فساتين الملكة أم مشاريعها وافكارها .. بين النقد و التشهير


ليس دفاعا عن الملك والملكة بقدر ما هو دفاع عن اخلاقنا التي لا تبيح الاتكال على سب الاخرين لمجرد اختلافنا معهم، وتغيب العقل بقدسيته وادواته التي تطالبنا بالتفكير.

في تصوريِ، فارقٌ كبيرٌ بين نقاش الملك و الملكة، افكارُهما، اعمالُهما، مقالاتُهما، وبين نقاشِ ملابسهما وقصةُ شعرهُما، ولونِ عينيهما.

فالأولى تتطلبُ رجالً أصحاء، أما الثانية تتطلبُ ذكوراً اغبياء، أعجبتهم نشوة الميكرفونات والخطابات والقاب الفراغ من وزن ناشط سياسي وحركي وغيرها، فهل مطلوب منا أن نكوُن أغبياء، حتى نكون أكثر عقلانية في مطالبنا، وهل مطلوب منا تغييب قوة الحجة و المنطق ؟ في الحقيقة لا اعتقد ذلك.
لهذا نقول: اتفقنا أم اختلفنا، لابد أن لا تصلُ حواراتنا، مطالبنا، و معارضتنا إلى حد الشخصنة، والرضا بما هو زبد على ما ينفُع الناس.
أحد الحكماء قال: العقول ثلاثة انواع:
عقول راقية تتكلم في الأفكار.
عقول متوسطة تتكلم في الأحداث.
عقول صغيرة تتكلم في الناس، هذا ما هو حاصل اليوم، مع غياب للعنصر الأول والثاني، فالأغلبية ترتكز في نقاشها على الشخصنة، لكنها تهرب من نقاش الأفكار والأحداث.

أي انِجاز ذك الذي يبحثُ عنه المعارضين - مع تحفظي على الكلمة - إذ يُركزون على الثانويات كملابس الملكة، مقابل تناسيهم الاساسياتِ كبرامجها التي هي أولى بالنقاشِ، سيما أن بابَ الاعتراضِ والانتقادِ البناء طبعا مازال مشرعاً في وطنيِ، لم يقمع، ولم يغلق ولن.

من يتكلُ على كيلِ الشتائمِ للملكِ والملكةِ، هو ساذجٌ، يفتقدُ إلى عنصرِ الوعي الذي يتوجبُ أن يتحلى به المعارضُ، فالشخصنةُ والشتمُ والسبابُ من الاستحالةِ بمكان أن تدعمَ حقوقاً أو تُعيدها، ومن يتكلُ عليها في الحقيقةِ هو لا يعي من أمرهِ شيئاً، كمن يهرف بما لا يعرف.

لا انُكر أنني أختلف مع الملك والملكة، هذا حق كفله الدستور، لكن، هذا لا يشرع لي توجيه الإهانة والسبِ عليهُما، كون الفعل يتنافى مع تربيتنا واخلاقنا ومبادئنا وقيمنا الأردنية وتعُاليم ديننا وانسانيتنا.
في السياقِ عينهِ، يعتمدُ الكثيرُ على مواجهةِ الملكةِ - رانيا - بمَلابسها حيثُ ينشرون صُورها ويشهرون بها مع أن الحقيقة زوجةُ الملك عبد الله، لا صفة سياسية لها.
من حقها كما غيرها أن تلبسَ ما تريد، كيفما تريد، فما نحنُ عليها برقباء، ولسنا آلهة للعقاب تستُوجب الطاعةِ، وما المعترضين على ملابسِ الملكةِ بأوصياء عليها، فهل يحق لاحدهم أن " يتنظز " معترضا على ملابسِ زوجتهِ أو أختهِ أو حتى أمه .
أعتُقد أن لا أحد يَسمحُ بذلك، وإن تَجرئ أحدُهم فإن حرباً عشائرية ستنشب، ومشاكلاً لن تنتهي، إن كنا لا نرضى تدخل الأخرين على محيطنا الاسري، لما نسمح لأنفسنا بالتدخل في شؤون غيرنا.
ثمةُ نساءٌ كثيرات، من صلبِ عشائرنا الأردنية، تلبسُ ملابس تكشفُ أكثر مما تغطي، فلما لا يعترضُ أحدٌ على ذلك، يوجد الكثير من الفتيات، من العوائل الرقية تفعلُ ما لا يفعلنهُ غيرهن، فلما لا يركزون عليهن.
لا أحد ينكرُ أن للشعبَ الأردنيَ حقوقاً يتوجب أن تُستعاد، لكن هذا لا يتمُ بإحلالِ السبابِ والشتمِ والقذفِ مكانَ الحوارِ والنقاشِ.
أي رجولة تلك التي تسمحُ لنفسها بشتمِ النساءِ، بحجةِ تحريرِ الوطن، وأي رجولة يجنيها هؤلاء عندما يحرقونَ صورةَ الملكِ أو علم الاردن.
كيفَ لنا أن نؤمنَ لهذه الفئاتِ غداً، بِصفاتها القائمةِ على الصوتِ العالِ والتهديدِ والترهيبِ بأنواعه، خُصوصا الترهيبُ الفكريِ ومشتقاتهِ.
يحقُ لأي كان الاعتراضُ على أفعالِ الملكِ والملكةِ والعائلةِ الهاشمية بِعُمومها، التي تتعلقُ بإدارةِ الدولةِ، هذا ما يتوجبُ أن يفعلَ ويعملَ على تقويتهِ، لأنه ينورُ الناسَ ويُعرفهم بحقوقهم.
نستطيُع مناقشة الملك والكتابة عنهُ بمنتهى الأدبِ والاخلاقِ، لكن لا يحقُ لأي كان أن يناقَشُه مثلاً : لِما لا " يصبغُ " شعرَ رأسهِ الذي غزاهُ الشيب.
هل من العقلِ بمكانِ، أن تتُركَ كلُ مصائب الأردنِ من فقرٍ وبطالةٍ وفسادٍ ليِتمَ التركيزُ على الاُمورِ الهامشيةِ.
والذي ينطبقُ على متعاطيِ هذه الاساليبِ ينطبقُ على من يُلقيِ الخطاباتِ والمقالاتِ والشعاراتِ والاشعارِ كما الاعتصاماتِ والمظاهراتِ التي تُبنىَ على أسس تعظمِ اغتيالِ الشخصيةِ، لا افكارها.
لنركز على افعالِ واعمالِ مثل برامجِ مؤسسةِ نهرِ الأردنِ، مدرستيِ، ،ملفاتِ التجنيسِ، ننتقدها إن كانت خيرٌ دعمناها، وأن شراً اعترضنا عليها.
ما دون ذلك لا يعدوا أن يكون مُنتجا غوغائياً مستورداً من جاهليةِ القرونِ الوسطىِ، لا تَزرعُ قمحاً ولا تنتجُ طحيناً، بقدرِ ما تخرجُ زواناً لا يَنفعُ الناس، فهي لن تسجنَ فاسدٌ، لن تعيدَ موردٌ، أو أرضاً، أو حقا سلبَ أو شركةً بِيعت ونُهبت.
ليس دفاعا عن الملك والملكة بقدر ما هو دفاع عن اخلاقنا التي لا تبيح الاتكال على سب الاخرين لمجرد اختلافنا معهم، وتغيب العقل بقدسيته وادواته التي تطالبنا بالتفكير.
صدق من قال: عدو عاقل خير من صديق جاهل.
خالد عياصرة
kayasrh@ymail.com



إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات