غذاء لأبناءنا أشد خطرا من السرطان!


 كثير ممن يحاولون بناء أسرة تتمتع باستقلاليه ومكانة اجتماعية مرموقة يرددون مقولة "لا نريد ان يتدخل احد في تربية أبناءنا"!!! بل ويجرحون كبار السن كالأب ,والجد والجدة بقولهم هذا اعتقادا منهم بأهمية عدم تدخل الآخرين بتربية أبناءهم ثم يناقضون أنفسهم فيتركونهم الساعات الطويلة منعزلين مع الأجهزة الحديثة المختلفة وما تقدمه من برامج لا تخضع للمراقبة في غالب الأحيان, فإذا كان الآباء لا يريدون من أحد التدخل في تربية أبناءهم فلماذا يتركون أبناءهم فريسة لوسائل الإعلام المختلفة دون توجيه ؟وما نوع الغذاء الذي يقدمونه لعقول أبناءهم ؟

تلعب الأجهزة الحديثة بما فيها التلفاز دورا هاما في بناء منظومة القيم والعادات والأخلاق لأفراد المجتمع ,ولا ننكرالإيجابيات الكثيرة - التي لا ينكرها عاقل - للتطور التكنولوجي على حياة الإنسان وما تقدمه هذه الأجهزة من دور فعال في تسهيل المهام وتيسير المواصلات, والاتصالات ونقل المعارف ,وبناء العلاقات الجيدة بين أبناء البشر.

في المقابل نجد آثارا سلبيه كثيرة جدا لوسائل الإعلام المختلفة على الأطفال ,والمراهقين وقد سبب ذلك نمو وانتشار ظواهر مخيفة لم تكن موجودة من قبل كانتشار العنف والجريمة بنسب كبيره , وبشتى صورها وارتفاع نسب الأمراض التي لم تكن موجودة من قبل .

إن مكوث الأطفال ساعات طويلة أمام هذه الأجهزة يؤثر سلبا على الصحة النفسية والجسمية لهم , ففي الصحة النفسية يخسر المجتمع يوميا مئات بل آلاف الأطفال والشباب الذين يصابون بالانحراف الفكري, والأخلاقي والسلوكي مما ينذر بمستقبل مظلم للمجتمعات البشرية بأكملها حيث يسبب الإفراط في استخدام هذه الأجهزة الكآبة, والانطواء ,والعزلة والشعور بالإحباط وذلك بسبب المفارقة الكبيرة بين ما يشاهد وبين الواقع, حتى تعدى هذا الخطر إلى فئة كبار السن حيث تسبب في مشاكل اجتماعيه كثيرة وحالات من البؤس والفراق .

لقد اثبتت الدراسات التي أجريت في مراكز عالميه متطورة وجود علاقة مباشره بين عدد ونوعية البرامج التي يشاهدها الأطفال والمراهقين ,وبين ارتفاع نسبة الجريمة ,حيث يشاهد المراهق عبر حياته ما يزيد على عشرات الآلاف من الأفلام ,والمشاهد والصور التي تحث على الجريمة وتبررها, والأخطر من ذلك أنها تجعل المجرم لا يواجه العقوبة المناسبة ,فالأفلام التي تصور القتل ,والاغتصاب ,والسرقة ولاعتداء على الأموال العامة والسطو المسلح ثم لا ينال فيها بطل الفلم الجزاء العادل يتحول هذا الخيال حقيقة في أذهان الأطفال والمراهقين فيقلدون تلك المشاهد التي تسبب الدمار للأسر بأكملها فكم من مراهق طبق جريمة قتل أو اعتداء جنسي على إحدى محارمه بسبب مشاهدته لأفلام عنف أو أفلام إباحية ؟

وتشير الدراسات أنه كلما ارتفعت عدد الساعات، التي يخصصها الفرد للتلفاز يرتفع ميله إلى العدوانية, ولعل ما نشاهده ونعانيه في مجتمعنا وجامعاتنا, ومؤسساتنا التربوية المختلفة هو نتاج لتربية التلفاز والأجهزه الحديثه التي تحث على العنف والجريمة, ولا ننسى الصور ومقاطع اليوتيوب التي تنتشر بسرعة البرق ودورها في تحشيد الآراء الضالة ونشرها , وتحريش الفتنة والدعوة لها.

فهل نقوم بمسؤولياتنا نحن الإباء والأمهات بمراقبة المواد والبرامج التي يشاهدها أبناءنا ؟

يضاف إلى ذلك أن العدوانية ليست الأثر السلبي الوحيد الذي يلحقه التلفزيون والأجهزة الحديثة بالأطفال والشباب، فقد توصلت الدراسات إلى أن الأطفال الذين يواظبون على مشاهدة التلفاز أكثر من 4 ساعات يوميا هم أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالكسل, والبدانة وما ينتج عن ذلك من أمراض مختلفة مثل السكري, والضغط والتي تؤثر سلبا على صحة القلب والشرايين والصحة بشكل عام إضافة إلى ضعف التحصيل الدراسي والميل تجاه العزلة والخمول وضعف التركيز.

أخيرا لنستذكر قوله عليه الصلاة والسلام "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالإمام راع ومسئول عن رعيته، والرجل راع في أهل بيته ومسئول عن رعتيه، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسئول عن رعيته، وكلكم راع ومسئول عن رعيته" البخاري ( 853)

ولنتذكر أن أبناءنا هم زرع أيدينا فلنحرص على أن يكون الزرع طيبا لكي يكون الحصاد طيبا .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات