لا ادري ما الذي جرى في هذا الزمان الاقشر الذي يعيشه الاردنيين( البدو سكان الاردن الاصليين) , لكي يتم تصويرهم وكأنهم خارج معطيات الزمن , قدموا للاردن من كوكب اخر , لا يحملون فيه ادنى صفات البشر , حتى بات العبد فيه يتطاول على سيده , والذليل على الجليل ,والخائن على الامين ,والعميل على الاصيل, واللاجئ على الساكن, والاقرع على غزير الشعر, والجاهل على المتعلم , واعوج اللسان على ابن البادية فصيح البيان, والذي لم يعد بفضل الظالمين عزيز مكان .
فيا ابناء البادية لا تثريب عليكم اليوم , فانه الزمان الذي حذرنا منه سيدنا ونبينا وقدوتنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم ,عندما أشار لصحابته بأن من اهم علامات الساعة: أن يتطاول الحفاة العراة بالبنيان , وأن يتحدث الرويبضة في شؤون الناس,حتى يصدقون الكاذب ويخونوا الامين , ويشعر الصادق والشريف في وطنه بأن ليس له مكان ولا عنوان, وهو ما يشعر به الاردنييين هذه الايام.
فلماذا يحاول البعض ممن تربوا في أحضان الغرب وجامعاته تهميش وابعاد ابناء البادية( البدو سكان الاردن الاصليين) عن واجهة المشهد السياسي في الاردن , وكأنهم غرباء ودخلاء على هذا الوطن لكي يتم اقصائهم , حتى وصل الامر في تناسي البعض ممن يحاول العبث بأمن هذا البلد بأن ابناء البادية هم احد اهم مرتكزات هذا الوطن والحكم معاً, والذين لطالما كانوا ولا زالوا بمثابة السور العالي الذي حمى مؤسسة العرش وارض الوطن من عاديات الزمان وانياب الحيتان .
فابناء البادية لمن يجهل او يحاول التجاهل هم سكان البلد الاصليين وسيعودون يوما ما شاء من شاء وغضب من غضب , وليذهب من يعتقد بغير ذلك الى الجحيم غير مأسوف عليه , فالبدو ليسوا حمولة زائدة في باص أحد في هذا الوطن, فهم الرجال الذين لم يطعنوا الضمير بيوم ما ولكن بحماهم احتمى وارتمى طعين الضمير , ولم يدخلوا باب الخيانة فتاريخهم ابيض ناصع البياض لم حالة خيانة واحدة منذ نشأة الاردن قبل اكثر من 750 عام , وليس كما يحاول البعض تقزيمه على انه بنيان صغير العمر نشأ وتشكل وتأسس عام 1923 , فهذا قمة الافتراء على الاجداد والاباء , وخيانة عظمى لله ولدماء الشهداء.
بأن كل الكفاءات التي يدعي بالبحث عنها موجودة في هذا النسيج المهمش, الذي يحاولون تصويره وللاسف الشديد على انهم قطعان من السهل السيطرة عليهم واقتيادهم كما يشاء صاحبهم لسوق الحلال, بعد انتهاء صلاحيتهم واستبدالهم باخرين لانه لم يعد لهم مكان في زمن العبث الاخلاقي والبحث عن الكفاءات.
فهل تناسى رئيس الوزراء الحالي عندما صرح للاعلام بان حكومته هي حكومة كفاءات بأن كل الكفاءات التي يدعيها ويبحث عنها موجودة وبكثرة بين ابناء البادية الاردنية هذا النسيج المهمش وبمختلف التخصصات, فلماذا يتم تصويرهم على انهم لا زلوا يعيشون حياة البادية الاولى ,ولم تنجب امهاتهم الاطباء والمهندسين والطيارين الاكفاء البارزين واللامعين؟؟؟؟؟. نرجوا من الذين يعتقدون بأن صلاحية الاردنيين سكان الارض الاصليين قد اوشكت على الانتهاء فيحاول عرضه للبيع بالسوق بأي ثمن ان يراجع نفسه. وليعلم الجميع ان البدوي في الاردن ليس لديه ما يبكي عليه او يخاف منه, فالحياة والموت عنده سيان, وعلى اصحاب الاموال والقصور الخوف من القادم والذي نتمناه ألا يكون. وتذكوروا معي المثل المصري الصعيدي الذي يقول " قليل الادب هو اللي يسب الباشا", فهل القى المتطاولون على البدو نظرة على اسماء شهداء الاردن على مر التاريخ لعلهم يخجلون ويستحون من هذا الارث الكبير, وللعلم الهجمة على الاردنيين ليست جديدة فلقد شطبوا احتقارا وازدراءً اسم عوائل الشهداء من على النصب التذكاري في معركة الكرامة.
وقفة للتأمل:" مرة اخرى اجد نفسي مضطراً للغوص في اعماق شاعر العراق احمد مطر لتوضيح الصورة فأستعين بقصيدته رداً على الظلم والظالمين:
صحوة الطاغوت خمرة
والهتافات حشيش
آه لو القى على التاريخ نظره
آه لو حاول ان يدرك سره
لرأى ان الجماهير رياح , وعروش الظلم ريش
ولالفى كل فصل دموي
ينتهي دوماً بفقرة
يسقط الحاكم والشعب يعيش".
تنويه هام جداً: كلمة "البدو" في خطاب السياسيين في الاردن هي شتيمة مبطنة للاردنيين تدل على الاحتقار والازدراء.