شبكة عنكبوتية - سوداء - ( شبكة تعاون اقتصادي – أمني ) , عبر ربط شبكة القواعد الأمريكية في العراق مع شبكة قواعدها في المنطقة ككل .

*..فدبلوماسية واشنطون في الشرق الأوسط تنطلق من الحفاظ على أولويات أمن الكيان العبري , كمتغير أمني اقليمي , بجانب حفاظها المستميت على أولويات السيطرة على الموارد النفطية بالمنطقة العربية من جهة ومنافذ المواقع الأستراتيجية البحرية من جهة أخرى ,  وعلى وجه الخصوص , عبر شركاتها المتعددة الجنسيات وخاصةً النفطية , حيث تمول الأخيرة الترسانة العسكرية لأمريكا , باعتبارها - الترسانة - كذراع عسكري أمني لمثل هذه الشركات المتعددة الجنسيات   النفطية العملاقة , وهذا كمتغير اقتصادي اقليمي يتقاطع مع المتغير الأمني الأقليمي كمنابع ارتكاز للسياسة الأمريكية في المنطقة  .

*... وعلى خلفية الآنف ذكره , كل حديث أو تصريحات تصدر من داخل الولايات المتحدة عن انسحابات أمريكية لاحقة من العراق المحتل , هو كلام فارغ وغير حقيقي وغير واقعي ما لم يكن مقروناً بالتنفيذ على الأرض ,  وضمن خطة دقيقة ومدروسة وآمنة , آخذةً بعين الأعتبار تداعيات أية انسحابات وأو اعادة انتشار لقواتها المحتلة , فخلفية النوايا الأمريكية بالأنسحاب من العراق المحتل , ما زالت مبهمة وخافتة وبدون معنى , وتثير الجدل داخل أمريكا وخارجها , حول مدى أن تكون صادقة , خاصةً أنّ المتابع والمدقق لمجرى ظل الحراك الأمريكي الشامل في المنطقة , يرى أنّ واشنطون تعمل على بناء التحالفات والتجمعات الأقليمية والتي تساعد أمريكا لبناء مجال حيوي اقليمي شرق أوسطي يتكون من حلفائها الرئيسيين في المنطقة  وأو تلك الأطراف والقوى السياسية التي نجحت الولايات المتحدة الأمريكية في السيطرة عليها , سواءً كانت عربية أو غير عربية .

*... كل المؤشرات السياسية والأمنية والعسكرية وحتّى الأقتصادية - رغم أزمة الأقتصاد الأمريكي -  تشير لا بل تشي أنّ الأنسحابات الأمريكية من العراق ستكون على شكل اعادة انتشار لقواتها المحتلة حيث ستنسحب من بؤر النزاعات وليس من كل العراق , وبدون خطة دقيقة لتسليم السلطة والسيطرة لقوات الأمن العراقية , وهذا سيدفع فصائل الميليشيات والعصابات المختلفة , وفصائل المقاومة الوطنية الأخرى الى الصدام مع بعضها البعض , ويبدو أنّ الأمريكان نسوا و أو تناسوا نموذج الأنسحاب السوفياتي السريع من أفغانستان عام 1989 م فحلّت ( الأم ) و طالبان وأخواتها !! فالعراق سيتفكّك وستعود كل جماعة الى مجتمعها أو طائفتها أو عرقيتها , مما سيوجد دولة مقسّمة بدون حكومة مركزية قوية تجمعها , وسيتحول العراق الى ملاذ آمن للقاعدة , أكثر آماناً من أفغانستان قبل سقوط نظام طالبان , فلا مصالحة سياسية حقيقية متحققة بين العراقيين حتّى الآن   ... كما أنّ قوات الصحوات العراقية ( وغالبيتها سنّة ) وتزيد عن مائة ألف عنصر التي أنشأتها المخابرات الأمريكية لمحاربة القاعدة وفصائل المقاومة الأخرى سواءً كانت شيعية وأو سنيّة هذه الصحوات وجدت نفسها غير معترف بها لا من القوات الأمريكية المحتلة ولا من حكومة المالكي , حيث لم يفعلوا أي شيء بادماج الصحوات في الأجهزة الأمنية والعسكرية في عراق ما بعد صدّام ! ويعتقد بعض المراقبين للشأن الأقليمي , أنّ تنظيم القاعدة قد يكون استعاد بعض من عافيته من جديد في العراق , حيث تجيىء هذه الأستعادة لبعض من العافية في ظل وجود قوات الأحتلال الأمريكية وقبل البدء في الأنسحابات – الأمريكية – الأوبامية المزعومة , مع توقعات بنشوء تحالفات غير معلنة الآن بين القاعدة والصحوات لمواجهة الأمريكان وقوات الأمن العراقية ... كما يتوقع البعض للصحوات والقاعدة أن تواجه وبشكل أكثر قوّة واحترافاً ,  السكّان الشيعة وجيش المهدي التابع لمقتدى الصدر , ونتيجةً لعدم وجود قوات عراقية مؤهلة لملىء الفراغ في حالة اعادة انتشار القوات الأمريكية الأحتلالية , فانّه سوف تندلع حرب طائفية في الشوارع والأحياء وفي المحافظات المختلفة وسينزلق العراق الى براثن حرب أهلية شاملة  , تتعزّز فيها النزاعات العرقية والأثنية , وسيعود المسلّحين الآخرين , والجماعات الأرهابية الى العراق لممارسة نشاطاتهم المختلفة , وتعم الفوضى من جديد مهدّدةً دول الجوار العراقي مجتمعةً , من جديد عبر خطر نشوب حرب اقليمية , قد تشترك فيها مجبرةً دول اقليمية بالمنطقة  .

*... المؤشّر الحقيقي للذي يجري في العراق الآن , هو ما يلبث أن يحصل استقرار أمني ملموس في منطقة محتلة ما داخل العراق , سواءً في داخل المدن الرئيسية أو على أطرافها , حتّى يحصل تفجير هنا او هناك حاصداً قتلى وجرحى بأعداد كبيرة , في ظل وجود قوات الأحتلال الأمريكية , وقوات الأمن العراقية , وقد علّق رئيس الوزراء العراقي بقوله على ذلك  : انّ مهمة المحافظة على الأمن أصعب من تحقيقه !  .... وبعد ذلك بساعات من تصريحه الآنف حصلت أحداث عنف عنيفة في العراق , في ظل وجود 160 ألف جندي عراقي مدجّج بالسلاح والعتاد , مع وجود قوات مرتزقة مسلّحة تسليحاً جيداً ومدربة , بلغ عددها الآن أكثر من قوات الأحتلال الأمريكي نفسه , وبلغة الأرقام : 300 ألف مقاتل ( مرتزقة وقوات نظامية + قوات الأمن العراقية ) غير قادرة على التحكم بالأمور في البلد المحتل , أو تحقيق شيء من النصر الموهوم , وهذا يؤكد أنّ الوضع الأمني في العراق , وضع هش في طريقه الى فوضى كبرى , أعتقد أنّ أمريكا تقف خلفها وعبر مخابراتها وبالتنسيق مع الموساد الأسرائيلي  , لتستكمل بناء الشبكة العنكبوتية السوداء الخاصة فيها في المنطقة , والاّ كيف أفهم تصريح المالكي الأخير : أنّ مهمة المحافظة على الأمن , أصعب من تحقيقه  ! ؟

* ... وأمّا الحديث عن وضع القوات الأمريكية المحتلة , في اقليم كردستان العراق , ستكون على شكل اعادة انتشار أيضاً وتمركز مختلف , حيث يعتبر الأقليم افضل مناطق العراق أمناً واستقراراً , انسحابات تكتيكية من المدن ثم التمركز على أطرافها , وبالقرب من آبار النفط خاصةً مع اكتشاف آبار نفطية في الأقليم مؤخراً تصل الى 4 مليارات برميل أعلنت عنه الشركات الأمريكية النفطية العملاقة , والتي تخوض الآن حرباً خفية متعددة الأشكال مع ادارة الرئيس باراك أوباما , لجهة البقاء في العراق أو لجهة بقاء عدد كافي من القوات الأمريكية المحتلة في العراق المحتل !.

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

mohd_ahamd2003@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات