مصنع الخرز الازرق


 يتنقل اهتمام المسلم من العام الى الخاص في كل ساعة مرات عديدة. فمن التفكير بمعذبي بورما الذين لا والي لهم الا الله وهم ليسوا من اختصاص منظمة العالم الاسلامي وليسوا من رعايا العربية السعودية وليسوا حتى من اهتمامات الامم المتحدة. الى اطفال سوريا وحرائرها وشيوخها الذين ظنوا انه يجوز لهم ان يحتجوا على ظلم الظالم واستبداد المستبد وقد وعدهم العالم بالمناصرة. فاردوغان قال في اول ايام الانتفاضة السورية - لن نسمح لبشار ان يقتل مدينة اخرى كما فعل ابوه بحماه. ويبدو انه قصد لن نسمح له بقتل اهل مدينة واحدة فقط بل له ان قتل كل اهل سوريا ان شاء. ثم يأخذك الفكر الى ما نحن فيه في الاردن من استشراء الفساد ووقوف البلد على حافة الانهيار الاقتصادي كما صرح الملك نفسه للنواب حين قال - قد لا نجد رواتب للموظفين بعد ثلاثة اشهر. ثم اعود الى جامعاتنا افكر بالانهيارات الاخلاقية والعلمية التي تفشت بها. لأقف عند موقف واحد هو الاتي:

في اثناء محاضراتي اخرج بين الفينة والفينة عن الموضوع وأريح الطلاب من عناء الدرس , خاصة اذا بدا على قسمات وجوههم الضجر من الانجليزية ( وسريعا ما يبدو ذلك على وجوه الاكثرية الصامتة) فألجأ الى دردشة بالعربية , اعيد بها نشاطهم واستقطب اهتمامهم واعتصر ابتساماتهم.وفي اثناء ذلك اكتشف من الجهل في كل شيء ما يندى له جبين الجامعة والمدرس وأخيرا الطالب. أكتشف فقرا في العربية لغة وأدبا. وفقرا في الدين حفظا من القران والحديث وممارسة للشعائر . وفقرا في التاريخ والجغرافيا والعلوم. وفقرا مدقع في المعلومات العامة فقد وجدت مثلا ان طلاب كلية الاقتصاد الذين ادرسهم الانجليزية لم يسمعوا بـ وول ستريت. وفقرا بالالمام بأخبار العالم او حتى أخبار البلد. بل جهلا في المهارات الحسابية الاساسية من ضرب وقسمة. ومن الامثلة التي خبرتها ان طالبا خريجا في قسم العربية صرح دون حرج ولا وجل انه لا يحفظ ولا حتى بيتا واحدا من الشعر.. كنت سألته يوما ماذا سيفعل المختص بالعربية اذا لم يكن يحفظ شيئا من الشعر فكان يقول " احنا بنحلل تحليل".

رَغِمَ انفك يا هذا !! واي تحليل سيخرج من دماغك اذا لم تقل ان هذه القصيدة أجمل من قصيدة فلان وان هذا البيت مأخوذ من قول فلان كذا. وأن البيت الاخر مسروق من قول ابي الطيب كذا. والبيت العاشر تضمينا لقول عرار كذا . كنت أظنه النعجة السوداء كما يقال في المثل الغربي اي انه الشاذ عن القاعدة. وربما قلنا في العامية عن مثله انه خرزة زرقاء ترد العين عن باقي طلاب الكلية المتميزين وقد ارتحت الى ذلك التفسير الى ان كان يوم أمس. فقد التقيت بمدرس للغة العربية وشكوت له من مثل ذلك الطالب. ليرد بعبارة يبدو انهم قد لقنوها للطلبة فقد وردت بنفس الالفاظ وهي " أحنا بنحلل تحليل وما مطلوب منهم يحفظو شعر". يا سبحان الله . حتى انت يا بروتس .لقد أوسعت الدكتور نقدا وتقريعا بما لم أفعل مثله بالطالب الخرزة الزرقاء. فقد اكتشفت ان مصدر ذلك الخرز الازرق هو المدرسين. واذا كان خصيمك القاضي لمن بدك تشتكي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات