حين بدأ ناقوس مشروع هذا القانون _ من أين لك هذا _ يدق رؤوس أصحاب الأموال المشبوهة والمجبولة بطين الفساد ذو الرائحة النتنة حتى بدأت حرب ضروس ضد هذا القانون الذي يؤرق رؤوس رجال الفساد ويقض مضاجعهم هؤلاء الذين كانوا ينافسون بفسادهم أقرانهم من الفاسدين ويحتفلون بقرع كؤوس شرابهم العكر عندما يتخطى واحدهم الأخر في عظيم فساده وجنيه لمال أكثر اسود كسواد قلوبهم .

من أين لك هذا ، جملة تحمل بطياتها مئات المعاني وعشرات التفاسير وعشرات الأسئلة ، فمن أين لك هذا يجب أن لا تقتصر على ما لدى الفاسد المتلقي للسؤال من أموال ولكن برأيي يجب أن تحتوي هذه الجملة لبعض الأسئلة التالية :
- من أين لك هذا القلب الذي ينبض بدماء الفساد التي تشكلت من قطرات دماء الفقراء والمعوزين من هذا الشعب الكادح الذي أنهكته أفواه الفقر ، من أين لك هذا القلب الذي يؤمن بسرقة ونهب أموال هذا الشعب الطيب الصابر وطاوعك لفعل هذا الفساد المشين.

- من أين لك هذا العقل الذي لا يتوانى عن التفكير بطرق شيطانية لسرقة المزيد من أموال هذا الوطن المسكين وهذا الشعب الفقير من أين لك هذا العقل الذي يفكر ويتدبر ويخطط بفساد عميق لدرجة انه أرشدك لسرقة خيوط جيوبنا التي أخطنا بها جيوب فقرنا الكبير
- من أين لك تلك اليد التي تمتد وتمتد لسرقة المزيد والمزيد حتى أصبحت كفتها كبيرة لا يعبئها الكثير الكثير من المال فسرقت أكثر وكبرت أكثر حتى باتت العلاقة بين يدك والسرقة طردية فكلما كبرت كفة يدك زاد المال المطلوب نهبه وسرقته .

- من أين لك بهذه العيون التي ترى الشعب يعاني الأمرين وترى عيون الفقراء تبكي الجوع والعوز وعيونك تضحك وتقول هل من مزيد .
- وأخيرا من أين لك بتلك الثقة بأنك ستبقى بعيدا عن أيدي العدالة وبعيدا عن المحاسبة وبعيدا عن يوم نقول لك من أين لك هذا .

أيها الفاسد حتى لو كانت ثقتك بمحلها بأنك ستبقى بعيدا عن المحاسبة والعدالة فثق تماما أنك قريبا من عدالة الله قرب العين لرمشها وستحاسب وعندها لا ينفع الندم .

قال تعالى : (وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) صدق الله العظيم .