الزيارة الملكية الى موسكو .. بوصلة للمرحلة القادمة


زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني الى موسكو في الحادي والعشرين من شباط ولقاءه فخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلف الاضواء الاعلامية تشكل بعد مناقشة التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين خاصة في المجال الاستخباري والدفاعي خارطة طريق جديدة ومستجدة في المنطقة تحدد ادوار اللاعبين الرئيسين في مختلف ملفات الاقليم لا سيما الملف السوري والذي يبقى الاردن منهم، بعد ان تيقنت الولايات المتحدة الامريكية ومعها الدول الغربية بان موسكو اصبحت اليوم تحتكر الحل للازمة التي ادمت سوريا على مدى عامين ،وان الحل يكمن بالحوار بين النظام السوري واطراف المعارضة والنأي بعيدا عن الحل العسكري . ومن الاهمية بمكان ان نشير هنا الى ان الاردن وجلالة الملك شخصيا يرتبط بعلاقات صداقة حميمة مع الرئيس بوتين بنفس الوقت الذي يحظى به جلالته باحترام وتقدير قادة العالم وامريكا، حيث يحتفل هذا العام بمرور خمسين عاما على اقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وهذه المناسبة تكفي ان تكون دافعا لتطوير التعاون الثنائي في جميع المجالات ، حيث ترى روسيا دائما ان الاردن شريك مهم لها في المنطقة وتجري معه حوارات سياسية مهمة ، اضافة الى الزيارات المتبادلة واللقاءات العديدة بين قادة البلدين مما ساهم في توطيد العلاقات الشخصية بين جلالة الملك عبدالله والرئيس بوتين ولا شك ان العلاقات تتطور بشكل جديد وتركز على العلاقات العسكرية والتقنية .الزيارة بلا شك تتوج تحولا دراماتيكيا قد يشكل انقلابا في الموقف السياسي ليس فقط الاردني ، بل لمجموعة الدول المجاورة لسوريا بعد ان تيقنت امريكا ان الحل السياسي هو الوحيد وادراكها ان روسيا اصبحت تحتكر مفتاح الحل في الملف السوري ووضع حد لنزيف الدم هناك .ذهب الكثير من المحللين والسياسين خلال الفترة الماضية بعد الزيارة الى التكهن والتخمين حول ما دار في الجلسة المغلقة فمنهم من ذهب للتعاون العسكري وهو امر بديهي اذا عرفنا ان العلاقات في هذا المجال قائمة منذ سنوات وشارك الاردن في معارض للاسلحة في موسكو وليس سرا هذا التعاون ، في حين تطرق الاخرون الى دور اردني في المستقبل في الحل النهائي للازمة السورية وغيرها من التحليلات التي تدفعني بعد الاطلاع عليها للقول بان العناوين الرئيسية للقاء جلالة الملك -بوتين ركزت على محاور اساسية ثلاث وهي : سوريا خالية من جبهة النصرة المتطرفة وهو ما تتفق عليه روسيا والدول الغربية وامريكا ، التسوية في ظل النظام القائم في سوريا وعدم امكانية تقويضه في المرحلة الحالية لضمان العمل المشترك لتحقيق الهدف الاول واخيرا تسوية ملف اللاجئين واستثمار زيارة اوباما للمنطقة قريبا ومخاطبته بلغة واحدة في ملف اللاجئين والمفاوضات ونحن نعلم الدور الاردني الكبير الداعم للمفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية ودور روسيا كعضو في اللجنة الرباعية وامكانية استثمار علاقاتها مع امريكا لتسوية القضية. نعم الاوضاع في سوريا كانت حاضرة بقوة في المباحثات والملك يسعى من خلال لقاءته بالمسؤولين الروس الى اطلالة دقيقة على التصور الروسي لسيناريو المشهد السوري وهو ما تحقق لجلالته . لقد ادرك الملك ان الهدف الخامس بعد زوال نظام زين العابدين في تونس ومبارك وعلي عبدالله صالح ومعمر القذافي هو بشار الاسد وادرك ايضا تداعيات المشهد حال سقوطه في ظل تواجد التنظيم السلفي المتطرف ومقاتلي القاعدة والتيارات الاسلامية المتطرفة الاخرى على جبهات القتال ضد قوات النظام خاصة وان الاردن يشارك سوريا بحدود تتجاوز 370 كيلو مترا، ولربما اطلعت القيادة الروسية جلالته على ان الاردن سيكون الهدف الاسهل في حال سيطر الاسلاميون المتطرفون في سوريا ، الامر الذي يشكل دعما لجماعة الاخوان المسلمين في الاردن والتنظيمات المتظرفة الاخرى بهدف اعادة رسم الخارطة السياسية في المنطقة .فالزيارة جاءت مرحلة متقدمة للوقاية من خطر انهيار النظام السوري وتكمن اهميتها في الدور الذي يمكن لجلالة الملك ان يلعبه في احتواء الازمة والتوصل الى حل يرضي جميع اطراف الصراع خاصة وان الاردن ومنذ بداية الازمة احتفظ بموقف وسطي معتدل يلقى الاحترام والقبول من المعارضة السورية كما هو الحال من النظام فابقى على سفارته في دمشق وسفارة سوريا بعمان وترك حدوده مفتوحة مع سوريا واستقبل الاف اللاجئين وقدم لهم المساعدة اضافة الى علاقاته الطيبة مع الولايات المتحدة وبريطانيا والدول الاوروبية وتركيا وجميع هذه الظروف تؤهل الاردن بدعم روسي ان يكون اللاعب الرئيسي في المستقبل القريب ، وسنرى الانفراج والتحول الكبير على الحدود بين البلدين سوريا والاردن في خطوة ربما لاستضافة مؤتمر الحوار الاول بين المعارضة والحكومة السورية والتأسيس لانفراج الازمة باسرها وعودة الامن والاستقرار ، وما الزيارة التي سيقوم بها جلالته الاسبوع القادم الى تركيا الا خطوة في هذا الاتجاه، وسيقوم جلالته ايضا بالتواصل مع الاشقاء العرب وخاصة السعودية وقطر لدعم مسار المصالحة السورية وحقن الدم السوري عن طريق الحوار السياسي . المعطيات التي اعقبت زيارة الملك الى موسكو تصب كلها في التحول العالمي من الازمة والادراك القاطع ان الحوار هو السبيل الاوحد لتحقيق المصالحة ونبذ العنف واخلاء سوريا من التنظيمات الارهابية التي اصبحت تهدد امن واستقرار دول المنطقة وما لهذا من انعكاسات على الامن والسلم الدوليين وسيكون الاردن اللاعب والمحرك لهذه العملية بدعم عالمي .ومن هنا نستطيع القول بان الزيارة الى موسكو تعد بوصلة الحل في سوريا مع ضمان دور روسي في القضية الفلسطينية واللاجئين .
اما العلاقات الثنائية فلا شك انها حاضرة ايضا وتفرض نفسها بحكم الاتفاقيات المبرمة بين البلدين سواء في المجال العسكري وبناء المصانع والمحطة الكهروذرية ومشاريع اخرى تضخ روسيا من خلالها مليارات الدولارات لانعاش الاقتصاد الاردني الذي هو احوج ما يكون اليه في هذه الظروف العالمية الصعبة ، كما وتناولت المباحثات التعون العلمي والتكنولوجي والثقافي وتبادل الخبرات العلمية وفقا للبرنامج التنفيذي للتعاون الثقافي بين الاردن وروسيا ، اضافة الى تفعيل عمل اللجنة الاردنية الروسية المشتركة ومنتدى الاعمال الاردني الروسي لتنشيط وتسهيل الاستثمارات المشتركة بما ينعكس ايجابا على الميزان التجاري



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات