النسور ورجل قتله مشروعه


وصفي التل رحمه الله كحالة عروبية نضالية جسد الفلسفة الوطنية الأردنية في مضامينها الحقيقية العميقة فلا يستطيع أحد أنكار نمطه الشعبي أو نظافة يده أو نهجه القومي وأيمانه بوحدة الهلال الخصيب أو تعلقه العاطفي بقيم النضال الفلسطيني باعتبار ان الأردني الوطني هو بالضرورة وطني فلسطيني وقد لقي من تشويه تاريخه ما لم يلقه احد فهو الرجل الذي قتله مشروعه ..

وصفي التل كان الوحيد الذي رفع هامته بوجه ( القاهرة ) عندما تطأطأت رؤوس الرجال واول من دعى لفتح الجبهة الخامسة بتسليح الشعب الفلسطيني وأطلاق المقاومة بالداخل وهو أول من عصى الأوامر العسكرية عندما كان ضابطا في الجيش السوري ورفض الانسحاب والاستسلام في معركة 1948 وجرى سجنه وطرده من الخدمة العسكرية واول من تبلورت على يده خطط التنمية والبنية التحتية في الاردن وهو الوحيد الذي تحمل منفردا كامل المسؤولية عن مرحلة تاريخية مفصلية ..

قصة عن وصفي التل تكشف مدى طهر الرجل وأيمانه الكبير بالوجود الأردني وحقنا في الحياة .. في العام 1967 بلغ المد الناصري في الأردن أوجه وكان ( جمال عبدالناصر ) يستطيع تحريك الشارع الأردني وقلبه عن بكرة أبيه بخطاب أذاعي من القاهرة وعندما أندلعت الحرب طلب عبدالناصر من الراحل الكبير الملك حسين الدخول فيها على أساس ألتقاء الجيشين المصري والأردني في صحراء النقب وقيام مصر بتأمين الغطاء الجوي وأن يوضع جيشنا العربي تحت تصرف القيادة العسكرية المصرية ..

التقديرات العسكرية كلها كانت تجمع على ان هزيمة نكراء ستلحق بالأمة وبالمقابل فأن الأردن كان قد توصل لأتفاق هدنة مع اسرائيل بعدم مهاجمة أي طرف للآخر .. بالنتيجة خرق الاردن الاتفاق مع اسرائيل ودخل في معركة خاسرة بعد ان قام عبدالناصر بتنفيذ كل الألاعيب السياسية القذرة على الشعوب واشبعها بوهم التحرير وضغط بشكل هائل على المملكة وكانت التقديرات الأردنية أننا سنخسر المعركة حتما وستضيع الضفة الغربية وربما ما هو اكثر ..

ما لا يعرفه كثير من الناس أن الملك حسين اجتمع مع وصفي التل للمشورة فكان رأي الأسد الأردني ما يلي ( تكليف وصفي التل بقيادة حكومة عسكرية يطلب منها الملك الدخول في الحرب ويقوم وصفي بعصيان أوامر الملك حسين وبعد انتهاء المعركة وتجنيب الأردن الثمن الباهظ بفقدان الضفة الغربية يقوم الملك حسين بأتهام وصفي التل بجرم الخيانة العظمى ومحاكمته ومن ثم أعدامه فنحافظ على الضفة ونحتوي الشارع .. )

الملك حسين رحمه الله رفض ذلك بشكل قاطع فمن يتم الحديث عنه هو وصفي وليس شخصا عاديا وكان رأيه أن مصر في جميع الأحوال ستفجر الداخل الأردني وسيتم قلب نظام الحكم لأننا سنتهم بالخيانة كبلد وسيتم تحميلنا مسؤولية خسارة الحرب حتى لو حافظنا على الضفة الغربية وسيتم حل القضية برمتها على حساب الوجود الاردني والأيام أثبتت أن موقف الملك حسين كان هو الأصوب والأبعد نظرا والأكثر حكمه ..

أما الوقائع العسكرية على الأرض فلم يتم تأمين غطاء جوي لقواتنا المسلحة وصدر أمر من القيادة العسكرية المصرية لجيشنا بالأنسحاب ( العشوائي ) ورفض نشامى الجيش هذه الاوامر وبقي جيشنا العربي المصطفوي يقاتل منفردا بعد هزيمة واستسلام جيش مصر عبدالناصر وسوريا البعث أما قصص البطولة والشرف فبقيت راسخة في الذهن فقائد كتيبة أردنية في نابلس أستطاع تأخير أقتحام لواء أسرائيلي للمدينة لمدة يوم كامل وبعد أن عجز قائد اللواء عن أختراق تحصينات الكتيبة أستعان مكرها بالطيران الذي حسم الموقف وعندما وقف على جثمان قائد الكتيبة الأردنية أدى هذا اللواء التحية العسكرية لجثامين جنودنا على بسالتهم وشجاعتهم وقتالهم المحترف ..

نعود لوصفي التل رحمه الله فالرجل عندما ذهب لمصر كان يعلم أنه ذاهب الى حتفه وكانت جميع المعلومات المتوفرة لمخابراتنا وقراءات الموقف وتقديرات السياسي والأمني والأعلامي كلها تصب في نفس الأتجاه ولكنه ذهب للدفاع عن الأردن ومصالحه ومواقفه رغم محاولات ثنيه عن ذلك حتى ان الملك الحسين رحمه الله وصل الى المطار وطلب منه عدم المغادرة لمصر ألا ان وصفي هو وصفي فأصر على المغادرة وكانت اجابته أن الأردن بحاجة لرجال الحق لتدافع عنه ولا يجوز للأردن أن يظهر ضعفا أو خوفا ..

ما أشبه اليوم بالأمس فالظروف التي يمر بها الوطن داخليا وخارجيا والتعبئة والعدائية تجاه الأردن ومحاولة جهات عديدة تفجير الشارع هي محاكاة للأوضاع في العام 1967 وما تلاها والسؤال الموجه لعبدالله النسور هل انت على أستعداد للتضحية بحياتك من أجل الأردن وقد بلغت الرابعة والسبعين ؟؟

هل وصلت يا نسور لمستوى أيمان جندي في الجيش العربي أو وصفي التل بالأردن وحقه في الوجود والحياة وهل انت على أستعداد للذهاب الى أقصى حد ممكن في الدفاع عن الأردن ومواقفه مهما كان من ثمن ومهما يكن من تشويه ؟؟ هل انت على أستعداد لكي تتهم بجرم الخيانة العظمى وأن تجر محاكمتك ثم يتم أعدامك ؟؟ ان لم تكن كذلك في هذه الظروف فاخلع ما برقبتك من أمانة للشعب وأعدها لجلالة الملك ..

بالطبع نفس الأسئلة الموجهة للنسور هي نفسها لا غيرها موجهة لكل قيادي في المعارضة ولكل مسؤول في الأردن وحتى لكل أردني هل لديكم هذا المستوى والأستعداد للتضحية ؟؟ من كان مستوى التضحية لديه في ظل هذه الظروف الأستثنائية أقل من ذلك فلا حاجة لنا به سواء أكان في الحكم أو في الشارع ..

شخصيا كأردني مدني أعيش بسلام ومثلي كثر أقول ليس عندي كلاشنكوف وليس لدي قنابل يدوية ولم أتدرب في أي مكان عسكري وحالتي هي مدنية بالكامل ولكن أذا ما جد الجد فوالله الذي لا أله الا هو لأقاتل دفاعا عن هذا البلد ولو بأسناني وأظافري فأما نصر مبين يفتح الله به على الأردن أو يكرمنا الله بشهادة تلحقنا بوصفي التل ورجال جيشنا العربي وما أفهمه وما أقرأه بعيون الشعب من شتى أصوله ومنابته انه سيقطع اليد التي تحاول أن تتطاول على الأردن ولا نامت أعين الجبناء ..



تعليقات القراء

الكرك
يا اخي وصقي وحابس حاله لا يمكن

ان تنتج ثانيتا
رد بواسطة الله محيي الكرك
اخطأت يا كركي فالنشميات اخوات الرجال ما عجزن ولا عقرن من ان يلدن الرجال
21-04-2013 11:24 AM
ابو ميرا
النسور لا يستحق ان يكون رئيس وزراء
21-04-2013 02:28 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات