الذئب والقاضي


 من جاء (بالكازينو) كان حقيقا، أن يُسْجَنَ ويُغَرَّمَ؛ لأنه قصد به إضلال العباد، واستباحة الحرام ،ونشر الرذيلة، حتى ولو يكن قد ضَيَعَ أموالَ الدولة،أو نَهَبَ شيئا من خزائنها، فالفساد هو في إفساد العباد بالمحرَّمات، فكيف وقد قَرَنَ بإفساد العباد،إتلاف أموال الناس بالقمار،ثم إتلاف مال الدولة بتضييعه بصفقة.

فقال الناس :قد أضاع الفاسدون أموالنا وسرقوها،وما بقي منها، بدَّدَوه فيما لا ينفع. 
ثم إننا قد عرفناهم بسيماهم وأسمائهم، ولم يكن الأمر متعدياً إلى سِواهُم، فعفونا عن نِيَّتهم إفسادنا، ونشر الرذيلة بيننا، وطالبناهم فقط، بما ضيَّعوه، من أموالنا!
فَتَفَلَّتوا من بين أيدينا! وقال القاضي: ليس لهم شأن فيما حصل،وما رأينا على أحدٍ منهم (نيَّة) السوء، ووجدنا (الكازينو )قد غدا وراح وما رآه أحد!.

فلا نحن رُدَّتْ إلينا أموالُنا، ولا اشتفت صدورنا،ممن ضيعوها بحبسهم وتغريمهم.

فكانوا في المثال، كصاحب ِغنم، استأجر راعياً،وقال :خذ هذه الغنم فارعاها، واحلبها واجْزُزْ أصوافها، فتسلل الراعي إلى زوجة الرجل وابنته،وأرادهما إلى الفاحشة،ثم جلس في صحن الدار، وفتح جرابه واخرج منه قارورة خمر،ٍ فشرب حتى سَكِرَ، ثم عَدا على خابيةٍ في البيت، فاستخرج ما فيها من المال، فأخذه وخرج ،ثم حفر له حفرةً، وطَمَرَهُ فيها، ثم انطلق إلى الغنم، فجزَّ أصوافها، وحلبها حتى جفت ضروعها، ثم جاء إلى الرجل فقال، ما وجدت في أغنامك لبناً، ولا وجدت على ظهورها صوفاً، فقال له الرجل: وأين ذهبت ألبانُها وأصوافُها؟! فقال :قد عَدَا عليها الذئب، فَجَزَّ أصوافَها، وشرب ألبانها، فقال الرجل وهل يعدو الذئب على الصوف اللبن؟! إنما يأكل اللحم،ويمضغ العظم! فقال الراعي: هذا ما قد كان من أمره فقاضيني إن لم تصدقني، (فتقاضيا) فقال الرجل: يا أيها القاضي قد استأجرت هذا الراعي ليرعى غنمي، فَعَدا على عِرضي، وشرب الخمر في صحن بيتي، ونَهبَ ما كان من المال في خابيتي، ثم إنه جَزَّ غنمي واحتلبها؛حتى جفت ضروعها ثم أنكر بعد ذلك ما كان منه.

وليس يهمني ما فعله بابنتي وامرأتيّ، وشربه الخمر في صحن بيتي،والمال الذي أخذه من خابيتي، ولكنني أريد أن يأتيني (بصوف أغنامي وألبانها).
فقال القاضي :أيها الراعي أين ذهبت بالصوف واللبن؟ قال :ما أخذته إنما عَدَا عليه الذئب فاسأل الذئب إن كنت تراني من الكاذبين.

فقال القاضي: إليكما حكمي..يا أيها الرجل: أما مراودته ابنتك وزوجك،وشربه الخمر في صحن بيتك، وأخذه المال من خابيتك، فقد صفحت عنه بلسانك.

وأما ما كان من أمر صوف أغنامك وألبانها،فقد اتهم الذئب،بنهبها، ولا أرى في قوله من غضاضة أتهمه لأجلها،وحجته بالغة، فإما أن تأتي بالذئب وتأتي بالشهود على براءته، من الصوف اللبن، وإما أن أجلدك لقذفه بالسرقة، وإما أن يسامحك!

فقال الراعي :لا والله لا أسامحه، حتى يأتي بالذئب والشهود على برائته، فقال الرجل:قد كانت الأغنام في عهدة الراعي،والصوف اللبن تحت يده،وما رأيت أعْجَبَ من هذا! أيعقل أن يجز الذئب صوفا،أو يحلب غنما؟! أيأتي المشتكي بالبينة والشهود على من ضيع ما في عهدته؟! أم يُسْأَلُ المُضَيِّعِ عمَّا ضيعه؟! فقال القاضي: أيها رجل قد عَفَوْتَ عنه، بعد إذ عَدَا على عرض امرأتك،وعفوت عنه بعد إذ جعل بيتك ماخورا يشرب في الخمر،وتَنازَلْتَ عن أَخْذِهِ المال من خابِيَتِكْ؛ ألا يحق لي بعد هذا، أن أطلب منك شاهدا على براءة الذئب، كي أعاقب الراعي على سَرِقَتِكْ؟!.

فالراعي لديَّ بريء، حتى تثبت عندي براءة الذئب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات