أُخْرجُوا من بطن الحصان


بالونات الاختبار التي طارت بغاز التوطين والوطن البديل وتهويد اسرائيل وتهجير ما تبقى من أهل فلسطين منها الينا, ومن سوريا الينا, انفجرت في وجه أصحابها مفرزة فيما أفرزت ثلاثة مجموعات تعتقد كل منها أنها تمثل الأغلبية الشعبية وبالتالي فإن لها الشرعية في قبول او رفض ما حملته تلك البالونات.
الأولى, الأنصار الأردنيون الذين ولدوا وعاشوا في التضحية والايثار والعطاء وإكرام الضيف او الضيوف والتقاسم مع الجميع ما يملكون من القليل, وهؤلاء يرفضون بقوة أن يكون جزاء تضحياتهم وإيثارهم وكرمهم, نكرانا للجميل ونهبا لآخر حق لهم في وطنهم, بل وتقنين الهواء والماء عليهم وسلبهم الشعور بالأمان بقادم الأيام والخطط ومستقبل أبنائهم, وجعلهم لاجئين في وطنهم دون حتى سؤالهم أو طلب رأيهم. وهؤلاء يقفون بتحفز لتضحيات جديدة تنقذ لهم بقايا وطن.
الثانية, المهاجرون, الأردنيون منهم وغير الأردنيين او من هم بالطريق للأردنة, وهؤلاء أو معظمهم لا يحملون في دواخلهم ما يعارض خطط الكيان الصهيوني لتهويد الدولة, وإقامة الوطن البديل على أنقاض الوطن الأصيل, طالما أن في ذلك تحقيقا للمحاصصة المنشودة بل الاستزادة من الحقوق على حساب حقوق أصحاب الحقوق, وطالما أن في ذلك امتيازات جديدة لهم واستحواذا على المزيد من الاقتصاد والسياسة والاجتماع, وطالما أنهم يشرعنون بذلك تواجدهم وتركهم لفلسطين التي يتباكى عليها الكثيرون دون تحمل عناء الاحتفاظ او تجديد بطاقات الجسور من كل لون, وطالما أن هذه المؤامرة ستحقق لهم الديموغرافيا المنشودة من أجل أن تكون الأردن فلسطينا وفتات من فلسطين أردنا, كما يؤكد دائما قادة الكيان الصهيوني البغيض. وهؤلاء يعتقدون فيما يعتقدون أنهم يستعيدون حقا ويمسحون آثار مؤامرة عمرها عمر القضية الفلسطينية.
أما الثالثة, فهي تلك المجموعة التي لاتتعدى نظرتها سطحية عناوين العروبة والاسلام والأخوة ووحدة الأمة والوطن للجميع, دون الغوص في حقيقة الأشياء والطرح وبأن هذه القيم ليست الا حقا أريد به باطل في هذا الوقت بالذات والذي يحمل كل خبث الكون ومؤامرات الغرب والصهاينة للمنطقة وأهلها. وهؤلاء يتصرفون بعرف الضعيف المتلقي لا المبادر والأثر, ولسان حالهم يقول "اللي بوخذ امي هو عمي"
وبكل بساطة وموضوعية, لا نرى بدفع الولايات المتحدة الأمريكية بعشرين الفا من محترفي القتل والتعذيب والدمار من جنودهم الذين جمعوا الخبرة العملية سيئة الذكر في العراق وأبو غريب وغوانتانامو وأفغانستان واليمن والصومال, الى الأردن حقل تجاربهم الجديد, خروجا عن رسم جديد لخطوط جديدة تفصل بين الدول والدويلات القائمة والتي ستقوم على أنقاض ما عهدنا من سايكس بيكو منذ عقود.
الشرق أوسط الجديد, مصطلح جديد قديم تطور وتحور مع المستجدات والفصول, لكنه بقي بلبه وفحواه كما خطط له أصحابه لا يتعدى كونه مؤامرة على المنطقة وأهلها, من أجل استيعاب هذه الطفرة السرطانية الصهيونية التي ابتلي بها الشرق الأوسط والعالم, ومن أجل تمكين هذا الطارئ الخبيث من مصير المنطقة وعلى رأسها فلسطين, خدمة للمال الصهيوني القذر وتكفيرا عن ذنوب اوروبية تعود الى مجريات ومخرجات الحرب الكونية الثانية.
وقد سبق هذا الشرق أوسط الجديد الى المنطقة اقتصاد شرق أوسط جديد, جرد الدول من استقلاليتها ورهن قراراتها للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وغيرهما من مؤسسات العبودية العالمية, وديموغرافيا شرق اوسط جديدة قامت على الحروب والتهجير وضخ مشاعر الندّية والمنافسة والتعادي حتى, في نفوس سكان المنظقة, سيما وأن المنطقة تزخر بأديان وطوائف وعقائد وإثنيات متعددة.
الإحتلال الأمريكي الجديد للمنطقة والأردن لا يقوم على نوايا صديقة صدوقة تأخذ بالقليل المأمول من المصالح الأردنية ولا يحمل معه بذور تطور ايجابي وحداثة خادمة للمنطقة وأهلها, ولكنه الفرض الجبري وبالقوة العسكرية لواقع جديد وحدود خارطة جديدة سيدها حليفهم الصهيوني ومرتكزاتها استعمارا جديدا ونهبا منظما لما تبقى من خيرات المنطقة وثرواتها الطبيعية وتنفيذا لمقولة الصهيوني الأكبر العجوز, هنري كيسنجر, في بلقنة المنظقة.
فلا أهلا ولا سهلا بالمارينز والبلاك ووتر فوق أرضنا, وقد وطئتم جمرا وحللتم جندا سمرا لن تدع لكم دقيقة راحة او أمن على أراضيها.
الأردن ليس صومالا, ولكننا وفي هذا المقام والسياق نذكركم بالصومال وحقبة تواجدكم به.
أما أنتم ايها المتأردنون الذين أوصلونا الى حقبة الاستعمار الجديد, اقتصاديا وثقافيا وسياسيا وعسكريا, وإذ نؤكد لكم أن حرب الأقزام في قطر ليست حربنا, وتعملق الحَمَدان على سواحل تل الربيع وفي أحضان الرجس هناك لا يعنينا في شئ, ولا صراع الكراسي والطوائف في جارتنا الشقيقة سوريا هو صراعنا او ساحة تستهوينا, وأن الأردن لن يكون طروادةً لأحد ضد أحد من الأشقاء والجيران, فقد شاهت وجوهكم وخاب سعيكم, ولسوف ترحلون خاسئين خاسرين مع آخر أقرع من المارينز على "آلة حدباء" أو في بطن حيز ضيق جدا من الخشب الرخيص والمحكم الممسمره, ليحتفظ بعفنكم وفسادكم ما أمكن, وليتطهر منكم وطنا بات أنقاض وطن بعد أن سلبتموه كل مقومات الحياة الكريمة المستقلة, وضربتم بدوه بحضره ومدينته, وعشائره بعشائره ومعازيبه بضيوفه وسرقتموه هويته الوطنية النبيلة وزيفتم طعمه ولونه ورائحته.



تعليقات القراء

إلى .......
اخرج من بطن الحصان
والحق بالركب
22-04-2013 02:15 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات