دعونا نحتج


شاهدت كما شاهد ملايين الاردنيون خاصةً و سكان الارض عامه على شاشات التلفزه محاولة الانتحار التي قامت بها فتاه في العشرينات من عمرها عندما اعتلت قمة عمارةٍ تتألف من اثني عشر طابقاً مهددةً بالقاء نفسها لتلاقي الموت هرباً من هذا المجتمع القاسي الذي تعيش فيه ، ورغم ان الانتحار محرم في الديانات الا انها اختارته طريقةً للتعبير عن احتجاجها على ظلم لحق بها .

أول الروايات الرسميه كانت ان أهل هذه الفتاه رفضوا تزويجها من الشخص الذي اختارته ليكون شريك حياتها ، ثم بعد ذلك جاءت الروايه الاخرى بأنها تعاني من حالة نفسية سيئه دفعتها الى هذا التصرف الغريب ، وما ان انبلج الصباح حتى تكشف لنا أن دافع تلك الفتاة لمحاولة الانتحار هو رغبتها الملحّة في إكمال دراستها، حيث أنها طالبة في جامعة الحسين بن طلال في معان. ولكن الظروف المادية القاسية لعائلتها تحول دون ذلك، حيث أنها مهددة بترك دراستها بسبب مصاريف الدراسة، ولا يوجد أي بصيص أمل. وأن الرواية الرسمية حول أنها غير سليمه عقليا ليست صحيحه .

بما ان هذه الفتاه طالبة جامعيه تعاني ظروفاً اجتماعية صعبه قد تقف في طريق دراستها وتحرمها من اكمال مشوارها فقد اختارت ان تعبر عن احتجاجها بهذه الطريقة العجيبه وأظن أن ما أرادته فقط كان لإثارة قضيتها ولفت أنظار المسؤولين إليها علها تجد أذناً صاغيه تساعدها على حل مشكلتها . ولا أظنها قد أرادت الموت فعلاً فهي طالبة جامعيه ولا بد أن تكون مدركةً لكُنه فعلتها وما قد تجلبه لسمعتها وسمعة أهلها إن هي ماتت ومات معها سر فعلتها وقد بدا واضحاً تحوير الاقاويل حولها من أول بيان للجهات المسوؤله حول دوافع محاولتها .

لقد رأت هذه الفتاه أن كل وسائل الاحتجاج التي مارسها الاردنيون لم تكن بالقوة التي توقظ ضميراً لمسؤول ، فقد تظاهر الاردنيون احتجاجاً واعتصموا احتجاجاً وكتبوا احتجاجاً وأضربوا عن الطعام احتجاجاً ولا مجيب فأرادت ان تجرب وسيلة جديده للاحتجاج وهي بالتأكيد ترى من زملائها وزميلاتها في الجامعه من يدرس على حساب هذه الجهة أو تلك او من هو مبعوث من هنا او من هناك وتجد نفسها قد حرمت من كل ذلك وهي ربما اتكون اجدر أو أحق من غيرها في أن تتلقى المساعدة لاكمال مشوارها التعليمي لتخرج الى المجتمع شاكرةً الوطن على ما قدم لها وليست كالذين ينهلون من خير الوطن ويتنكرون .

رأت هذه الفتاه ان الاعتصام والتظاهر والاحتجاج والاضراب عن الطعام لم ينفع عمال المياومه ولم يساعد حملة شهادات الدكتوراه ولم يدفع وزيرة الثقافه السابقه (وزيرة تطوير القطاع العام حالياً) الى أن تعتذر للشعب الاردني عن فعلتها بالتقاط الصور مع ذلك التركي الصفيق الذي اساء لنا منذ أن وطأت قدماه أرض الوطن بل تعدت ذلك للتباهي بأنها مستعدة لإلتقاط الصور معه ان سنحت لها الفرصه مرة اخرى ضاربة بعرض الحائط احتجاج المواطن الاردني وسخطه على هذا التصرف المشين .

رأت هذه الفتاه أن احتجاج خالد محادين على أداء مجلس النواب من خلال مقال كتبه قد قاد به الى أروقة المحاكم ليحاسب على احتجاجه الذي هو احتجاج الملايين .

رأت هذه الفتاه كيف أن وزير الزراعه السابق قد هدد بخصم مبلغ خمسين دينار من كل عامل يشارك بالاعتصام الذي دعت له لجنة عمال المياومه في العام الماضي للاحتجاج على اوضاعهم الوظيفية والاجتماعيه

كل هذه المشاهد مرت بمخيلة هذه الفتاه فوجدت ان ضمائر مسؤولينا تغط في سبات عميق أو هي مجمدة في ( فريزر) ويمنع استخدامها ما دام الامر يتعلق بالفقراء والمسحوقين والكادحين ، فأرادت أن تجرب طريقة فريدة للآحتجاج يكون لها وقعاً ربما يوقظهم أو يدغدغ مشاعرهم ليتنبهوا أن هناك شعباً أطال الصمت ومل الانتظار .

ما دمتم نائمون فلماذا لا تدعونا نحتج وبالطريقة التي نريد ودون ان تختلقوا لنا أسباب الاحتجاج بعيداً عن الحقيقة والواقع .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات