الثقة بالمزاد العلني


منذ بداية الحياة النيابية في بلادنا وكاستحقاق دستوري تتم مناقشة البيان الوزاري لكل حكومة تطلب الثقة من البرلمان على اساس بيانها الذي هو يمثل برنامج الحكومة الاقتصادي والسياسي والاجتماعي حيث يناقش النائب في جلسة علنية ما للحكومة وما عليها ليخلص بالنتيجة الى منحها الثقة أو حجبها عنها او الامتناع عن التصويت ومعظم الحكومات لا تعتمد على بيانها الوزاري فحسب بل تلجأ للمشاورات خلف الكواليس واطلاق الوعود الممكنة والغير الممكنة والمتعلقة بمصالح شخصية لبعض النواب بالإضافة الى مساعدات لوجستية من جهات رسمية كثيرا ما كانت تقتصر على رجال الديوان الملكي والاجهزة الامنية ، وبتاريخ الحياة البرلمانية الاردنية
لم نشاهد كالذي يجري هذه الايام مع حكومة النسور الذي أغدق بالوعود ووجد من الدعم اللوجستي من الجهات الرسمية المشار اليها ومع ذلك فإن وضع هذه الحكومة وصل الى طريق شبه مسدود وأصبح حال الرئيس بوضع لا يحسد عليه حيث تكاتفت عليه الظروف وسوء الطالع لاسباب عديدة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي :-
اولاً : التعديلات الدستورية الأخيرة منحت تسهيلات باسقاط الحكومات أكثر من المرحلة السابقة لهذه التعديلات حين اعتبرت حجب الثقة من قبل من نصف النواب + واحد كافية لاسقاط الحكومة مضافاً الى ذلك ان غياب النائب أو امتناعه عن التصويت يعتبر بحكم القانون الحالي حجباً عن الثقة بعكس القوانين السابقة التي كانت تعتبر الغياب او الامتناع منحاً للثقة .
ثانياً : وجود نظام القائمة العامة والكتل النيابية التي شملت اكثر من 90% من اعضاء المجلس السابع عشر بالإضافة الى المستقلين قولاً لا فعلاً ومعظمهم قيادات ذات تجربة مقابل وجود حكومة لا تجربة لديها عملياً وتنحصر تجارب اعضائها بالتنظير كونهم يجيدون ذلك باعتبارهم أساتذة جامعات.
ثالثاً : من أسباب فشل معظم الحكومات هو عدم ضمها لفريق وزاري متناغم وكفؤ وكذلك عدم وجود برنامج وزاري واضح لديها لا يعتمد إلاّ على الانشاء والعموميات ، والحكومة الحالية وقعت في هذا المطب فلا برنامج ولا فريق وزاري . وظهر ذلك من خلال وضع الرئيس الذي يعمل ليل نهار ووزراؤه متفرجون لم ينقصهم الا ان ينتقلوا من مقاعدهم الى الشرفة .
رابعاً : وجود قانون جديد ومجلس يضم (150) نائباً غالبيتهم من المجلس السابق وبقيتهم من الشباب ، ومشكلة العدد الكبير تحتاج الى وعود كثيرة حتى لو كانت هذه الوعود جدية لما تمكن الرئيس من تحقيقها بالإضافة الى ان القانون الحالي كان يتطلب وجود حكومة برلمانية حصراً بمعنى الكلمة مما جعل الرئيس يتهرب من هذه الحكومة البرلمانية لعدة أسباب منها ان معظم النواب يطمعون بالتوزير حتى لو وزر الرئيس من الكتلة وزير واحد لطالب بهذا المقعد كل أعضاء الكتلة مما يعني ان بقية الكتلة سيحجبون الثقة عن الرئيس ان لم تكن غالبيتهم .
خامساً : كثير من الوعود التي طلبت من الرئيس أو تعهد بها كانت خارجة عن ارادته وتتعلق بالصالح العام وتؤدي الى كوارث واشكالات نذكر من هذه الوعود على سبيل المثال:
أ‌. وعد الرئيس لبعض النواب اللذين لهم قضايا منظورة بالمحاكم وتتعلق بالجرائم الانتخابية باغلاق ملفاتها مما يعني التدخل في القضاء وتشجيع للفساد السابق واللاحق وهذا على حساب سيادة القانون والمصلحة الوطنية.
ب‌. وعد الرئيس لبعض النواب أوالكتل أو القوائم بأن يوصل عدد منهم لعضوية مجلس الأعيان علما بأن من ادعوا بأنهم وعدوا بالعينية أكثر من 50 شخص وكأن الرئيس هو الذي يعين الأعيان . مثلما وعد الرئيس بعض النواب بتسليمهم حقائب وزارية بأول تعديل وزاري وعد به الرئيس دون ان يحدد الموعد الى ان أشترطت عليه كتلة وطن هذا اليوم ان يحدد موعد التعديل باليوم والساعة ، وهناك وعود أخرى تتعلق بوظائف الدرجة العليا لمحاسيب وأقارب النواب مع ملاحظة ترديد عبارة (تزريق النواب بالحكومة الرشيقة) على لسان الرئيس في عدة مناسبات .
ت‌. موضوع الجنسيات والأرقام الوطنية والوعود بها وكذلك منح الجنسية لبعض المستثمرين العرب خاصة العراقيين والتي يعمل بها بعض النواب كمصدر رزق لهم حتى ان بعضهم تقاضى على منح جواز سفر لأحد العراقيين مبلغ 50000 دينار قبل مجيء هذه الحكومة ووعد بعض العراقيين بأن يؤمن لهم الجنسية الأردنية بنفس الطريقة مع رفع التسعيرة ونرى من أقصد يعملون ليل نهار من أجل حث زملائهم على منح الثقة لهذه الحكومة.
سادساً : قضية اللاجئيين السوريين وعدم وضوح تعامل الدولة والحكومة مع هذه القضية التي أثقلت كاهل الأردن مادياً ومعنوياً ويكفينا أن نعلم ان بعض المواطنين الاردنيين يذهبوا للمعالجة بالمراكز الصحية الأردنية بهوية تأمين صحي لأشخاص سوريين مما جعل المواطن الأردني يخاطب حكومته قائلاً (انعمر بيوت الناس وبيتنا خرب) .
سابعاً : الحراك الشعبي الأردني يتزايد يوما بعد يوم ليتناسب طردياً مع تفاقم التردي بالوضع الاقتصادي للدولة والشعب مما يفسح المجال للمندسين المستغلين للحراكات الشعبية لتنفيذ أجنداتهم خاصة داخل الحدود وخارجها.
ثامناً : تردي الوضع الاقتصادي وزيادة المديونية وزيادة الاقتراض والسير تحت رحمة صندوق النقد الدولي ووصفاته بالإضافة لتضخم الفساد و مكافحته بالتصريحات وبالوعود دون ان نرى هذه الحكومة قد حولت فاسد واحد للقضاء وكأن مكافحة الفساد تعني مكافئة الفاسد.
وخلاصة القول أمام ما ذكرت وخوفاً من تفاقم الاوضاع واغراق البلاد بالمديونية التي تساعد على ما لا يحمد عقباه . وخوفاً من انقلاب الشعب على ممثليه بحالة منحهم الثقة للحكومة ورضوخهم للاغراءات على حساب المصلحة العامة على هذا المجلس ان يحافظ على وحدته الوطنية ويسقط الحكومة ويعمل على تشكيل حكومة انقاذ وطني من رحم البرلمان ممثلة لكل اطياف الشعب الأردني ومناطقه وبذلك يتحقق كثير مما يصبو اليه الشعب والقائد .
حمى الله الأردن والأردنيين وأن غداً لناظره قريب



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات