عندما تصبح الحكومة لا لون ولا طعم لها



لا مفاجئات في تشكيل الحكومة الحالية برئاسة كبيرها الدكتور عبدالله النسور الذي مر في مخاض كبير ناجم عن اعتذار عدد معتبرا من الذوات عن عدم المشاركة في هكذا حكومة. الحكومة الحالية يمكن تصنيف تشكيلتها بأنه توافق بين دائرة المخابرات العامة عبر تعيين المتعاونين والمتعاملين معها وبين الديوان الملكي الذي كافئ بعض الذين يدينون بالطاعة العمياء له والمستعدون لفعل أي شيء نعم أي شيء شريطة بقائهم في الصورة حتى لو كانوا على هامشها وبالطبع فإن مثل هؤلاء وزراء أقوى من عبدالله نسور وهم ملتصقون بمناصبهم وهم أبقى وأدوم من رئيس الوزراء لأنهم على ارتباط مع أولي الأمر في علاقة عجيبة ومثيرة للحيرة لدرجة أن أحد هؤلاء الوزراء وهو تحديدا الوزير العابر للوزارات و"مفكر" السياسة الخارجية الأردنية ناصر جوده أصبح التصاقه الإسطوري بوزارة الخارجية مثار فكاهة وتندر بين الأردنيين . أما ما تبقى من الوزراء وهم طبعا قليلون فيمكن أن يقال عنهم أنهم أصدقاء الدكتور عبدالله النسور وخلانه بغض النظر عن تصريحاته الإعلامية المنمقة ولغته الفصيحة.
الدكتور النسور يتحدث عن إمكانية انضمام نواب الى الحكومة وهو بهذا التصريح يقدم سلفا إغراءات تسيل لعاب بعض النواب للحصول على الثقة ويغري النواب بالمواقع الوزارية. الحكومة ليست برلمانية ولا تشبه أي حكومة برلمانية في العالم وهي تجسد ذات الحكومات السابقة بلباس فاضح وكاشف لعورات الفساد وشبهات التلاعب بمصالح الوطن . لا أعلم كيف يمكن لبعض الوزراء وهم قد تجاوزوا الخامسة والسبعون من العمر فاقدون للطاقة ويحتاجون الى من يقودهم الى مكاتبهم ويريهم الطريق كيف يمكنهم أن يكونوا رجال دولة يقودون المجتمع خارج أزماته المتعددة! بعض الوزراء هم من صيادوا الفرص الوزارية وممن لا يعدموا الوسيلة تواسطا أو تزلفا لأولي الأمر وللمخابرات العامة للحصول على هكذا موقع يتيح لهم إشباع النقص الواضح في حاجاتهم للمكانة "ٍStatus “ أو لترتيب أوضاعهم ومكتسباتهم الوظيفية والشخصية.
حكومة الدكتور عبدالله النسور حكومة تسيير أعمال ليس أكثر ولا أقل ولا يثق كثير من الأردنيين بهكذا حكومة ورئيسها وسيتم إسقاطها قريبا ولن تكمل عاما واحد وسيتم إسقاط مجلس النواب معها وسيقف النظام مذهولا ومحتارا حيث أن أدواته القديمة لم تعد تعمل بنفس الكفاءة والفعالية التي كانت تعمل فيها سابقا. الحكومة الجديدة لا لون ولا طعم لها ولكنها لها رائحة غير زكية رائحة يفوح منها المراوغة على الإصلاح ورائحة التدخل الأمني غير المرغوب فيه ورائحة عدم رغبة النظام في الإصلاح لا بل وميله الى الالتفاف عليه .
هذه الحكومة ستشكل مددا للمعارضة والحراك وستضيف مادة لا بل مواد جديدة تبرر الاحتجاجات والمسيرات الضاغطة على النظام لحل هذه الحكومة ومجلس النواب الضعيف وغير الشرعي وتشكيل حكومة إنقاذ وطني وإجراء انتخابات جديدة وفق قانون انتخاب عصري وتعديل الدستور وإعادة الصلاحيات الدستورية للحكومة لتمارس ولايتها العامة . تشكيل الحكومات ليست عملية تمثيل لمنطقة أو عرق أو قومية أو طائفة أو عشيرة معينة. الحكومة ممثلة بمجلس وزرائها هيئة من رجال دولة ناضجين أو ينبغي أن يكون لديهم النضج والمصداقية والرؤية والتاريخ المشرف على الصعيدين الوظيفي والسلوكي وهذا نشك بأنه متوفر لبعض شخوص هذه الحكومة. الأيام القادمة ستكون أياما صعبة حيث أن تشكيلة هذه الحكومة لا تخرج عن كونهم موظفين بذهنية بيروقراطية يعوز بعضهم التجربة وبعد النظر في حين يعوز بعضهم الآخر الطاقة الجسدية والذهنية ناهيك عن المصداقية. مشوار الإصلاح السياسي في الأردن يبدوا أنه سيكون طويل ويحتاج الى ضغط أكبر على النظام وقيادته حيث أن قيادة النظام السياسي هي محرك كل شيء في هذا البلد . الإصلاح قادم لا محاله ويبدوا أن النظام يفوت فرصة تلو الفرصة في إحداث هذا الاصلاح السلس أو الناعم حسب مصطلحات السيد حسين المجالي مخترع الأمن الناعم في الأردن والمنطقة العربية حيث تم مكافئته بمنصب وزاري تكريما له وامتصاصا لنقمة بعض أهلنا في الكرك ممن أزعجتهم تصريحات الملك الأخيرة والتي أطلقت مسميات ديناصورية على كبرائهم. الأيام القادمة ستكون حبلى بالأحداث ونرجو الله اللطف في قدره



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات