كتب احمد الربابعه - من خلال الصور القليلة التي تداولتها وسائل الإعلام لزيارة النواب للديوان الملكي اليوم للقاء الملك، تبين أن النواب تجمعوا في حافلة حديثة لتوصلهم لقصر رغدان، وهو تصرف غير شائع في مجلس الأمة الأردني، الذي يحرص أفراده على الاستعراض طولا وعرضا بسياراتهم الفارهه، ذات لوحات (الجخ) المميزة، وإن كانت الزيارات الجماعية في برلمانات الدول الأخرى متداولا، كزيارتهم لمنطقة تعرضت لكارثة معينة أو لتفقد الجنود المقاتلين على حدود العدو.

المبكي المؤلم والمختلف عن الزيارات الجماعية لنواب الدول التي تعمل لصالح شعوبها، أن زيارة نوابنا لم تكن لساحة حرب أو من أجل الضغط لتخفيض الأسعار أو محاسبة الفاسدين أو بحث الخطر المحدق من تطورات الأزمة السورية، أو للبحث عن حلول لفقر الأردن بالماء، وما شابه ذلك من همومنا الكبيرة، وإنما كان بالخفاء يتمحور حول توزير بعضهم بالتعديل الوزاري المرتقب على حكومة النسور، والذي قيل أنه مُنح الثقة على أساس من هذا الاتفاق!

وبالعودة إلى صورة الباص الذي حمل النواب اليوم، ومحاولة التدقيق به وتفحصه جيداً، سنجد غياب شخصية محورية عن ذلك الباص، لطالما كان وجودها نقطة ارتكاز كبيرة، وغيابها قد يعني حالة من الارتباك والتبعثر، وما دام أن صور النواب دلت على وجودهم، وأن سائق الباص بالتأكيد أيضا موجود، غير أن السؤال الذي يخطر بالبال هو: أين هو الكنترول؟

سؤالنا عن الكنترول هنا هو ليس أحجية أو للطرافة، ولتكرار كلامه المعتاد من مثل (مين عالدوار شباب .. نزلي براحتك .. وقعدولنا البنت معاكوا ثالث صبايا .. معاك أول نزول عالاشاره .. شباب اللي عالواقف انزلولنا عالارضية شوي بس لنتعدى الدورية .. مين ظايله باقي .. جلس وخذ لمعه) أو لتذكر مشاهد من مثل الوقوف عالباب، والتأشير باليد من الباب الوسطاني في حال الانعطاف عاليمين، والقفز من باب الباص بالأمتار الأخيرة التي تسبق وقوفه ... بل هو سؤال فعلي واقعي يحمل في طياته الكثير إذا ما اعتبرنا الكنترول مسؤول عن ضبط الموقف، واستلام وتسليم الحقوق لأصحابها!

بصراحة كنا نحتاج للكنترول على الأقل لغرضين؛ الأول أن يجمع المال من النواب المتورطين بالفساد مع رموزه والنهب من خزينة الدولة، والثاني ليوصل كل واحد من أولئك المستوزرين إلى محطته جهارة وعلناً دون التورية والإخفاء، فبدل أن يعدد الأماكن التي يمكن أن يمر بها باص (رغدان السلط) على سبيل المثال، فيقول: عالدفاع عالمشاة عالدوريات في حد نازل؟ .. ومن ثم يكمل عالرئيسي عالزراعه دوار المدينة دوار الداخلية حد نازل؟ .. سيسأل بوضوح وبكل صراحة وشفافية هنا: سعاداتكوا: حقيبة الداخلية حقيبة الصناعة حقيبة الزراعة حقيبة العدل حد نازل؟ ويوصل طالبي تلك المحطات إليها .. ومن ثم يكمل: عالفوسفات عالمصفاة عالبنك المركزي حد نازل؟! ومن ثم يوصل دفعه اخرى إليها .. حتى لا يتبقى بالحافلة الا النواب المخلصين الراغبين بالعمل وخدمة الأردن دون النظر الى مناصب ومكتسبات ومحاصصات، فينهي الكنترول قوله للسائق : "روح يا كبير مظلش معك نزول".

تدركون معي أن وجود الكنترول بباص النواب كان ضروريا جدا، لأننا كنا بحاجة الى التمييز بين نواب المحطة ونواب السكة، والفرز بين النواب الذين يتخذون البرلمان وسيلة نقل توصلهم الى نزواتهم ومكاسبهم الشخصية! وبين النواب المستعدين للبقاء للوصول مع مواطنيهم ومنتخبيهم لأخر محطة متاحة لخدمة هؤلأ المواطنين.
Ahmad_Alrababah@hotmail.com