حوادثهم وحوادثنا


ما زال الحديث مستمراً عن محاولة الانتحار التي قامت بها ابنة ذيبان يوم الجمعة الماضي ورغم أن هناك المئات من الحالات المشابهه سنوياً في الاردن الا انها المره الاولى التي تأخذ فيها محاولة انتحار هذه المساحة الواسعه في مختلف وسائل الاعلام ، ربما لانها المره الوحيده التي تجرأت فاعلتها على أن تعلن عنها قبل تنفيذها .

انقسم العامة من الشعب بين متعاطف مؤيد لها رغم معرفتهم بحرمة قتل النفس وبين معارض لها ساخط عليها بعيداً عن الاعتبارات الدينيه غالباً ، حتى أن البعض منهم قد اعتبر هذا العمل ازعاجاً له لأنه لا يريد للفقراء أن يعبروا وبالطريقة التي يريدون عما يجول بخواطرهم نتيجة ما آلت اليه الاوضاع الماليه والاقتصاديه التي انهكتهم .

أما الخاصة من الناس أو من هم في موقع المسؤوليه فقد كان تعاملهم مع الواقعه بعيدا. عن العواطف سواء أكان تأييداً ام معارضه ، فقد سارعوا الى الاعلان عن دوافعها وهي ما زالت تمتطي قمة العماره فقالوا انها تحتج على رفض أهلها تزويجها ثم أتبعوا ذلك بقولهم انها تعاني من حالة نفسية مرضيه ، وبعدها جاؤوا بشقيقها وبعد خمسة أيام من الحادثه ليعلن أن شقيقته مصابه باكتئاب نفسي ناتج عن وفاة والدها .

هم فقط أرادوا ان يقولوا انها مريضه ليصوروا للعالم أن الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطن الاردني افضل بكثير من ان تدفع أحداً للانتحار وهم لا يعلمون ان محاولة ابنة ذيبان هي تعبير عن حالة البؤس والفقر والحرمان التي يعاني منها السواد الاعظم من ابناء الاردن .

لأنها من ذيبان ذلك المكان الذي يغص بالبؤساء والفقراء والمحرومين كغيره من مناطق الاردن المنسيه تناسوها .... فماذا لو كانت ممن استعمروا عمان الغربيه ... طبعاً ستختلف الطريقة التي سيتعاملون فيها مع الحدث ... سيشكلون اللجان المختصه ويسيرون المسيرات السلميه تضامناً وسيطلقون الدراسات الاجتماعيه والانسانيه للبحث عن الاسباب التي دفعت بابنة عمان الغربيه للتفكير بالانتحار رغم حالة الرخاء التي تعيشها فهي تملك من المال ما لا تعرف أين تنفقه ولديها من الالعاب ما يكفي لتسلية أبناء ذيبان بكاملهم ... تستهلك ما لذ وطاب من الطعام والشراب وبعد كل وجبه تلقي في الحاوية ما يكفي لاطعام اسرة كامله .. تركب افخم السيارات وتعتبر الباص تحفة نادره ...تلبس من الثياب احلاها ومن المجوهرات اغلاها .. وتقيم حفلاً لكلبها بعشرات الالاف من الدنانير .

أما حالة ابنة ذيبان فليست جديرة بالدراسة والبحث والتقييم وليس مهماً في أجندتهم أن يعرفوا الاسباب التي أدت الى ايصالها الى هذه الحالة من اليأس والكآبه بقدر ما كان همهم أن يثبتوا لنا أنها مريضه .

من خلال التعامل مع حالة ابنة ذيبان قفزت الى ذاكرتي حالة دهس وقعت لفتى في عمان الغربيه قبل عام عندما لاذ المجرم وقتها بالفرار حيث قامت الدنيا ولم تقعد فتشكلت لجان البحث والتحري على اعلى المستويات في مديرية الامن العام ثم اقيمت المهرجانات والمسيرات احتجاجاً والتي شارك فيها رؤساء وزارات سابقين ووزراء ونواب ثم اطلق صندوق يحمل اسم ذلك الفتى واطلقت بعدها الحملات التي تندد بحوادث السير مثل حملة كفى ثم انشىء نفق يحمل اسمه في عمان في الوقت الذي تعرض فيه الفتى مالك للدهس مرتين متتاليتين من سائقين لاذا بالفرار ايضاً فوجدت كم هي المسافة شاسعه وكم هي الفوارق كبيره بين هذا وذاك فهذا تقوم الدنيا ولاتقعد لاجله ربما لانه تربط بين اسرته والمسؤولين في البلد علاقات قربى او تجارة او نسب او لان اسرته من طبقة المجتمع الراقي في ضواحي عمان الغربيه بينما ذاك فان اهله طالبوا وقتها فقط بشدة حيل من رجال الامن العام للبحث عن الذين ارتكبوا الجريمة الشنعاء بحق ابنهم ربما لان والده قد يكون موظفا" بسيطا" او عاملا" او عاطلا" عن العمل ولان اسرته ربما لا تعرف اسماء المسؤولين او ربما لانه من طبقة المجتمع المسحوق في خريبة السوق وغيرها الذين لا حول لهم ولا قوه ولاتجارة ولا قرابة ولا صداقه مع مسؤول

نتوصل هنا الى حقيقة واضحة جليه هي أن الفقراء ليس لهم الحق بأن يحتجوا ولا يجوز لهم التعبير عن رأيهم وليس في أجندة مسؤولينا البحث والتحري عما اوصلهم الى ما هم فيه في الوقت الذي يستنفر فيه من هم في مواقع االمسؤولية اذا تعلق الامر بالاغنياء المترفين .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات