وخزة .. !


-فاقد الدهشة يسأل : هل من أردوغان عربي...؟
-أكيد أن النساء والرجال المتفاعلون سياسيا ، إجتماعيا وثقافيا على هذه الصفحة ، باتوا يعلمون ما أعانيه من صديقي اللدود فاقد الدهشة ، الذي يتقمصني ، ينفث خبثا ولؤما سياسيا ، يتصيَّد الأحداث والمواقف ، ليضع النقاط على الحروف ويكشف عورات أنظمة الحكم العربي ، حتى من تدثر منهم بعباءَة الإسلام ، ليس من منطلق الحقد ، التعرية من أجل التعرية ، إنما لتوعية الناس على حالة الهوان والخذلان ، التي ما يزال الحُكام العرب يُغرقون فيها شعوب الأمة.
-صبيحة هذا اليوم ، جاءَني فاقد الدهشة ، شامتا مرة ، فرحا أخرى ومتحديا أكثر...!
-تربع صديقي اللدود على الأريكة ، راح يمارس طقوس لعنته ، قهوة ، شاي ، سجائر ، برطمة وهذر ، وأنا مطنش إلى أن إلتفت إليّ وقال إسمع يا عبقر زمانك ، بالأمس رسم رئيس الوزراء التركي المعاني الأعمق لمفهوم الإسلام السياسي ، ومن ثم أصبح المتأسلمون العرب ، بدءأ بمرسي مصر ، غنوشي تونس وغيرهما من الحُكام المتأسلمين في الوطن العربي ، وكذلك الجماعات المتأسلمة الساعية للحكم ، في مأزق لا يُحسدون عليه ، وأنا أتحداهم اليوم ، إن فعلوا ما فعله أردوغان...!
-واه واه ، وماذا فعل الأردوغان ...؟ حتى يتحدى جنابك الحكام العرب والمُتأسلمين على هذا النحو المشين...؟
-قهقه اللعين ، لوى شفتيه ورسم إبتسامة شماتة صفراء ، وراح يردد ، بَعرف ، بعرف أنكم لا تقرأون وإن قرأتم لا تفهمون...!
-شعرت بغيظ من هذه الإهانات والتحديات ، وصرخت في وجه فاقد الدهشة ،،،ويحك يا رجل...! ألسنا المقاومة ، الممانعة ، الصمود ، التصدي وجايينك يا فلسطسين جايين...؟ وبعد كل هذا يأتي من يسخر منا...! ""ما حبيتها منك يا صديقي ""، فيبدو أنك مُتحامل على حكامنا...! وإن كان لديك ما تقوله ، أُدلقه الآن لأني بدي أروح أشتري خبز وبعض ما تيسر من طعام لهذا اليوم.
-أهّا ، فعلا أن ما يشغلكم بطونكم فحسب ، أما عقولكم فسابحة في الأوهام ، في الكيد لبعضكم وبفتن التشظي والإنقسام ...! ، ومع ذلك بسيطة ، سأحكي ، على أمل أن تفهموا هذه المرة ، وأن لا تتعاملوا مع السياسات الدولية بعواطفكم ، التي تؤججوها وتُشعلوا نيرانها في حمأة دفاعكم عن الحُكام العرب ، وخاصة المُتأسلمين منهم.
-إشتد غيظي من اللعين ، وكدت أصفعه ، لولا أنه تنحنح بسرعة ومج من سيجارته وقال:
-حتى وإن كنت على يقين أن أردوغان ، ما كان لينبش التاريخ العنصري للصهيونية بدون التنسيق مع أمريكا وبعلمها ، إنما حين يأتي توقيت إعادة التأكيد على عُنصرية الصهيونية ، إجرامها وفاشيتها في الوقت الذي تجري فيه ترتيبات زيارة الرئيس الأمريكي لأبرز ثلاث دول ""الأردن ، فلسطين وإسرائيل"" ،التي تُشكل في مجملها الخيار بين الحياة والموت ، السلام والحرب ، الأمن والفوضى ، ليس في هذه الدول فحسب ، بل وفي الشرق الأوسط والعالم على حد سواء ، فبهذا يصبح تفجير القنبلة الأردوغانية في هذا الوقت ، في مؤتمر فينا لتحالف الحضارت مُقدمة ذات مغازٍ يجدر التوقف عندها ، تأملها وفحصها وتفسير ما وراءَها.
-فأول ما أراه من غيايات هذه الصعقة ، هو لفت نظر شعوب الربيع العربي لأهمية وضرورة الضغط على حكامهم ، ليستيقظوا ويدركوا أن أمريكا ، حتى أمريكا تريد من الحكام العرب أن يُكشِّروا عن أنيابهم ، يتصلَّبوا في مواقفهم إزاء إسرائيل ، لتشعر إسرائيل بأن الخطر يداهمها ، وأن ثورة الشعوب العربية لن تتوقف قبل تحرير فلسطين.
-هذه المرة أنا من هققه وأبدى السُخرية من كلام اللعين ، وعاجلته بسؤال إستنكاري ، هل يعني أنك تريد إقناعي بأن أمريكا تريد من العرب ، أن يصفوا إسرائيل كأهم ولاية من الولايات المتحدة الأمريكية بالعنصرية ، الفاشية ، التمييز العنصري ، الجرائم ضد الإنسانية ، وتذَّكِر العالم بالمذابح التي إقترفتها في فلسطين وفي غير بلد عربي...؟ ، أم أنك أيضا تريد نبش قرار المحكمة الدولية تجاه جدار الفصل العنصري ، وربما يشت عقلق وتريد تطبيق وتفعيل معاهدة جنيف الرابعة ، التي يُمكن من خلالها شطب المستوطنات...؟ ، فعلا عجيب أمرك يا معتوه...!
-لم يأبه اللعين بكلامي ، وزيادة في الإستخفاف راح يقول ، بعرف بعرف أنكم جهلة ، وهذه مصيبتي معكم...!
-واو ، واو ، فهل مثلك من يُنكر علينا أننا أمة السيف ، وأننا حررنا القدس من الفرنجة ، وأن جيوش صلاح الدين ما يزال أحفادهم بين ظهرانينا ...؟
-فوجئت حين تحسس فاقد الدهشة جبيني ، ظنا منه أني أعاني من مرض أو صُداع ، ومن ثم شخر ونخر ، وعاد يقول:فعلا أنك تعكس تخلف هذه الأمة ، وليس لديكم سوى كان وكنا ودائما تنظرون إلى الوراء ، وعلى أية حال لقد زهّقتني اليوم وبدي أفرطها معك ، وأدب ما عندي ويجعلك ما فهمت وعنك ما إستوعبت.
-قلت: هذا أحسن ، إحكي وخلصني ، لأني فعلا عندي مشاغل أخرى
-عاد اللعين يقول ، فاهم عليك ، خبز وطبيخ ، هههها...!
-ورُغم علم اللعين أن طقوسه تستفزني ، مارسها وقال: أنا أدرك أن اليهودية العالمية ، هي من تحكم وتتحكم بالمفاصل الحيوية في أمريكا وغيرها ، وأن إسرائيل هي طفل أمريكا المدلل ، لكنك نسيت أن من واجب الأب والأم أن يحموا طفلهم من نفسه ومن عبثه وطيشه ، وهو ما تسعى إليه أمريكا وقد يصل سعيها حد تأنيب طفلها "إسرائيل" ، التي إن لم تتفهم مصلحتها بأن عليها أن تُدرك المتغيرات التي تجتاح الشعوب العربية والإسلامية ، وعليك يا فصيح أن تلاحظ قولي ، تجتاح الشعوب ولم أقل الدول ، لأن هذه المتغيرات ذات أثر سيكولجي ، بمعنى أن هذه الشعوب لم يعُد من السهل إحتواؤها ، بعد أن خرجت من شرنقة الخوف ، الذعر ، التقوقع والإنكماش ، وأن أمريكا وإن تمكنت حتى الآن من إحتواء الربيع العربي ، وسيطرت على الحكام الجدد لحد الإلتزام بمعاهدات السلام مع يهود والإعتراف بالكيان الصهيوني ، فإن لم تقتنص إسرائيل هذه الفرصة وتعقد مع الفلسطيين ، العرب والمسلمين معاهدة سلام الآن ، تُرسّخ بقاء الحكام العرب الحاليين ولو لعشر سنوات قادمة على أقل تقدير ، يتم خلالها عملية تطبيع بين العرب واليهود ، مشفوعة ببرنامج مرشال للشعبين الأهم الفلسطيني والأردني ، ودعم بقية الدول العربية الفقيرة من قبل السعودية ومشيخات الخليج ، فإن لم يتم هذا وبأسرع وقت فإن نهضة الشعوب العربية وحمأتهم الثورية ستفتح على يهود أبواب جهنم ، في الوقت الذي يصعب فيه على أمريكا أن تجتاح الحروب ، الفوضى والخلل الأمني منطقة الشرق الأوسط ، تزامنا مع نهوض مجموعة البرنكس ، وعدم إستساغة الشعب الأمريكي ، الأوروبي والعالمي لمزيد من الحروب في الشرق الأوسط ، وتنامي غضب شعوب العالم ضد إسرائيل وأمريكا بسبب إستعصاء عملية السلام مع الفلسطينيين ومنحهم دولتهم المستقلة.
-كاد كلام فاقد الدهشة وقد جاء مؤطرا بالعقلانية أن يُنسيني السؤال ، عن علاقة كل ذلك بحديث أردوغان ، وما أن هممت بطرح هذا السؤال ، حتى سمعت فاقد الدهشة يقول ، أعرف ما يجول في خاطرك فأردوغان هو الحليف الإستراتيجي لأمريكا وإسرائيل في الشرق الأوسط ، وأنه لم يعن بحديثه مناصبة العداء لإسرائيل ، بقدر ما هو يقوم بدور قارع الجرس ، وبوق إنذار أمريكي للعُصابيين اليهود وغطرسة المتشددين منهم ، الذين يُعيقون عملية السلام مع الفلسطينيين ، والدليل أن كل هذا يتم عشية وصول الرئيس الأمريكي للمنطقة ، وكي لا يُفهم إسرائيليا أنه قادم للإستجمام أو إشتياقا للقاء الأحبة ، فهو قادم لإعادة الصراع الفلسطيني ، العربي والإسلامي مع يهود إلى المشهد الدولي مجددا ، أما حين نقول أن أمريكا تتمنى على الحكام العرب أن يحذوا حذو أردوغان ، فإن مثل هذا الموقف إن تبنته الدول العربية والإسلامية ، فهو سيكون سلاحا بأكثر من حدٍ في يد أوباما ، فبينما يفت في عضد المتطرفين اليهود ، فهو يُشجع المعتدلين ، وغير ذلك هو حجة يضعها أوباما في وجه القيادة الإسرائيلية ، التي ليس في مصلحتها إيصال الشعب الفلسطيني إلى اليأس ، في وقت يُحمحم فيه الفلسطينيون لإشعال إنتفاضة جديدة ، قد تُفقد السلطة الفلسطينية قدرتها على السيطرة الأمنية في فلسطين ""الضفة الغربية وغزة"" على حد سواء ، وهي إتفاضة إن تأججت نيرانها في فلسطين ، فلا شك أنها ستطال شعوب الأمة بأسرها ، وهو ما تخشاه أمريكا على إسرائيل وعلى مصادر الطاقة وبقية مصالحها في المنطقة، ناهيك عن أن هذا الموقف إن حدث فإن فيه محتوى لا يستهان به ، إن من حيث تهدئة الشارع العربي ، ففيه أيضا نوع من الشعبية لأي قائد ومسؤول عربي ومسلم يتبناه ، وهو ما يؤذن بتسهيل وتسييل التسوية السياسية أو عملية السلام بين الفلسطينيين واليهود، التي سيأتي من أجلها إلى المنطقة الرئيس أوباما..!
-وحتى يقطع الطريق عليّ ، نهض فاقد الدهشة للرحيل ، وهو يقول: إن فهمتوا أو ما فهمتوا ، فكله عند العرب قُطين...! وغادر.
نبيل عمرو-صحفي أردني



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات