النفط العربي والأزمة الاقتصادية


معظم الدول الصناعية تعطي للطاقة الإستراتيجية القصوى في رسم علاقاتها مع الخارج. ومورد النفط يعد حقا من أهم الموارد خلال القرن الماضي وربما الحاضر من حيث عملية التزويد بالطاقة. ولقد حاولت بعض الدول البحث عن مصادر طاقة بديلة وفوجئت أنها ستعيق عملها من حيث الصناعة والتجارة والعامل التكنولوجي أيضا, لبطؤ عميلة العمل عليها وعدم استغلالها بشكل سريع كالنفط بصفته موردا جاهزا، لذلك لم يكن هناك أي حل سوى مواصلة العمل على استخراج النفط من الدول العربية والعالم ولذلك وللأسف الشديد أصبحت لفظة العربي في الغرب مرادفة تماما للفظة النفط نظرا لارتباطه بالعرب والتغير الذي أدخله إلى العرب من وسائل التكنولوجيا والتطور المختلفة عن طريق النفط فقط ! وتبقى بعض الدول النامية سياستها قائمة على النفط ولا تستطيع الاستغناء عنه حتى علاقاتها مرتبطة بالعمر الزمني في المخزون الاستراتيجي الذي تملك في احتياطها, والعلاقات أيضا بين الدول العربية قائمة أحيانا على إنتاج النفط, حيث لو تمعنت في العلاقات بين الدول العربية والولايات المتحدة تلاحظ أنها تأخذ شكل العلاقة النفطية الحميمة.

والسياسة الخارجية للولايات المتحدة تجد أن كل الضغط الدبلوماسي الذي تملكه وغيره لتعديل شكل قراراتها كي تحول الأمور إلى خدمة مصالحها, ولقد قامت الولايات المتحدة وما تزال تقوم بدور فعال لمتابعة مصالح شركات النفط العالمية (التي هي في أغلبية الأمر أمريكية)؛ ولكن والغريب في الأمر أنه وبالرغم من أن هذه الشركات تحبذ الظهور بأنها شركات متعددة الجنسية إلا أنها في الحقيقة عبارة عن مصالح مشتركة وهوية غربية على كافة الأوجه في اغلب الأحيان. ومن ناحية الاستثمار والتمويل كان لتلك الشركات قوانينها الخاصة حيث إن أقطار العالم الثالث بما فيها العرب ستظل محط أنظار الشركات المتعددة الجنسيات في مجال النفط وفي غيره من المجالات الاقتصادية وما يزال الغرب بالرغم من الخسارة الكبيرة التي تلقاها بسبب انخفاض أسعار النفط إثر هبوطه دولار الأربعين دولار يرفض تعديل النظام الاقتصادي الدولي الذي صيغ على نحو يخدم مصالحه بحيث يصبح أكثر عدالة متجاهلا كل الأزمة الاقتصادية ومتحديا كل عقبة يمكن أن تجير ضد مصالحه.

وعلى مدى سنوات ظل الناس يحذرون من أن إدمان العالم على النفط ستكون له عواقب وخيمة سواء على العلاقات السياسية بين الدول ومشاكل الاقتصاد والبيئة. حيث كان الحظر النفطي عام 1973 رسالة إنذار حول أنه مصدر مضر بالبيئة. وبعد أن عاود النفط تدفقه استمر الأميركيون في استهلاك النفط بنهم يفوق باقي الدول الصناعية الأخرى. وحاول رؤساء أميركيون مثل جيمي كارتر وجورج دبليو بوش تشخيص اعتماد أميركا على النفط المستورد من الخارج بشكل صحيح على أنه إدمان غير أنهم أخفقوا في حشد الإرادة السياسية لكسر حدة هذا الإدمان. وتزايدت أحجام السيارات الأميركية فيما تناقصت كفاءتها في استهلاك الوقود وتزايد بُعد الضواحي الأميركية عن بعضها البعض وأصبح البشر أكثر اعتمادا على السيارات من قبل وزاد عدد المسافرين 10 أضعاف خلال العقد الماضي. وتزايد ثراء الدول المنتجة للنفط وظهرت فيها المدن الحديثة حيث الأبنية الضخمة المصنوعة من الصلب والزجاج والفنادق الفاخرة ومراكز التسوق الكبرى.

إن هذه الأيام تمثل الذروة النفطية من الناحية النظرية وأن الطلب سرعان ما سيفوق قدرة شركات النفط على اكتشاف مصادر جديدة ما سيؤدي إلى استنزاف الاحتياطي ولكن ربما كل السياسات تختلف في بعض الأحيان حيث أن انخفاض برميل النفط إلى ما دون الأربعين دولارا يضع هذه السياسات والقرارات إلى الخارج اللعبة التي كان مخططا لها ولو أني لدي الشعور أن ذلك التخفيض هو جزء لا يتجزأ من الخطة . ولذلك من حق منظمة البلدان المصدرة للنفط(أوبك) أن تحتج بأن أسعار النفط تدفعها عوامل خارجية مثل ضعف الدولار والمضاربين. وهذه العوامل خارجة عن حد سيطرة المنظمة ولا يوجد أي سياسة تحميها. ومنذ سنوات يرفض المشككون هذه الادعاءات بوصفها تغطية على عدم رغبة المنظمة بشكل قوي في ضخ مزيد من النفط. ومع ذلك فإنه حتى المتشككين صاروا يعترفون بقوة تدفع الأسعار بعيدا عن أوبك في سوق النفط وهذه القوة يمكن أن تضر المستوردين بشكل اكبر بكثير من أي شيء تكون حاولت استغلاله أوبك على الإطلاق. وكما قال الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر "تهددنا كارثة قومية في المستقبل القريب.
إن أزمة الطاقة لم تقهرنا بعد ولكنها ستقهرنا حتما إذا لم نتخذ التدابير على الفور "وأظن أن هذا الكلام قد ورّث إلى الرئيس الأمريكي الحالي باراك اوباما لذلك يتبادر في ذهني سؤال حير كثير من الأمم هل نفط العرب للعرب أم هو للبشر كافة؟ .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات