لغز المرأة


 كثير من الرجال، أو أشباههم!
يحفظون نصوصاً شرعية، يكيفونها وفق أهوائهم،وحِكَماً سَائِرَةً، تتعلق بالنساء خاصة، فَيُلْغونَ من خلالها خصوصيتها، في رِقَّتها، وَنُعومتها،وَحُنُوِّها،ودلالها، وجنونها،وسهولتها،ودفئها ،وما ذكرها من أجراها على الألسنة إلا تكرمةً لها، فاتخذ هؤلاء،ما يخصهم مزية، وجعلوا ما لها، مثلباً ووصمة تُعَيَّرُ بها.

فيُكَيِّفونَ نصوصَاً،وأمثالاً سائرةً، وحِكَماً تتعلق بتلك الخصوصية، حسب أهوائهم،تَكْييفاً يَضَعُها في المُهْمَلاتْ! فيتركونها بَطَراً كبضاعة مُزْجاةْ،فإذا اشتدت غَلَمَةُ أحدهم قام إليها متوثبا وبلا أَناةْ؛ حتى إذا فرغ منها جسداً، فرغت نفسه منها، فعادت في عينه تلكم "اللَّحُوحُ، اللَّجُوجُ، البكاءة"فما يذكرون من محسانها،إلا الفتاتْ .

ويتمثل أحدهم من تلك النصوص، قول النبي صلى الله عليه وسلم،(ناقصات عقل ودين)فيسوسها بالتأديب كما يسوس الطفل فلا يرعى لها كرامة،ويحصرها كما الأنعام فلا يرعى لها حقا إلا في أكل وشرب،ثم يحمل عليها من الأعباء،كما يحمل على الدابة من الأثقال! فإن اشتكت ضيقاً؛رآها ذات تبرم وشكاية، فلا يحق لها في عُرْفِهِ إلا أن تلزم بيتها، فلا تخرج منه إلا إلى قبرها،حتى وإن كان واثقا من عقلها ودينها، وعفتها.

ولا يدري ذلك المُتَجَبِّرُ، أن في نقصان عقلها زينتها، فلولاه لكانت جافة، منطقية،متمردة،ثم لا يدري! أن ذلك مختصٌ بشهادتها فقط حسب تعليل النبي صلى الله عليه وسلم، أي أن شهادة رجل ٍتَعْدِلُ شهادة امرأتين،فهل بعد تعليل النبي تعليلْ، أوليس هذا قيداً؟! إذ لم يترك النقصان مُرْسَلاً؛ لِيُكَيِّفَهُ هذا وأمثاله من سفهاء المتفيقهين،على أنه سَـفَهٌ أو عَتَـهْ.

ألم يرد في الحديث ذاته، فقالت امرأة (جَزْلَةٌ) منهن؟! والجَزْلَةُ: هي ذات العقل والرأي والوقار؛ فهل وردت هذه الصفة للسائلة هكذا من غير اعتبار ٍ،إلا كقرينة،لدفع نقص ٍيتوهمه، أمثال هذا الناقص.

أما نقص الدين فمقصوده نقص في العبادة، وهو ما يحصل لها من ترك الصلاة والصيام لحيض ٍاو نفاسْ، ولو كان له أثر على أصل دينها، لأمرها بقضاء الصلاة.

ثم تأمل قوله صلى الله عليه وسلم(‏وما رأيت من ناقصاتِ عقلٍ ودين أغلبَ لذي ‏ ‏لبٍّ ‏ ‏مِنْكُن)وذو اللب: هو الرجل الوقور الحصيف العاقل، أوليس هذا من أجمل التكريم، أن تذهب هذه المرأة اللَّعوب بعقل الرجل اللبيب.

ومن حكمهم المفتراة على الدين قول بعضهم ممن لا خلاق له،ولا مروءة، بجواز الكذب على المرأة، ثم ينسب ذلك "للنبي صلى الله عليه وسلم" زوراً وبهتاناً، وهو الذي حرم الكذب على الطفل الصغير، فجعلوها في عُرْفِهِمْ المُنحطّ أقلَّ شأناً وجهالة من الطفل، فما فرضوا لها مثل ما فرض له من الصيانة، وإن كان لا يعقل وقد يستجلب لخير بكذبة،أو يدفع عنه شر بكذبة. فيروون حديث تحريم الكذب على الاطفال، ويجيزون الكذب على النساء.

والنبي صلى الله عليه وسلم، لم يقل لرجل أن يكذب على امرأته، وانما صرَّحَ بالعفو عما يقول الزوجان مجتمعين لبعضها، وقوله"صلى الله عليه وسلم" واضح(حديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها) وهو ما يكون من الغزل والتحبب، أو يخالف الحقيقة البديهية)كقول الرجل للمرأة أنه لم يخلق مثلها في نساء العالمين، أو انها أجمل ما رأت عيناه من النساء، ونحوه من الكلام، ومثله ما تقول المرأة لزوجها، مما تَرْسَخُ به الأُلْفَةُ والمودة،لأنها الأساس في بناء الأسرة.
وعجبا لأولئك الذين أوَّلوا (حديث الزوجين بعضهما بعضا) بالكذب وأجازوه لأنفسهم على هذا النحو، أيقول أحدهم بإباحته للمرأة على زوجها، أيرضى أكثرهم تسامحاً أن تكذب عليه امرأته؟!.....طبعا لا! فهم يجيزونه لأنفسهم زوراً، ويحرمونه عليهن،حتى لو أولوا الحديث بالكذب،فيقتطعون آخره ويجيزون اوله، ويهملون( وحديث المرأةزوجها) بل هو إن صدر منهن عدوه خيانة وضلالا،ولقد رأيت من أسافلهم، من يمتطي الفقه متلوياً، يبيح أن يقسم الرجل للمرأة القسم المغلَّظ على وعد ٍقطعه، ثم ينكثه بعد ذلك.

والأعجب قول أحدهم نقلا عن السلف "قول نسائهم"(كنا نخاطب ازواجنا كما نخاطب ملوكنا) فاقتطع من تلك الحكمة،بضلاله أنه (ملك)، ولم يستنتج أن امرأة الملك،تكون (ملكة) فجعل نفسه في خانة الملوك وجعلها، في خانة العبيد، وما عَزََّت امرأة بين الناس "كالملكة"، إذ تكون من الدهماء فيتزوجها ملكٌ فتسود، وتعلو،وتتيه بين الناس، بتاج يضعه زوجها الملك على رأسها، فيرى الناس عليها أثر العزَّة، ونَضْرَةَ السَّعادة، وبَهْجَةَ العيش، فيعرفون أنها (زوجة الملك) وإن كانت من غير تاج! فعجباً لمن يضع نفسه في مراتب الملوك، ويريد من زوجه أن تخاطبه كالملوك،ويصر ُّ أن تبقى هي، في مراتب العبيد .
بل إن بعض هؤلاء،يصرون أن للعبيد حقوقا، ويستفيضون شرحا في أشكال الإحسان اليهم، ويستكثرون على نسائهم مثل ما للعبيد من الحقوق، وتراهم يَعْرُجون بين الناس في منازلهم من نفوسهم، بكثرة ما يتصنعون، من رزانة القول، فيزخرفونه تزلفا ًلمن يخاطبونه،أن يقال "ذو خلق" حتى إذا خلا أحدهم بامرأته، صار كالجلمود ثقيلاً،وصلداً،وذي بطش وجبروت.

ليست المرأة "عاريةً منسيةً" لديك؛ بل هي "أمانة"، وليست خادمة على كراهة بل هي "شريكة" ويحق لها أن تقبل أو ترفض، إن لم تجد أنك تصلح أن تكون "شريكا" فقد شاركتها بعقد،فإن رأت فيه ثلمة فسخته، وليس الطلاق في يدك ليكون سيفا مصلتاً على رقبتها، فتغصبها كرامتها،وانوثتها،وهناءها، بتهديدها به كلما دعتك إليه رغبة.

والمرأة كتلة وثَّابة،من العواطف الصادقة، المرأة زينة البيت وروحه الوثابة، وسكينته الدائمة المتجددة.... المرأة هدأته وجُنونهْ،المرأة "أُمّاً" كانت أو زوجاً، أو بنتاً أو أختاً،هي الملاذ من قسوة الخطوب،ومقارعة الدهر، يتنسم المرء من رقيق حديثها وإشفاقها،ما في الحياة من غضاضة ٍوندى،والزوجة أكثرهن قُرْباً، إذ يجوز لها، مالا يجوز لغيرها، من القرب والدنو، والتوغل، والاجتياح،بكل أشكاله فحتى جنونها وتَلَعُّبُها وخفتها في بيتها، هي من أكثر ما يزيل عن كاهل الرجل "جدية الجنون" خارج بيته. فاحفظوا وصية نبيكم صلى الله عليه وسلم (ما أكرمهن إلا "كريم"،وما أهانهن إلا "لئيم").



تعليقات القراء

50-50
Women are just as good if not better than men...stop the discrimination against women. Please join us in 2013 and stop living in the dark ages
12-05-2013 02:16 PM
ختام
like
12-05-2013 06:14 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات