أيها المعلمون .. تعالوا إلى كلمة سواء


 إن مما يدمي القلوب، ويذهل العقول، ويجرح المشاعر، ما يتبادله الجسم النقابي للمعلمين ومؤيديهم من وصلات ردح وتشكيك وتخوين، تصيب المرء بالصدمة ومن بعدها لطمة. فهل يعقل أن يتهاوى المعلمون إلى هذا الدرك، وهم المربون القدوة، وحملة مشاعل النور، وسدنة العلم والمعرفة، ومعلمي الناس الخير. هل هم النبراس الذي يهتدي به الآخرون، والشعلة التي تبدد الظلام؟!
إن ما يحدث من حرب إعلامية، وبيانات اتهامية، وتجييش وتحشيد، وخروج على كل آداب الحوار، لا يليق بالمعلمين، تحت أي ظرف من الظروف، ومهما كانت المبررات والحجج. وخاصة من القيادات التربوية التي أفرزتها صناديق الاقتراع في انتخابات لاشية فيها. فلم يريد البعض أن يجهض الحلم، ويقتل الوليد في مهده؟!
أي تجاوزات وأي خروقات وأي خلافات وأي اجتهادات هذه التي تبرر منطق التخوين وإعلان الحرب، ووضع العصي في الدواليب، وإشغال المعلمين بصراعات جانبية لا فائدة منها، إلا شماتة الأعداء، وفرحتهم، وهم يرون المعلمين يبكون حلماً يكاد تذروه الرياح، مقابل سراب... مقابل لاشيء... مقابل خسارة كل شيء!
ما أفرزته الصناديق، يجب أن يُحترم، هكذا هي الديمقراطية التي ارتضاها المعلمون، ولا سبيل غيرها للاختيار، وما دام مجلس النقابة لا يتجاوز القانون والتعليمات السارية، فمن حقه أن ينفذ برنامجه ورؤيته وهو يملك الأغلبية التي تؤهله ذلك، أما المعارضون، فمن واجبهم المراقبة والمحاسبة وفق الآليات الديمقراطية وتحت الشمس، وليكن تسارع الجميع لخدمة المعلمين وحل مشاكلهم ومساندتهم هي السبيل الوحيد لإثبات الجدارة والاستحقاق، التي ستؤكده الانتخابات القادمة، والفريق الأجدر هو الذي سيفوز.

لا يجب أن ينسى الجميع أنهم مربون قدوة أولاً، وأنهم معلمون أبناء مهنة واحدة ثانياً، وأنهم أعضاء نقابة ولدت بمشقة وسط العواصف والرياح العاتية، وأن الجميع بشر يصيبون ويخطئون، وأن كل خطأ مغتفر ما دام في دائرة الاجتهاد والسعي لخدمة المعلمين دون تجاوز القانون أو هضم حقوق الآخرين. وإن كان ثمة تجاوز فعلاجه ضمن الآليات المتبعة دون تجريح أو تخوين أو هدم البناء على رؤوس ساكنيه.

إن حراك المعلمين الذي سبق كل ربيع عربي، وأثمر نقابة المعلمين رغماً عن أنوف البعض، حراك مبارك يجب أن يسجل بحروف من نور، فهو شرف لكل مشارك، وخاصة الرموز التي قادت مرحلة الصراع، فدورها مشرف ولن ينسى. ولكن التاريخ لا يتوقف عند لحظة معينة، ولكل مرحلة رجالها وقادتها، دون انتقاص من جهود وتضحيات السابقين السابقين.

مطلوب من الجميع أن يتحلوا بحسن الخلق، واحترام آداب الحوار بعيداً عن المناكفة ولغة التشكيك والتخوين، وأن يكون عند المعارضين شجاعة الاعتراف بأن من حق التيار الفائز أن يقود النقابة في هذه الدورة حسب قواعد اللعبة الديمقراطية التي لا يختلف عليها أحد، ولتكن الانتخابات القادمة الحكم بين الجميع. أما مجلس النقابة فعليهم يقع العبء الأكبر، بأن تتسع صدورهم للجميع، وأن يلموا شعث النقابة، وأن لا يسمحوا للشقة أن تتسع، وأن يتحلوا بالصبر والمرونة والتحمل، ومطلوب منهم مبادرة عاجلة لتوحيد الصف، ورأب الصدع، وترطيب القلوب وتهدئة النفوس، وإن تطلب ذلك بعض التنازلات، فالتنازل من أجل الزملاء مكسب، والتمترس خسارة وإن كان محقاً.

إن مجلس النقابة هو الوعاء الكبير الذي يجب أن يتسع للآخرين مهما كانت حدة الخلافات، وتباين وجهات النظر، فقدرهم أن يتحملوا قيادة المرحلة، فواجبهم أن يصلوا بالجميع إلى بر الأمان، بكل السبل والطرق الممكنة، فكل معلم له كل الاحترام والتقدير مهما كان حجم الاختلاف معه، فالقطيعة غير مقبولة، وإهمال الآخرين مرفوض، وحفظ مكانة المخالفين واحترامهم وتقديرهم، هو احترام للمعلمين دون استثناء، وأي إسقاط لحق الآخرين وإهمالهم مدان مدان، وإهانة للجميع. فكيف نرفض سقطة لسان غير مقصودة لوزير، ونقترف أضعافها دون أن نشعر أننا نقترف جرماً لا يغتفر؟!
ولنعمل يداً واحدة للوصول بالنقابة إلى ما يصبو إليه المعلمون، نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه، وليكن هدفنا نقابة قوية فاعلة نشطة، تكون مظلة وسنداً لكل معلم ومعلمة، وحصناً يرد كيد من يريد بالمعلمين سوءاً أو شراً.

وإني أناشد أعضاء الهيئة المركزية جميعاً، أن اتقوا الله في المعلمين، فلا ذنب لهم في اختلافاتكم وتنافسكم وتجاذباتكم، فما انتخبناكم لأجل هذا، ولكن فعلنا لترسموا البسمة على وجوهنا، وتحققوا حلماً انتظرناه ستين عاماً، فلا تحولوا الحلم إلى كابوس، والنقابة إلى نكبة، والمعلم إلى مهزلة، ولا تنكثوا الغزل من بعد قوة أنكاثاً، ولا تدمروا نقابتنا بأيديكم، فهذا ما ينتظره المتربصون في الظلام، الذين يراهنون على الفرقة والتشتت والاحتراب الداخلي، فلا تمنحوهم الفرصة، وتعيشوا إلى الأبد في ندم وغصة.

ولتعلموا أخيراً، أن النقابة أمانة في أعناقكم فلا تضيعوها، وهي ليست لكم وحدكم تلعبون بها وتعرضونها للتمزق والانهيار والانقسام، فهي لجموع المعلمين، ولن يسامحوكم إن فرطتم، ولن ينسوا إن تخاذلتم، ولن يغفروا لكم إن تآمرتم ونكصتهم على أعقابكم، فالله الله فينا وفي نقابتنا، لا نؤتين من قبلكم، وعليكم بالحوار ثم الحوار ثم الحوار، وليكن علنياً في الموضوعات الخلافية، ليعلم الجميع من يسعى للحق والخير، ومن يريد أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء.



تعليقات القراء

حسان البيبي
والله يا ابو رياش انت بتنفخ بقربة مقطوعة،لأن الذين في النقابة يغلبون مصالحهم الشخصية على مصلحة المعلمين
الا من رحم ربي ، اخي الحبيب يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم "اذا وسد الأمر لغير أهله فانتظروا الساعة"
20-05-2013 09:18 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات